الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


نكسة أم انتكاسة؟

خالد قنوت

2012 / 11 / 19
مواضيع وابحاث سياسية


ما يظهر هذه الأيام من تداعيات لقيام الائتلاف الوطني لقوى المعارضة و الثورة السورية كان شيئاً متوقعاً و قد حذرنا منه و نحذر من مشاهد أكثر استفزازاً و مدعاة للخيبة.
في عودة لأهم مكونات الائتلاف نجد: المجلس الوطني السوري, الهيئة العامة للثورة السورية, لجان التنسيق المحلية, رابطة العلماء السوريين, المجلس الثوري لعشائر سوريا, اتحادات الكتاب, المنتدى السوري للأعمال, تيار مواطنة, هيئة أمناء الثورة, تحالف معاً, الكتلة الوطنية الديمقراطية السورية, المكون التركماني, المجلس الوطني الكردي, المنبر الديمقراطي, المجالس المحلية لكافة المحافظات, إضافة إلى بعض الشخصيات الوطنية و ممثل عن المنشقين السياسيين.
لكن سرعان ما خرجت بعض البيانات بأسماء بعض هذه الكتل السياسية تستنكر مشاركة عدد من أعضائها في الائتلاف, و هنا يمكن فهم الطبيعة المتفككة لمعظم هذه الكتل و الحالة غير الصحية تنظيمياً فيها, إضافةً لعدم وجود تمثيل حقيقي لقوى الداخل الفاعلة على الأرض بمجمل هذه المكونات و ليس جميعها.
من منطق نقدي و ليس تخويني, الائتلاف ضم شخصيات وطنية و تكتلات معارضة أكثرها مقتنع تماماً بالتجربة و يعمل بصدق لنجاحها و هناك البعض القليل الذي اضطر تحت الضغوط لقبول الالتحاق بها, و بما أن السياسة ليست مملكة النوايا و إنما هي عالم العلاقات الموضوعية على رأي إلياس مرقص, فإن من الموضوعي أن هناك من لم يرى في الائتلاف إلا إقصاءً له شخصياً و لمشروعه المستقبلي.
هناك شخصيات معارضة قفزت بقدرة قادر إلى مقدمة المشهد السياسي و الإعلامي السوري دون سابق تاريخ نضالي أو معرفي و قد يكون تاريخاً لا يمت للمعارضة بصلة, أو حتى مشبوه و لكنه اليوم يرى في معارضته للنظام مشروعاً سلطوياً جديداً. هنا لا ننكر لأحد حقه في الطموح الشخصي و لكن ليس الآن, على حساب الوطن و نضالات السوريين و دمائهم.
هل يمكن لهذه الشخصيات التي يمكن أن نصنفها بالوصولية, من الصمت و ترك البساط يسحب من تحت أقدامهم و قد كانت أجنداتها اليومية عامرة بالمقابلات الرسمية و الصحفية و الاعلامية؟ طبعاً لا, لأن عدد من هذه الشخصيات لا تعرف البلد أصلاً بحكم المنفى الذي عاشته بعد بطش النظام بها سابقاً, أو شخصيات لا تعرف الوطن إلا مشروعاً رابحاً.
نعم, هناك من يرى في الائتلاف عدواً له أكثر من النظام الاستبدادي نفسه و كان قد عمل خلال أقل من سنتين من عمر الثورة على بناء مجده الشخصي بماله أو بمال المساعدات و التبرعات للاجئين و المتضررين من عدوان النظام عليهم و على أرزاقهم, فرمى بطعم السلاح و المال في ايدي شرفاء لم يقبلوا على أنفسهم أن يقتلوا أخوتهم و أهلهم باسم جيش الوطن. لكنهم و كما يقال (الجيوش تزحف على بطونها) كانوا و مازالوا يطلبون الدعم المالي و التسليحي لكي يمارسوا مهنتهم الوطنية الأولى بالدفاع عن المواطن السوري.
نعم هناك من سمى كتائب و ألوية تناسب سلطته و أجندته و ادعى أنها من الجيش الحر. أخبرني أحد الأطباء السوريين الذين عملوا في المشافي الميدانية على الحدود التركية السورية أن بعض عصابات التهريب التي كانت تعمل مع الأجهزة الأمنية للنظام رفعت راية الجيش الحر كي تظل محتفظة بمناطق نفوذها بدل أن يدخلها كتائب و ألوية عسكرية منضبطة تابعة للجيش الحر و قد نشط علمهم و راجت تجارتهم.

الطغمة الكبرى أننا نعرف أن بين أعضاء الائتلاف الوطني شخصيات تمارس هذه السياسة و مازالت, ناهيك عن شخصيات معارضة خارج الائتلاف لا تمثيل لها على الأرض و تدعي حرصاً على الثورة لا نرى فيها سوى تهجماً و تهكماً على الجميع لأنهم استبعدوا من الدعوة للمؤتمرات و المجالس و الهيئات و المحاصصات.
طبعاً, النظام الأمني الاستخباراتي حاضر دائماً و بفعالية عالية في النيل من أي تجربة وطنية معارضة قد تنتج بديلاً قوياً له في المستقبل و تؤسس لحالة سياسية وطنية.

الائتلاف الوطني و خلال الفترة القصيرة جداً لقيامه, يفرض حالة وطنية داخلية يتداعى لها معظم أطياف الحراك الثوري السوري الداخلي يتجلى بإعلان بعض الفعاليات الثورية و العسكرية دعمها له و قبولها بقيادته و أخرى آثرت انتظار الخيط الأبيض من الخيط الأسود بعد تجربة مريرة و فاشلة, يرافق ذلك تأييداً دولياً متصاعدا و اعترافاً واضحاً من بعض الدول.

البيان الذي خرج البارحة من بعض المجموعات المسلحة, كما يظهر الفيديو, يعلن قيام دولة أو خلافة إسلامية في حلب, مخالفاً بذلك كل أهداف الثورة التي دفع ثمنها السوريون غالياً من طلبهم للحرية و الكرامة و العدالة و الدولة المدنية الديمقراطية التعددية و أنها ثورة شعبية ضد الظلم و الاستبداد و ضد كل خائن يستبيح الدم السوري, هذا يطرح المشكلة ذاتها التي حذرنا منها مع إعلان تشكيل الائتلاف, فبغض النظر عن صحة و مدى تمثيل هذه المجموعات العسكرية على أرض الواقع لكننا أمام مشكلة حقيقية و علينا تحليلها و وضع سياسة حكيمة للتعامل معها.
أولاً: يمكن التشكيك بمصدر هذا الفلم بسهولة حيث يمكن التأكد من صحته من خلال التعرف على الشخصيات الظاهرة فيه و من انتماءاتهم العقائدية أو السياسية.
ثانياً: في حال ثبوت صحة هذا الفلم و البيان الذي خرج عنه, على الجميع رسم صورة حقيقية لطبيعة هذه الشخصيات و القوى التي يمثلونها على الأرض عددها و طبيعتها السياسية و العقائدية و مصادر تمويلها.
ثالثاً: في حال اكتشاف انتماء أي من هذه القوى لأجهزة تابعة للنظام أو لبعض القوى المتطرفة خارج سورية فعلى الجميع فضحها و تعريتها أمام المواطن السوري أولاً قبل المراقب الدولي و محاسبة أي منها مستقبلاً.
رابعاً: في حال كانت هذه القوى حقيقية و سورية, يجب أن نكلف الائتلاف الوطني السوري و القوى العسكرية التي أبدت تأييدها له أن تسعى للقاء هذه الشخصيات و التعامل معها بحكمة و بأرضية وطنية صادقة لردم أي هوة بينها و بين الائتلاف, لا بل على احتوائها لهم جميعاً في مكون وطني يحدد أهداف الجميع مرحلياً و مستقبلياً و تأمين الدعم المادي و المعنوي لهم في حال انخراطهم في هذا المشروع الوطني.
خامساً: في حال العجز عن إقناع هذه القوى من الانضمام أو تنسيق العمل مع الائتلاف الوطني, و هذا من المؤكد حدوثه لأن هناك مصادر موثوقة تتحدث على أن بعض المجموعات المسلحة تحارب النظام بنصف سلاحها و تخبئ النصف الآخر لما بعد سقوط النظام, هنا يجب محاولة عزل هذه المجموعات قدر المستطاع و تجفيف مصادر تمويلها مع الابتعاد عن الاشتباك معها كي لا تدخل في صراع معها المستفيد الأكبر هو النظام المتداعي فنكون بذلك كمن أكل يوم أكل الثور الأبيض.

الائتلاف الوطني على عاتقه مهام أساسية غاية في الخطورة و الحساسية على مختلف الصعد و لكن أهمها على الصعيد الداخلي الذي ترك بشكل مبرمج للتشرزم و التشويه.
أول هذه المهام مهمة استكمال توحيد القوى الأساسية في العمل العسكري العاملة عل الأرض و التي قد تكون مؤلفة بشكل مبدئي من خمسة مجموعات رئيسية و تشكيل قيادة قوية و موثوقة مرتبطة سياسياً و مادياً مع الائتلاف و العمل على ضم المجموعات الأخرى, بنفس الوقت الاتصال بالقوى السياسية العاملة و المستجدة في العمل على الصعيد المدني و الإغاثي و العمل على تنظيمها و قيادتها لكل فعاليتها مع دفعها المستمر لروح العمل الجماعي و المبادر و المبدع ثورياً.
من المجدي و الضروري انتقال عدد من أعضاء قيادة الائتلاف إلى العمل الميداني ابتداءاً من المناطق المحررة و العمل بشكل مباشر مع الناس على الواقع و تحت تسمية الائتلاف الوطني حصراً, دون شخصنة العمل, و يكون شريكاً للمعاناة اليومية للمواطن.
على الائتلاف أن يعمل بحكمة و بصبر و بحذر و بوضوح مع الناس لكي يستحوذ على ثقتهم و إيمانهم به كممثل و حامي لأهدافهم من النظام الوحشي و من المكونات المشوه له و من خطر المصالح الدولية على مصلحته الوطنية.
على الائتلاف أن يكون خطابه وطنياً عقلانياً واعياً و منضبطاً و قريباً من الجميع و تكون ممارساته مدروسة و محسوبة أمام شعب متعب و غاضب و صامد يتعرض للقتل و التدمير و مهدد بكيانه و مصيره و أن يستوعب سهام الأقربين أكثر من سهام النظام و مصالح الطامعين بالوطن.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأجيل تعديل المرسوم 54 في تونس: التضييق مستمر حتى الانتخابات


.. محور فيلادلفيا ومعبر رفح...كيف تفاقم التوتر بين مصر وإسرائيل




.. القسام تبث مقطعا يطرح تساؤلا بشأن مصير قائد اللواء الجنوبي ف


.. المستشار| ماذا سيحدث إذا لم تحكم العدل الدولية لصالح جنوب إف




.. ماذا يعني إلغاء إسرائيل فك الارتباط بشمال الضفة الغربية؟