الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هل تتفقُ مصلحةُ الإخوان مع مصلحةِ مصر؟

حسام محمود فهمي

2012 / 11 / 17
مواضيع وابحاث سياسية


أعطى الإخوانُ رسالةً سريعةً، لا لبسَ فيها، مصلحتُهم هي الأولى بالاهتمامِ والسعي. بدأوا بالإفراجِ عن غُلاةِ التطرفِ والعنفِ وكأنهم لم يُحاكموا ويُدانوا؛ رسالةٌ مزدوجةٌ، لا احترامَ لحكمِ القضاءِ عندما يتعارضُ مع مرادِ الإخوانِ، أيضًا زمنُ التطرفِ والعنفِ باسم الدين آتٍ لا محالةَ. ثم، فتحوا المعابرَ مع غزة وتركوا الأنفاقَ على الواسعِ، ليمرُ منها من قتلوا مصريين ساهرين على الحدودِ، وليَنفُذُ منها من وما لم لا يجبُ أن يمُروا. خطوتان تبدوان في المقدمةِ، لكن سبقَهما الكثيرٌ.

الاستحوازُ على الإعلامِ المقروءِ والمرئي بدا قبيحًا فاجرًا كالِحًا، لجانٌ تُشكلُ لتعيين رؤساءِ تحرير تفصيلِِ، وزيرُ إعلامٍ أتوا به من مستودعاتِهم لفرضِ صِبغتِهم على كلِّ ما هو رأيٍ وفكرٍ، فضائياتٌ تُغلقُ مع تَعامى عن فضائياتِ التطرفِ والكراهيةِ الحلالِ، وزيرُ استثمارٍ استهلَ قعدتَه على الكرسي بتهديدِ الفضائياتِ الخاصةِ بدلًا من بحثِ ما مصر فيه من مصائبٍ، طبعًا التكويش على مستوى مجلسي الشعب والشورى فاقَ ما وردَ في كتب ألف ليلة وليلة. الوزراءٌ، ما لهم من وظيفة إلا تنفيذِ ما به يؤمَرون به بدونِ هَشٍ ولا بَمٍ ولا تَمٍ.

مصر الآن مسحوبةٌ لكلِ ما يُشتِتُها، ما بين إغلاقٍ مبكرٍ للمحلات كما وردَ في تعاليم قراقوش، ودعمٍ سينتهي، ومياه وكهرباء تُرفعُ أسعارُها سرًا، ومكالماتٍ على المحمولِ ستزيدُ تكلفتُها منعًا للكلام واللُكلُك، وحجبٌ خائبٍ للإنترنت وكأن التحكمَ من المنازلِ مستحيلٌ؛ أما عن القضايا الكيديةُ وتصفيةُ الحساباتِ فهي متصدرةُ العناوين. دوشةٌ وتشتيتٌ عن دستورٍ مستعجلٍ سريعٍ يُعدُ لأخونةِ الدولةِ، بالذوق وبالعافية، وكأن الدساتير وهي علمٌ قائمٌ بذاتِه تُبتَدعُ بمعرفتِهم، بمن لم يَدرِسوا ويَعلَموا، على مقاسِ الأغلبيةِ وليس لحمايةِ كلِ الحقوقِ والحرياتِ، ولو لأقلِ الأقليةِ.

ما يَلفِتُ النظرَ بأسلوبٍ مُنفرٍ كريهٍ، المتحدثُ الإعلامي لرئاسةِ الجمهوريةِ الذي لا يجيدُ إلا التبريراتِ الهَزليةَ الفارغةَ، على نمط أن الرئيس تغيبَ عن جنازةِ شهداءِ رفح حتى يترك الجماهيرَ تُعبرُ عن حزنِها بحُريةٍ، أو أن حراسة الرئيس الشخصية 500 فرد وبس!! أيضًا المتحدثون باسم الإخوان وصبيانُهم على الإنترنت الذين أصبحَ همُهم الأوحدُ الدفاعُ عن كل خطايا الإخوانِ، وكأنهم مُنَزهون مَعصومون، وكأن الباطلَ لا يعرفُ لهم طريقًا!! أسلوبُهم فجٌ لا أدبَ فيه ولا أخلاقَ. وإبن الرئيس، في المُقدرِ صاعدٌ بسرعة جدًا وبدري جدًا جدًا!!

لكن، كيف يؤتمنُ الإخوانُ على أمنِ مصر القومي وأجندتُهم ومذهبُهم لا تعترفُ بحدودٍ ولا وطنٍ؟ ألم يبدأوا بفتحِها مع غزة؟ ألم يرسلوا غاز مصر وكهربائها إليها على حسابِ شعب مصر؟ كيف تعملُ أجهزةُ المخابراتِ وأمنِ الدولةِ ضد الإرهابِ والتطرفِ ولمن تُسلمُ تقاريرَها؟ وعندما يضعُ الأخوانُ عليها يدَهم لمن يسلمونها؟ لتنظيمهم الدولي؟ كان الله في عونِ أجهزةِ الداخليةِ وقد حوربت عمدًا حتى تحلُ محلَها مليشياتٌ وهيئاتٌ لإجرامٍ بمُسمى نهيٍ عن المنكرِ.

البوصلةُ اهتزَت في يدِ القواتِ المسلحة، تطاولَ السُفهاءُ ومرضى النفوسِ عليها، جَرَحوها، بتشجيعٍ من الإخوانِ، بالقطعةِ، حسب مصلحتِهم؛ جيشُ مصر يُعاني الغَدرَ، داخليًا قبل خارجيًا، ممن يأخذُ أوامرَه؟ وماذا إذا تعارضَت توجهاتُه واعتباراتُه مع الإخوانِ ومذاهبِهم؟ هل تُساقُ مصر إلى حروبِهم؟ متى يكون الثأر لشهداء رفح؟ ألهذا الحد رَخَصَت دماؤهم؟ إسرائيل تفور براكينُها لمقتلِ مواطنٍ وعشراتُ المصريين يُغتالون بلا ثمنٍ رادعٍ. والآن سيناء تضيع فعليًا بالتعامي عما يحدث فيها وهو ما يمهدُ لا محالةَ لفصلِها عن مصر.

مصرُ لم تَثُرْ، لم تتغيرْ، إنها تَهبطُ لما هو أسوء؛ الصحف الحكومية والإذاعة المصريةُ وكذلك التليفزيون بقنواتِه تحولوا إلى علاماتٍ مؤكدةٍ لنفاقِ الحاكمِ، أيًا كان لونُه، ليس فقط بمدحِه ولكن أيضًا بغضِ النظرِ عن أخطائه، دلالاتٌ واضحةٌ على محنةِ مصر وحالِها، تمامًا مثل غيابِ الأمنِ والبلطجةِ في المصانعِ والشوارعِ. متى تبدأ مائةُ يومِ برنامج الإخوانِ الموعودِ؟ ما بدأت إلا الفَلفَصةُ والحَمرآةُ والتمَلُصُ والتحللُ منها، وإلقاءُ التهمِ كلما تَسربَت أيامُها وتوقفَ عدادُها، طبعًا مصرُ فيها مُغَفَلون، أهكذا يراها الإخوانُ؟ مصر تريدُ حياتَها وحريتَها والإخوانُ ما رأوا وأرادوا إلا بقاءهم، ولو على أنقاضِها.

الحكم الديني لا يورثُ إلا التقسيمَ والتفتتَ، هكذا كانت دروسُ التاريخِ وعِبَرُه، مهما غالطَ المنافقون وبياعو الوهمِ ومُزوروا الحقائقِ. لا نملكُ أمام مشهدٍ شديدِ القتامةِ أن ننضمََ إلى مرتزقةِ السلطةِ والواهمين والمخدوعين، بضيقِ أفقٍ تارةً وبجهلٍ أعمى تارة أخرى. من حقِنا وواجبنا أن نقلقَ على مصرِنا، لا بدَ أن نُذكرَ، حتى لو صُمَت العقولُ.

ربنا يستر، كيف؟ لا أعلم،،

مدونتي: ع البحري
www.albahary.blogspot.com
Twitter: @albahary








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: فكرة وقف دائم لإطلاق النار في قطاع غزة غير مطروحة ق


.. استقبال حجاج بيت الله الحرام في مكة المكرمة




.. أسرى غزة يقتلون في سجون الاحتلال وانتهاكات غير مسبوقة بحقهم


.. سرايا القدس تبث مشاهد لإعداد وتجهيز قذائف صاروخية




.. الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد يترشح لانتخابات الرئ