الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بين حنان عشراوي و ليلى زانا، غفلة الفلسطينيين والأكراد

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 11 / 21
حقوق الانسان


الغريب في الشعوب المغلوبة على أمرها هو امكانية التلاعب بعواطفها وبالتالي رسم مستقبلها السياسي بوساطة الدوائر المخابراتية للدول الغالبة لها بكل سهولة ويسر، ولعل أيسر مايمكن فعله هو العمل بالنصيحة المكيافيلية القديمة، أي تصنيع أبطال قوميين يمكنهم التأثير في عواطف الناس لحين بلوغ مرحلة القدرة على تمثيل الشعب لغرض استخدامهم كممثلين لشعوبهم في اجراء مفاوضات معهم، أي مع من صنعهم، وتكون النتجة دائما معاكسة لما يتطلع اليه الشعب، كحق تقرير المصير. يتشابه، بل ويتطابق الشعبان الفلسطيني والكردي فيما آل اليه مصيراهما بعد الحرب العالمية الاولى ووقوعهما ضحية اتفاقيات الدول المنتصرة في الحرب وبالتالي حرمان شعبيهما من حق تقرير المصير واقامة الدولة المستقلة وما اضطر ذلك الى حروب تحرير وسقوط مئات الآلاف من الشهداء فيها بالاضافة الى حملات التهجير والقتل المنظم وحرمان الشعبين من حقوقهم المدنية و الثقافية. ولأن الشعبين سلكا نضال الكفاح المسلح، والذي كان عسيرا على اسرائيل والدول التي انضوت في كنفها أجزاء من كردستان أن تعترف بقيادات ذلك الكفاح وبالتالي عقم الوصول الى حلول عادلة تحق الحق للشعبين الفلسطيني والكردي، ولأن هنالك من بين الشعبين، وفي ظل ظروفهما السياسية والاجتماعية، من نزع الى سلوك الانتهازية، أو حتى الخيانة، كان من اليسير على المحتل أن يتلاعب بعواطف الشعب، وهي عين العواطف التي تتبارى لاستمالتها الاحزاب والحركات المسلحة. ولعل الخلق، كما المحتل، قد سئموا وجود طرف ثالث أو وسيط لاجراء المفاوضات، بين من يمثل الشعب والحكومة المحتلة، بل ويتوقون الى اجراء مفاوضات مباشرة بين ياسر عرفات و اسرائيل أو بين عبد الله اوجلان وتركيا على سبيل المثال. ولأن مفاوضات من هذا النوع كانت تعد عارا من قبل الحكومتين التركية والاسرائيلية لاستهانتهم واستصغارهم بالشعبين الكردي والفلسطيني وممثليهم الحقيقيين، فقد كان الطريق معبدا على الحكومات المحتلة أن تبحث عن بدلاء سياسيين لقادة الشعبين المنكوبين لكي يكونوا قادة يُعترف بهم، وبالتالي يمكن مفاوضتهم وشرعنة عقم الوصول الى حل يرتضيه الشعب. لم تنجح اتفاقيات كامب ديفيد في اجراء مفاوضات مباشرة، علاوة على انها حولت الصراع من عربي- اسرائيلي الى فلسطيني- اسرائيلي وحتمت على الفلسطينيين المواجهة بانفسهم من خلال انتفاضات شعبية أثرت بشكل مباشر في الاستراتيجية الامنية الاسرائيلية، فكان لابد من الاسراع بايجاد البدلاء الفلسطينيين. ولأن الشعب الفلسطيني ذو طبيعة شرقية تتأثر عواطفها بالمظاهر أكثر مما تعي حقيقة الأشياء عن طريق العقل، فان مآثر مفتعلة يمكن صنعها لأشخاص معينيين تجعلهم رموزا وطنيين (مستقلين) في أعين الناس. ومن هنا طرحت اسماء حنان عشراوي وبسام الشكعة وفيصل الحسيني وهم من فلسطينيي الداخل وكل منهم جرى وسمه بالبطل من خلال عمل حميد سلكه او بعد حادث تعرض له كالتفجير الذي أدى الى بتر ساقي بسام الشكعة. وهكذا انبرت على الساحة الفلسطينية حنان عشراوي التي مثلت الفلسطينيين في مفاوضات مدريد في عام 1991 والتي مهدت الطريق لاتفاق اوسلو في عام 1993 وهو الاتفاق الذي عرف باتفاق اعلان المبادئ بين منظمة التحرير الفلسطينية واسرائيل حول اقامة السلطة الذاتية الفلسطينية والذي يعرف الجميع بانه آل الى تقسيم الفلسطينيين ووصول نضالهم الى طرق متفرقة لايدرون يمرون باي منها، وهاهي حالهم اليوم تحت المطرقة الاسرائيلية. أما الكرد فان بلواهم زادت على بلوى الفلسطينيين بعض الشئ، لقد أثرت الحرب في جنوب شرق تركيا، أي في كردستان الشمالية، الى مزيد من القتلى والاضرار بالاقتصاد التركي، وهو ما أدى بتركيا الى البحث عن حنان عشراوي كردية (مستقلة) لكي تفاوضها، فوجدت ضالتها في عضوة البرلمان ليلى زانا، وهي الكردية التي اُودعت السجن في عام 1994 بسبب تكلمها باللغة الكردية في البرلمان التركي! لم تكن ليلى زانا مقاتلة مثلما حنان عشراوي ولم تكونا كلتاهما حزبيتين أو معارضتين، بل عملت كل منهما في بلدتها، علاوة على انهما لم تذوقا الاضطهاد الشخصي أو التهجير، بل كلتاهما سلكتا الوظيفة في بلديهما الغاصبين الى أن حضيتا برضاهما. لقد جعلت السنين العشر لسجن ليلى زانا منها بطلة في عيون الكرد المتطلعين الى الانعتاق، وهو ما عملت عليه الحكومة التركية فجعلت من ليلى زانا ممثلا يمكن الاعتماد عليه في حل القضية الكردية! والكل يعرف بأن تركيا لاتعترف أصلا بوجود قضية كردية، ان ما يؤكد الدور المشبوه الذي تقوم به زانا هو سلوكها دروبا لايرتضيها الكرد في محاولاتها ايجاد حل للقضية من خلال دور اناطه بها المحتل على انها شخصية (مستقلة) كما كان الحال مع عشراوي. واذا كانت الحرب الدائرة هذا اليوم بين فلسطينيي غزة واسرائيل من مآثر عشراوي، فالى ماذا ستؤول اليه مآثر ليلى زانا في ديار بكر؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. المغرب يفتح بحثاً قضائياً للتحقيق في تعرض مواطنين للاحتجاز و


.. بريطانيا تحطم الرقم القياسي في عدد المهاجرين غير النظاميين م




.. #أخبار_الصباح | مبادرة لتوزيع الخبز مجانا على النازحين في رف


.. تونس.. مؤتمر لمنظمات مدنية في الذكرى 47 لتأسيس رابطة حقوق ال




.. اعتقالات واغتيالات واعتداءات جنسية.. صحفيو السودان بين -الجي