الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حاكموا الرئيس

هانى جرجس عياد

2012 / 11 / 18
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


مازال الرئيس الإخوانى محمد مرسى يجوب مساجد مصر خطيبا، ويصلى الفجر حاضرا، بينما دماء المصريين تسيل أنهارا على الإسفلت وتحت عجلات القطارات، وأنا لا أعرف لماذا لم تشفع صلوات مرسى لحماية الأطفال من الموت، تماما مثلما لا أعرف لماذا لم يرشد الله رئيسنا المؤمن لاختيار حكومة قادرة وقوية؟ ثم تأخذنى الحيرة وأنا أتساءل إذا كان مرسى اختيارا ربانيا، كما يتنطع سفهاء هذا الزمان، فلماذا كانت كل اختياراته بائسة وكل معاركه فاشلة؟
كنا نبحث عن حقوق المصريين فى دستور الجماعة الخارجة على القانون، فإذ بنا نجد أنفسنا نبحث عن جثث المصريين الذين قتلهم إهمال حكومة فاشلة عاجزة مرتعشة، اختارها رئيس لا يكف عن الوعظ والإرشاد، بينما وظيفته هى تطبيق القانون وليس نصح الناس.
دعونا الآن من كلمات العزاء وعبارات الرثاء، فنحن أمام جريمة بشعة راح ضحيتها خمسون طفلا مصريا، فى كارثة تعيد إلى الأذهان كارثة بورسعيد التى راح ضحيتها أكثر من سبعين شهيد، وتُحيى ذكرى شهداء الثورة المصرية الأبرار.
يوما ما وقف الرئيس محمد مرسى فاتحا صدره قائلا بثقة لا أعرف من أين أتى بها «دماء الشهداء فى رقبتى»، لكن مسلسل البراءة للجميع لم يتوقف، وقتلة شهداء بورسعيد أقرب ما يكونوا إلى البراءة، والمصريين مازالوا يلملمون أشلاءهم كل يوم من الطرق - وأخرهم خمسون طفلا، راحوا جمعيا ضحية إهمال وزير وتراخى رئيس.
لا تحيلوا كارثة مروعة إلى مسخرة، لا أعنى هنا عصام العريان الذى انتهز مناسبة مقتل خمسين طفلا لينعى البرلمان، فالرجل مريض وليس على المريض حرج، لكننى أقصد –أولا- محاولات تبرير الفشل. التبرير لا يعفى من المسئولية، كما أنه فى ذاته يثبت الفشل ولا ينفيه. والادعاء أن تركة مبارك ثقيلة يستدعى على الفور سؤال ومن الذى أجبرك على التصدى لتركة ثقيلة؟ فضلا عن أنه ادعاء يبدو أحيانا وكأنه كلمة حق يراد بها باطل، بعض تركة مبارك استدعاهم الرئيس محمد مرسى فى وزارته الأولى، وبعضهم حاضر فى الصفوف الأولى فى لقاءات الرئيس، كما أن جماعة الرئيس الخارجة على القانون استدعت بعض تركة مبارك فى تعيينات رؤساء مجالس إدارات وتحرير الصحف القومية، وبعض تركة مبارك من رجال أعمال لجنة سياسات ولى العهد أصبحت قبلتهم فى المقطم. لا يحدثنا احد عن «تركة ثقيلة» بينما هو يتعايش معها ولا يرف له جفن لاستمرار فسادها وإهمالها.
لا تحيلوا كارثة مروعة إلى مسخرة، وأقصد –ثانيا- كيفية التعامل مع الحدث-الكارثة، إذ لا يكفى أن يستقيل رئيس هيئة السكك الحديدية، ولا وزير النقل ولا حتى رئيس الوزراء. إحدى ذرى المسخرة أن تأتى بمسئول يقتل بإهماله أطفالنا، ثم يعود إلى بيته (أو إلى وظيفته السابقة) ويتقاضى معاش وزير!. وإحدى ذرى المسخرة أن تحاسب المهمل وحده دون من قرر تعينه فى منصبه وغض النظر عن إهماله وتراخيه، وربما فساده، أياما وأسابيع وشهورا مصبوغة بدماء ضحايا حوادث الطرق.
الرئيس المخلوع يمضى الآن عقوبة السجن المؤبد، ليس لأنه نزل إلى ميادين التحرير وقتل الشهداء، لم يقل أحد ذلك، وليس لأنه أصدر أوامره بقتل المتظاهرين، المحكمة لم تجد دليلا قاطعا على ذلك، لكنه استحق العقوبة فقط لأنه أهمل وتراخى فى أداء مهام وظيفته كرئيس للجمهورية، وفى مقدمتها حماية الأرواح والأنفس. وبالمقابل فإن حوادث الطرق والقطارات أصبحت مسلسلا يوميا منذ أن تولى الرئيس مرسى مسئوليته رئيسا للجمهورية، لكن الرجل أهمل وتراخى فى أداء مهام عمله كرئيس للجمهورية وفى مقدمتها حماية الأنفس والأرواح.
الرئيس هو من تقدم مرشحا للمنصب الرئاسى، ولا يجب، أن يتحمل من انتخبوه عجزه عن التعامل مع تركة لم يكن يعلم أنها ثقيلة، والرئيس هو من قال «دماء الشهداء فى رقبتى»، وإن لم يكن قادرا على التعامل مع تركة مبارك، فليتحمل على الأقل مسئولية كلمته.
دماء المصريين ليست رخيصة، بل قادرة على «هز العرش» وإسقاط الحاكم، ولكم فى دماء شهداء يناير ومؤبد الرئيس المخلوع عبرة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - اي مقال نصدق
محمد صلاح سالم ( 2012 / 11 / 18 - 16:37 )
اوافقك تماما في كل كلمه-ولكن سيادتك نسيت انك وفي ردك علي تعليق لي علي مقالك السابق طالبت باحنرام احكام القضاء حتي ولو كان فاسدا واليوم تصرخ متالما من مسلسل البراءه للجميع وتنعي عل مرسي سكوته علي ذلك
بالامس ذكرت اننا انتقلنا من مرحله الشرعيه الثوريه الي الشرعيه الدستوريه
والقانونيه التي تستوجب احترام احكام القضاء واليوم تصب جام غضبك علي
احكام تراها ظالمه وتطالب بمحاكمه مرسي لسكوته عليها علي الرغم اننا حسب ظنك
ودعنا الشرعيه الثوريه
الحكمه الذائعه ان اعرفوا الرجال بالحق ولاتعرفوا الحق بالرجال
اداء مرسي هزيل ونحن نكره الاخوان ولكن قرار اعاده البرلمان المنتخب سليم
وابعاد النائب العام قرار سليم والسكوت علي براءه قتله الثوار جريمه بحق الثوره
والشعب


2 - عندما نفقد أغلى شئ يسقط كل شئ
عادل أحمد ( 2012 / 11 / 18 - 18:13 )
صرح أب لأحد الأطفال الضحايا .. أنه ضرب إبنه ليذهب إلى المدرسة
فى أى من أنواع الجنون يعيش هذا الأب الأن ؟

لم يعد مرسى أو غيره قضية أحد .. لم تعد مصر قضية أحد
عندما نفقد أغلى شئ يسقط كل شئ

إنتظر زلزال

ولا تهتم بقوانين ولا دساتير ولا تقيم وزناً لأنظمة ولا ميلشيات ولا جيوش
ولا تكتب مقالاً تذكر فيه أسماء عاهات هذا الزمان ولا أحداث هذا الزمان
ولا تذيله حتى بأسمك إحتراماَ لذاتك ... فقد سقطنا جميعاً


3 - الأستاذ محمد صلاح سالم
هانى عياد - الكاتب ( 2012 / 11 / 18 - 19:25 )
عندما تقرأ بعين المتربص لا تستطيع أن تضيف شيئا، ولا حتى أن تستوعب ما قرأت، ربما تختلط الأمور فى ذهنك، فتعلق على مقال لى بناء على ما قرأته فى مقال أخر. أنا يا سيدى لم أطالب بمحاكمة مرسى لأنه صمت على أحكام البراءة للجميع، أرجو أن يكون لديك متسع من الوقت لتقرأ ما كتبت مرة أخرى وتعرف لماذا أطالب بمحاكمة الرئيس، وأرجو أن تختلى بنفسك قليلا لعلك تتذكر من هو الكاتب الذى طالب بمحاكمة محمد مرسى بسبب أحكام البراءة للجميع، لتذهب وتعلق عليه. ثم أن هناك فارقا بين أن تقول رأيا فى حكم قضائى وبين أن تتمرد عليه وترفض تنفيذه، أنا لست مما يؤمنون بمقولة (لا تعليق على أحكام القضاء)، لكن التعليق شيء والتمرد على الحكم شيء مختلف تماما، انا علقت على الحكم، والرئيس مرسى تمرد عليه. ثم أن القضاء ليس مسئولا عن مسلسل البراءة للجميع فالقاضى يحكم بما لدية من أوراق ومستندات وأدلة، وهذه بحوزة مؤسسات الدولة التى يحكمها الرئيس مرسى، وعندما تتقاعس أو تتواطأ، وتحجبها فعلى الرئيس أن يمارس سلطاته فى التعامل معها، وأظن أنه لم يفعل. وأخيرا ألمح أنك تقتفى خطى عصام العريان، تنتهز مناسبة مقتل 50 طفلا لتنعى برلمان باطل.


4 - المزلقان والقضاء
محمد صلاح سالم ( 2012 / 11 / 18 - 20:13 )
عندما تذهب التحقيقات لقاضى جنائي وبها نقص فاضح بوسعه ان ينحيها جانبا ويعيد التحقيق بانتداب قاض تحقيقات وبوسعه ايضا ان يتنحي عن نظر القضيه
بدلا من يصدر احكاما تبرئ جناه مجرمين يعلم تماما انه لولا تواطؤ جهات التحقيق
لالتف حبل المشنفه حول رقبتهم-اذن مهرجان البراء للجميع ليس بعيدا عن فساد القضاء والنيابه العامه والنائب العام
وكل التحقيقات جرت في وقت ولايه المجلس العسكري لشئون البلاد وقبل تولي مرسي للرئاسه وهذا للعلم فقط وليس دفاعا عن مرسي الذي يظن الكاتب انه يوجه اليه ضربه قاصمه بعد حادث المزلقان ويتهم المعلق علي مقاله بالقراءه المتربصه
وكان ان الحادث لم يكن ليقع لو جاء اي رئيس اخر غير مرسي وتلك هي القراءه المتربصه للاحداث
ثم من هذا العريان الذي تسود من اجله المقالات والاولي ان يوفر الكاتب جهده للحديث عما هو اهم من مهاترات العريان
ومادام الاستاذ عياد يضيق بالنقد فنحن نعتذر له ونعده بعدم الاقتراب بالتعليق علي مقالاته مستقبلا ونتمني له التوفيق

اخر الافلام

.. الضفة الغربية: قتلى فلسطينيين في عميلة للجيش الإسرائيلي بقرب


.. غزة: استئناف المحادثات في مصر للتوصل إلى الهدنة بين إسرائيل




.. -فوضى صحية-.. ناشط كويتي يوثق سوء الأحوال داخل مستشفى شهداء


.. صعوبات تواجه قطاع البناء والتشييد في تل أبيب بعد وقف تركيا ا




.. قوات الاحتلال تنسحب من بلدة بطولكرم بعد اغتيال مقاومين