الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بعد الأرز في بيروت، النسر المصري يستعد للإقلاع: استغلال الفضائيات لمآرب ثورية

هويدا طه

2005 / 3 / 10
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان


شكراً للقنوات الفضائية! لنقلها مشهد الأعلام الأوكرانية في شوارع أوكرانيا، إلى كل بيت عربي، حيث شاهد المواطن العربي.. ومن ثَمْ(تأمل)مدينة.. لفها المطر والجليد، ومع ذلك لم ينم الناس فيها.. ووصلوا ليلهم بنهارهم، وخرجوا بأعلامهم البرتقالية الشهيرة، وفي بالهم أنهم يتحدون حكومتهم في معركة داخلية، دون أن يدركوا أنهم يشرحون للعالم الثالث.. كيف يقوم أهله بثورةٍ.. سلمية حداثية تليفزيونية! وكيف يضبطون ويُخرِجون المشهد.. كي يؤثر في مسار الأحداث، وكيف يستغلون ثورة تكنولوجيا الاتصال.. ويسخرون كاميرات الفضائيات، لمآرب ثورية!! على ما يبدو.. فهمها بعض المواطنين العرب وهي طايرة على أجنحة القنوات الفضائية! فقام المواطن اللبناني بعرض التطبيق الأول! وخرج إلى الشوارع فلم ينم، وظل مشهد الأعلام اللبنانية بلونيها الأحمر والأبيض، وشجرة الأرز تزهر في وسطها رغم شتاء بيروت، مشهداً يعطي الدرس الأول في نسخته العربية! ويقدم عرضا يشمل في مضمونه(دورة تدريبية)بقى أن يقلدها الآخرون! بعد أن يفيقوا من دهشتهم وما أصابهم من ذهول.. سببه(استكثار)المواطن العربي.. أن يفعلها بعضٌ من أهله!
وإذا كانت(الحالة اللبنانية)بالذات، لها قوانينها الخاصة، بحيث لا يمكن فهم ما حدث بلبنان على أنه(حركة شعبية خالصة)، فهي حالة معقدة يمكن فهمها في إطارين مختلفين: الأول هو ذلك الشيء(الخفي)الذي يحرك الأحداث لخدمة جهاتٍ أخرى، قد لا يكون لبنان من بينها بالضرورة! مستغلاً ضيق اللبنانيين من التطفل السوري على بلدهم، كي يحركهم ويلهب حماسهم.. ثم يستغله لخدمة مشروع ٍ.. ربما يكون مخالفا لما هو(معلن)، حيث اشتد حماس الشارع اللبناني .. لصالح هدفٍ معلن هو جلاء القوات السورية من لبنان، لكن الأحداث قد لا تقف فقط عند تحقيق هذا المطلب المشروع، فهناك إسرائيل وأمريكا وشبح الحرب الأهلية، وغير ذلك مما ستتكشف عنه الأيام المقبلة،
إلا أن الإطار الثاني الذي تفهم فيه أحداث لبنان.. ربما يكون الأهم إقليمياً، تلك اللحظة التاريخية التي تتحرك فيها جماهير شعبٍ عربي.. أنظر لماذا تتحرك.... لإسقاط الحكومة! إسقاط الحكومة؟! هل تصدقون أن هذه العبارة الإخبارية.." تظاهر الشعب من أجل إسقاط الحكومة، فدفعها إلى تقديم استقالتها"، هذه العبارة الإخبارية.. تقال الآن في كل نشرات أخبار العالم من أقصاه إلى أقصاه.. وصفاً لشعبٍ.. عربي؟ هل تصدقون ذلك؟! هذه عبارة كنا نسمعها في الأخبار عن بلادٍ أخرى.. في آسيا المزدحمة، في أفريقيا الجائعة، في أمريكا اللاتينية الثائرة دوما، في أوروبا المرفهة، في أي بقعة من كوكب الأرض.. إلا.. في تلك البقعة العربية القاتمة.. المسجونة في قلب الخريطة! لكن الأهمية الإقليمية العربية لتطورات الأحداث اللبنانية، هي أهمية شعبية.. فقد كان هناك شارع عربي آخر يتحرك على استحياء.. قبيل انفجار الوضع اللبناني، هو الشارع المصري، عندما خرج عدد من الناس قليل، رافعا شعار(كفاية)ضد الحكومة! معرباً عن غضبٍ.. كان مكتوما فانفجر أخيرا ضد.. الحكومة.. ورئيس الحكومة.. ووزراء الحكومة.. ورئيس البلد.. وابن رئيس البلد.. وأم ابن رئيس البلد..ومن في زمرتهم.. ومن سلطهم جميعاً.. منذ يوم الدين.. على رقاب المصريين! وكان العالم قد بدأ يستعد لأن يدهش! متسائلا: أين يحدث هذا؟.. في القاهرة؟!.. فقد أوشك الظن أن يسود بأن من ضمن عجائب الدنيا.. إلى جانب سور الصين العظيم، وتاج محل.... صبر المصريين!
ثم جاء المشهد من بيروت.. ليقدم الدرس الأوكراني.. بأناقة لبنانية! ويُحدِث- ربما بالصدفة- تفاعلا متبادلا بين المصريين واللبنانيين، وإن اختلفت بعض التفاصيل، فسادت ألوان العَلم اللبناني على الصورة الفضائية الحية.. المنقولة من بيروت، لتجعل من الحدثين.. لحظة مرجعية زمنيا، تصلح للتأريخ، فكما يقال(عام الفيل)، و(عام الكوليرا)، يمكن أن يقال مثلا عام لبنان، أو عام كفاية، أو عام الأعلام، أو عام التساقط المتتالي.. بالطبع تساقط متتالي للحكومات العربية!! وبينما تتسارع الأحداث في لبنان، ويبيت اللبنانيون في الشوارع.. تلقف المصريون صورة أعلام الأرز المزهر في بيروت، فإذا بحماسهم(يوشك أن يشتد)كما صار في لبنان، وإذا بأحلامهم تتصاعد جهاراً نهاراً! في المقاهي والمجالس والطرقات... وفي المقالات أيضا!! وفي كل تلك الأحلام.. يرى الرائي النسر الذي يتوسط العلم المصري.. يستعد للإقلاع! فلم يعد ببعيدٍ على توقعات أي مراقب.. عملا بمبدأ(ترونها بعيدة.. وتراها الفضائيات قريبة)! أن القنوات الفضائية.. كما نقلت مشهد أعلام الأرز ترفرف.. فوق رؤوس عشرات الآلاف من اللبنانيين في بيروت.. وبعد الدرس الأوكراني في كيفية استغلال كاميرات الفضائيات.. لتوجيه أحلام الشعوب.. إذا بها تجهز معداتها.. استجابة ً لتفاعلٍ متبادلٍ جميل بين اللبنانيين والمصريين.. واستعدادا لنقل مشهدٍ آخر.. هذه المرة من القاهرة..(أترونه بعيداً؟!).. لتتبدل الصورة- مازال حلم المقاهي والمقالات مستمراً- من شتاء شجر الأرز في بيروت.. إلى ربيع نسر ٍ يحلق.. في سماء القاهرة...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في الضفة الغربية المحتلة: سياسة إسرائيلية ممنهجة لجعل حياة ا


.. إسرائيل تصادر أكبر مساحة من الأراضي الفلسطينية منذ اتفاقيات




.. مشاركة كبيرة متوقعة في الانتخابات التشريعية البريطانية


.. غزة.. أطفال شردهم القصف الإسرائيلي ونازحون ينزحون من جديد




.. ماذا قدم حزب المحافظين للبريطانيين وما مصيره؟