الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


جمهورية البجع السورية

زاغروس آمدي
(Zagros Amedie)

2012 / 11 / 17
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


لطيور البجع أنواع عديدة، سبعة أو ثمانية،صُنِّفتْ حسب اللون أوالحجم أوطول المنقار أوطريقة إلتقاطها لطعامها من السمك في الماء وغير ذلك، ونالت هذه الطيور إعجاب الكثير من الفنانين والموسيقيين والشعراء والكتاب والأقوام، ومنهم الفراعنة، حين اتخذوه رمزاً للآلهة لديهم ثم مالبثوا أن تعلموا من هذا الطير بعض الفوائد، كإختراع الحقن الشرجية فهذا الطائرالمعروف "بأبي منجل" وهو أحد أنواع البجع يقاوم الإمساك الناشئ من طبيعة ما يتناوله من الطعام بإدخال منقاره الطويل في دبره واستخدامه كالمحقن،لإستخراج الفائض من بطنه ليحافظ على رشاقته.
ويروى أن شجاراً نشب بين هذه الطيور حول تسمية موطنهم الأصلي، عندما أصرت البجع البيض بتسمية مملكتهم "بمملكة البجع البيضاء" لأنهم كانوا الأكثرية، ونتيجة لهذا الشجار تفرقت طيور البجع في مختلف القارات بعد أن إنهارت مملكتهم.

لنفرض أنك مررت ببياع عربية بسيط (كالبوعزيزي مفجر ثورة تونس والربيع العربي) عليها كومة كبيرة من البرتقال وكميات أخرى صغيرة من الليمون والتفاح والموز، وسألك أحدهم أريت بائع فواكه في طريقك؟ فإذا جاوبته: نعم هناك بائع برتقال، فستكون إجابة خاطئة، مع أن كمية البرتقال كبيرة، وبهذا الخطأ منعت الرجل من الحصول على الليمون أو التفاح أو الموز،والأجابة الصحيحة ان تقول: نعم هناك بائع فواكه.
لنفرض أنك صادفت إيرانياً ،فمن الطبيعي أن تعتقد بداهة ان هذا الشخص مسلم ، لأنه إيراني آت من جمهوية إيران الإسلامية،وبهذا الإعتقاد أكتسبت معرفة خطأ، بسبب التسمية الخاطئة فقد يكون هذا الإيراني مسيحياً او يهودياً او بهائياً او زرْدَشتياً.وبسبب هذه التسمية الخاطئة والسياسات الجارية لتفعيلها،استطيع ان أتوقع بأن إيران ستتمزق قريباً إلى دول عديدة.
عندما نذكر مصطلح"العالم الإسلامي" يخطر على بالنا بداهةً جميع المسلمين من عرب وفرس وترك ..الخ،ومع أن شمول المصطلح للعرب واضح مثل غيرهم من الشعوب الإسلامية،ومع ذلك يصر العرب دائماً إضافة كلمة "العربي" إلى المصطلح سواءً في أحاديثهم أو كتاباتهم وأنا أعتبر هذه الإضافة باطلة مثل التمييز العنصري لأنها تميز العرب عن سائر المسلمين،بينما تسمية منظمة المؤتمر الإسلامي تسمية صائبة،مع وجود أكثر من عشرين دولة عربية فيها.
في الغابة أنواع كثيرة من الحيوانات والطيور والزواحف،لذلك لم نسميها غابة الأسود او غابة القرود لأنه في هذه التسمية إقصاءً لسائر الحيوانات والزواحف والطيور.
وإذا كان المصريون القدماء قبل اكثر من أربعة آلاف سنة، قد عرفوا كيف يتعلموا من أبي منجل هذا الطائر الجميل بإختراعهم الحقن الشرجية،والتي بها بالإضافة إلى المقيئات حافظوا على صحة أجسامهم الممشوقة،فلماذا نحن السوريين لانحاول أن نستقيد من خبرات هذه الطيور لنحافظ على مملكتنا السورية التي يعيش فيها مجموعة أقوام وطوائف وأديان.

في مؤتمر اسطنبول للمعارضة السورية على ما أظن وكذلك في مؤتمر الدوحة الأخير منذ أيام، اقترح الوفد الكردي بإعادة التسمية القديمة"الجمهورية السورية" بدلاً من الجمهورية العربية السورية،وللأسف لم يلق هذا الإقتراح إي إهتمام من المؤتمر كما كان متوقعاً، لأن خمسين سنة من التهميش والإقصاء وفرض الرأي الواحد والقائد الواحد والحزب الواحد والإيديولوجية القومجية البعثية المتعفنه على الشعب السوري جعله محدود القدرة على التفكير ومفتقر إلى الحكمة والمنطق،لأن هذه الخمسون سنة غرزت في عقول ونفوس السوريين الكثير من المغالطات والرؤى الغير موضوعية والعديد من الظواهر السلبية كالتعصب القومي والديني والطائفي،وإنكاروجود الآخر على مساحة هذا الوطن،وتفشي ظاهرة الفساد حتى طال المجتمع السوري بأكمله، بعربه وكرده ومسلميه ومسيحيه بتجاره ومثقفيه وأحزابه،بأطبائه ومهندسيه،بمدرسيه وأساتذته،بقضاته ومحاميه، إلى أصحاب المهن الحرفية الحرة إلى بائعي ألبسة البالية على الأرصفة.
من هنا أجد أن ثمة تحديات كبيرة وصعبة ستواجه السوريين في الجمهورية الجديدة بعد زوال هذا النظام العتيق والفاسد، لكني مع ذلك متفائل بالجيل الجديد الذي اكتسب معرفة مختلفة عن الأجيال السابقة،من حيث الموضوعية والإعتراف بالآخر والأستماع إلى الرأي الآخر، وكون لديه ثقافة منفتحة وواسعة، وتجلى ذلك من خلال تعامل الشباب السوري مع بعضه بشكل عصري ورائع جدا على خلاف الكهول السوريين المتشرمذين هنا وهناك، والذين يحاولون أن يلهفوا الثورة من إيدي الشباب السوري الذي اتمنى له أن يشارك بفعالية أكبر على كل المستويات، ليكون له دور هام في الجمهورية الجديدة.

في سوريا تتعايش الكثير من الشعوب من عرب وكرد وآشوريين وسريان وتركمان وأرمن شركس وألبان(الأرنؤوط) وغيرهم.وبالتالي ليس من الصحيح أن نسمي هذا البلد بالجمهورية العربية السورية لأن ذلك ينفي وجود غير العرب في سوريا وهذا متعارض مع الواقع،ويلغي وجود غير العرب في هذا البلد.وإذا اردنا أن نستطلع الحقيقة،نرى أن الغالبية الساحقة من أسماء المدن والبلدات والقرى السورية هي أسماء غير عربية.حتى أن سوريا هي كلمة سريانية وليست كلمة عربية.

هل يمكن ان تصح هذه التسمية (الجمهورية العربية السورية)؟
يمكن ذلك في حالتين:
الحالة الأولى:القيام بتهجير غير العرب خارج سورية،وهذا من المحال، والحالة الثانية أن يقوم العرب بإبادة غير العرب وهذا أيضاً محال.
ماذا لو اقترح الإسلاميون أن يقتدوا بالملالي الإيرانيين بتسمية سورية بالجمهورية الإسلامية السورية؟ هل سيلقى ذلك قبولاً؟
قد لايمانع الكثير من السوريين هذه التسمية بل ويمكن أن تطيب لهم، لكن الواقع يتناقض مع هذه التسمية لوجود سوريين من غير المسلمين في سوريا، ولأن هذه التسمية تستدعي إفناء او إبعاد المسيحيين والإسماعليين والعلويين والدروز واليزيديين وغيرهم من سوريا وهذا أيضاً من المحال.
لذلك أرى أنه من العدل والأنسب والأصح أن نسمي دولتنا الجديدة بـ "الجمهورية السورية" أو "دولة سورية"، قياساً على الجمهورية العراقية، الجمهورية اللبنانية، الجمهورية الجزائرية، الجمهورية التونسية، المملكة المغربية، الجمهورية الموريتانية،مملكة البحرين، سلطنة عمان، دولة الكويت...الخ.
أما إذا أصرت القوى والأحزاب العربية ذات الطابع القومي المتشدد والمتعصب على بقاء هذه التسمية الغير صحيحة،فلا أظن أن ذلك من مصلحة الشعب السوري،لأن ذلك يبقي المشكلة مستمرة، وبقاء المشاكل دون إيجاد الحلول المنطقية لها يؤدي بالتالي إلى مشاكل أكبر،وبالتالي إلى أثمان أكبر لحلها،لأنه في النهاية لايمكن أن يصح غير الصحيح،وكلما عُجِّل بالحل الصحيح،كلما كانت التكلفة أقل،وما نحن فيه الآن لهو خير دليل على ذلك،ورحم الله قوماً عرفوا الحق فأخدوا به ولو على أنفسهم.

وتحية إجلال وإكبار إلى روح كل شهيد ناضل ضد الظلم والطغيان،والصبر والسلوان والعزاء لأهاليهم.
ولتحيا الثورة السورية.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الشرطة الفرنسية تعتدي على متظاهرين متضامنين مع الفلسطينيين ف


.. شاهد لحظة مقاطعة متظاهرين مؤيدون للفلسطينيين حفل تخرج في جام




.. كلمات أحمد الزفزافي و محمد الساسي وسميرة بوحية في المهرجان ا


.. محمد القوليجة عضو المكتب المحلي لحزب النهج الديمقراطي العمال




.. تصريحات عمالية خلال مسيرة الاتحاد الإقليمي للاتحاد المغربي ل