الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


هؤلاء الملوثون بجرثومة - القراءة الأمنية -

بشير زعبيه

2012 / 11 / 20
الصحافة والاعلام


على امتداد أكثر من أربعين سنة تمكن النظام السابق في ليبيا من تحويل مشروع الدولة في البلاد الى مشروع أمني ¸كل ما فيه من تفاصيا يبدأ من الأمن وينتهي به , والأمن بالطبع هو ـأمن النظام بل أمن الشخص , وباعتبار أن الثقافة جزء من التفاصيل فقد طالها ظل الأمن , ولأن الكتابة والقراءة جزء من تفاصيل التفاصيل فإن النظام إعتمد في التعاطي مع ما يكتب منهج القراءة الأمنية , بمعنى أن لا تكتفي خلال قراءتك بحاسة البصر وحركة العيون بل باستخدام الحواس جميعها بفكرة مسبقة هي أن كل سطر أو كلمة قد تكون مشروع قنبلة هدفها الرئيس هوالنظام , ولن يكون لمقصد من كتب مهما كانت حسن نواياه أى معنى , المعنى الوحيد هو الذي يدور في عقل القاريء الأمني , وقد انتقل هذا المنهج بفعل هاجس الخوف الذي لازم بالضرورة المشروع الأمني الى العامة , ومع تراكم هذا الشعور بالخوف لسنين طوال تعمم بين هؤلاء إلى حد كبير منهج القراءة الأمنية , حتى الكاتب نفسه يقرأ كل كلمة ويحسبها أمنيا ويخضعها للتأويل قسرا قبل أن يعتمدها بعد أن يكون قد أقنع نفسه بأن ما كتبه هو بالفعل خال من أي شائبة أمنية .
ولعل الخطير في هذا أن تلك المعطيات حتى بعد إنتصار الثورة وزوال النظام ومشروعه الأمني تركت لنا جيلا من القراء ملوثا بجرثومة القراءة الأمنية أو التأويلية زد عليها فيروس المزايدة , ما يجعل الكتابة والصحفية منها بتخصيص أكثر صيدا متاحا أمام هؤلاء , خاصة في جو موروث انعدمت فيه فيه إلى حد بعيد معايير القياس , واستبدلت بالإدعاء والتزيد والتكلف والتطفل , وقد صادف أن كان أحد أعداد المسار ضحية للإصابة بجرثومة القراءة الأمنية ومن ثم لتنطلق من حناجرهم كيل الاتهام المشحون بالتزيد وربما الغيرة والضرب الإستباقي للنجاح المفترض , نشرت المسار تقريرا إخباريا مهنيا عن لقاء أثار كثير اللغط والجدل بين الليبيين حول لقاء قيل أنه تفاوضي بين السيد على الصلابي وأحمد قذاف الدم , وكان طبيعيا أن تذكر أسماء أطراف اللقاء لأنه دار بين أشخاص يحملون أسماء وليسوا أشباحا لا يُروا , وكان لابد أمام متطلبات المهنة وما تستلزمه أصول الخبر أن تسرد الواقعة للقراء كما حدثت وتنقل كلام أطرافها كما قيلت طالما لم تحو ألفاضا خادشة أو تقولا مرسلا في حق آخرين ’ لكن ملتزموا منهج القراءة الأمنية التأويلية رأوا بعين المزايدة أيضا أن ما نشرته المسار هو تلميع لرموز النظام السابق !! وتسويقا لهم !! وكتبوا هذا على بعض صفحات التواصل الإجتماعي ثم وهو الأخطر ضمنوه تقارير وبيانات كيدية قدمت لمسؤولين في الحكومة , دون أن يعوا أن الروح التي كتبت بها تنم عن جهل مطبق بقواعد المهنة الصحفية التي تفرق بين الخبر المجرد الذي يقدم الى القاريء كمعلومة وبين التعليق الذي يحمل رأيا أو وصفا بغية توجيه الرأي العام إلى اتجاه بعينه
على هذا القياس سيكون نشرنا لخبر تسليم البغدادي المحمودي في صفحة المسار الأولى مرفقا بصورته تلميعا أيضا تلميعا أيضا وتسويقا له , وكذلك الحال بالنسبة لنشر خبر محاكمة رئيس جهاز الأمن الخارجي للنظام السابق أبوزيد دوردة .
أرى أن منهجا مثل هذا يشكل خطورة على الحرية التي بدأت تعيشها بالفعل الصحافة الليبية بعد سني الكبت والمصادرة وتدخلا سافرا في شأن الصحافة وإعادة إنتاج لـ " بصاصة" النظام الاستبدادي وأقلامه الأمنية !!
هنا لابد أن تبرز نقابة الصحفيين ويتفعل دورها بما تشكله من مظلة تحمي الصحفيين وتدعم حقهم في ممارسة مهنتهم بعيدا عن خطر هؤلاء " البصاصون" بالوراثة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الألعاب الأولمبية باريس 2024: إشكالية مراقبة الجماهير عن طر


.. عواصف في فرنسا : ما هي ظاهرة -سوبرسيل- التي أغلقت مطارات و أ




.. غزة: هل بدأت احتجاجات الطلاب بالجامعات الأمريكية تخرج عن مسا


.. الفيضانات تدمر طرقا وجسورا وتقتل ما لا يقل عن 188 شخصا في كي




.. الجيش الإسرائيلي يواصل قصف قطاع غزة ويوقع المزيد من القتلى و