الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عاشوراء ليست عيشاً في الوراء

علي فاهم

2012 / 11 / 18
مواضيع وابحاث سياسية


عاشوراء ليست عيشاً في الوراء
لم تنل عاشوراء المجد إلا لأنها ثورة ...
فمن يريد أن ينزعها لباس الثورة فهو ينزعها مجدها ...
كانت و مازالت ثورة الطف نبراساً ينير درب الأحرار الرافضون للظلم في كل زمان و مكان , فلم تكن عاشوراء محطة استقرار و حط الرحال بل كانت ناصية للانطلاق و منار هدى لكل الثورات و مسيرات التحرر , و لكنها حالها كحال كل تغيير لا تبقى كما أريد لها الثائرون فمع تقادم الأزمان و الا
بتعاد عن مصدر الضوء يدخل فيها ما ليس فيها و يشوب أهدافها الكثير من الشبهات عندما تغدو هي الغاية بحد ذاتها و تتحول من وسيلة للتغيير الى محطة للسكون و الرضوخ للواقع وعندما يضرب حولها سور من القدسية الفضفاضة التي تتمدد و تتسع بأضافة طقوس و مراسم غريبة عنها لتتمحور حولها الثورة فتفرغها من محتواها و تحرفها عن غاياتها و أهدافها الحقيقية .
الثورة هي إنتفاضة على الواقع و رفض للرضوخ و الإنحناء للضروف المكبلة لأيدينا و أفكارنا و لهذا يسعى من يخافون الثورات الى تجريدها من سلاحها الوحيد و هو التغيير لأنه ببساطة يعني سحب البساط من تحت كراسيهم التي بنوها على جماجم الثائرين و الرافضين لحكمهم , كان البعثيون في العاشر من محرم مكلفين من قبل قاداتهم أن يخترقوا ركضة طويريج تلك الصرخة الملبية لنداء الحسين الخالد ( ألا من ناصر ينصرنا ) و كانت وضيفة هولاء البعثيين هو أن يحرفوا شعارات الأنصار من الثورية الملهبة للحماس الى شعارات فارغة خاوية تداعب اذهان السذج من الناس , يقول أحد البعثيين إننا كنا مكلفين أن نردد شعارات معينة مثل ( ياعباس جيب الماي لسكينة ) بدل شعار ( أبد والله ما ننسى حسيناه ) و كان الكثير يرددون ورائنا ما نردد دون أن يعون ما وراء هذه الشعارات ,انتهى , و لكن الواعون من أنصار الحسين كانوا يعيدون الموكب الى مساره الصحيح , فمثل هذه المحاولات غايتها تفريغ الثورة من ثوريتها و سلبها مقومات التغيير لتسقط في مستنقع الخرافة و الطقوسية الفارغة , فالبعث لم يتمكن من إخماد الثورية في نفوس الناس رغم كل محاولاته المتكررة و العنيفة و الوحشية غير المسبوقة حتى تحولت الشهادة الى غاية لا تتسامى معها باقي الغايات فأصبحت ثورة الطف تشع على الثوار نور الشهادة و بات الحسين قائداً في طفوف جديدة .
و ربما يدافع (من لم يستوعب ثورة الإمام الحسين عليه السلام ) عن بعض الطقوس الملصقة بالثورة و يحسبها أنها هي الثورة بوجه من يحاول تنزيهها و تصحيح مسارها فيدخل أبنائها في نزاع داخلي وتزرع الفرقة بينهم لينشغلوا عن غاياتهم الأصلية فتشتعل حرب استنزاف داخلية تأكل الأخضر و اليابس و هذا يصب طبعاً في صالح أعداء الثورة ,
و أخيراً يجب إعادة قراءتنا لملحمة عاشوراء في ساحة الفكر الحر لنختبر تاثيرها و إسقاطاتها على واقعنا السلوكي الجمعي و الفردي و علاقاتنا المجتمعية , يجب أن نقرأ ( الحسين ) في إطار الإجابة عن السؤال المنطقي الذي يفرض نفسه , ماذا أراد الحسين بثورته ؟ و ماذا يريد منا ؟ أنا الذي أدعي أني حسيني مبدأي , فهذا المدعى يوجب أن يكون ( الحسين ) لديه مثالاً أعلى يحتذي به لا أن يَلبسُ عاشوراء رداءاً بالياً في أيام معدوداتٍ , و سلوكه يزيدياً أموياً بأمتياز , مهما كان صراخه بحب الحسين , فالحسين ينظر الى سلوكنا و أفعالنا لا الى ما نرتديه و ما تلقلق به ألسنتنا العارية فالحسين في التعرف اليه هو مختصر في كلمة ( مسلم ) بكل ما تحمله هذه الكلمة من مضمون فمن يقفز على هذه العتبة و يتجاوزها عليه أن يغسل يديه من دم الحسين أولاً ثم يتجه صوب كربلاء .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسين بن محفوظ.. يصف المشاهير بكلمة ويصرح عن من الأنجح بنظره


.. ديربي: سوليفان يزور السعودية اليوم لإجراء مباحثات مع ولي الع




.. اعتداءات جديدة على قوافل المساعدات الإنسانية المتجهة لغزة عب


.. كتائب القسام تعلن قتل عشرين جنديا إسرائيليا في عمليتين شرقي




.. شهداء ومفقودون بقصف منزل في مخيم بربرة وسط مدينة رفح