الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


رمزية ودلالة المواجهة في طوزخورماتو

اسماعيل شاكر الرفاعي

2012 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


.رمزية ودلالة المواجهة في طوزخورماتو
. ‘تتواجه على الارض في مدينة طوز خورماتو قوتان تمثلان ارادتين سياسيتين كان يمكن لهدفيهما ان يتحقق بوسيلة اخرى غير الحرب احدهما تابعة للحكومة الاتحادية هي قيادة عمليات دجلة ، والاخرى تابعة لحكومة اقليم كردستان هي قوات البيشمركة . تضرب قوات البيشمركة بجذورها الستراتيجية والعقائدية في عمق تاريخ المنطقة ، الى البدايات البعيدة التي بدأ فيها الكرد يخوضون حرباً عادلة من اجل تحقيق طموحهم المشروع في الاستقلال بأدارة انفسهم بانفسهم بعيداً عن هيمنة وافتراس دول المنطقة : شديدة المركزية ، شديدة العنصرية . فيما يشير تاريخ تشكيل قيادة قوات عمليات دجلة الى حداثتها ــ تم اتخاذ القرار بشأن تشكيلها قبل اشهرــ وتأكيداً على ان المنهج المتبع في ادارة دفة الحكم يتسم بالتسرع في اتخاذ القرار وفي تنفيذه .الهدف المعلن من وراء تشكيل هذه القوات هو حق الحكومة الدستوري في بسط سيادتها على كامل ترابها الوطني . وكان يمكن تحقيق هذه الهدف بقوات اخرى من غير تشكيل قوات دجلة ، او عن طريق قوات البيشمركة نفسها كما هو حاصل على امتداد السنوات السابقة . يتوجس الكرد خيفة ويساورهم القلق من هذا التشكيل العسكري الجديد ، يبرره تاريخ طويل من سياسات الدولة العنصرية { تأسست عام 1921 تحت اشراف الانتداب البريطاني } في كل اطوارها : الملكية والجمهورية ، ومن ضمنها الفترة التي حكم فيها الزعيم قاسم . لا تعود اسباب المواجهة في طوزخورماتو الى تناقض فهم الفريقين في ما يخص العلاقة داخل الدولة الفيدرالية بين المركز والاقاليم ، اذ لا يعوز الطرفان فهم معنى الفدرالية كمفهوم او كآليات عمل داخل بنية الدولة . خلاف الطرفين في الازمة الحالية لا يتعلق باختلاف المنطلقات حول منهج التنمية وجدولة اولوياته . ولا حول نسب توزيع الثروة القومية التي يشكل النفط مصدرها الاساس ، ولا حول العقود التي ابرمها الاقليم مع شركات نفط عالمية ، ولا حتى حول كركوك والاقاليم المتنازع عليها ، انما تكمن اسباب الازمة في المنهج الذي تدير من خلاله الحكومة الاتحادية الحكم . فكل القضايا التي اشرنا اليها اعلاه ليست جديدة : لا قضية كركوك التي كان من المفترض ان تُحسم قضيتها هي والمناطق المتنازَع عليها قبل سنوات ولا غيرها من القضايا . انما تكمن الازمة في توجهات الحكومة الاتحادية نفسها ، والتي كما يلاحظ المراقب لا تميل الى اطفاء المشاكل بل تأجيجها . فهذه الحكومة لا تسارع الى تشكيل غرفة عمليات لايجاد حل سريع للازمة الناشبة ، انما تسارع الى تشكيل غرفة عمليات لتنفيذ قرار سريع خطف في رأس هذا الوزير او ذاك المستشار . وهذا هو السر وراء القرارات المفاجئة لمجلس الوزراء التي اقل ما يقال فيها انها غير مدروسة . ودائماً تلاحق هذه القرارات الشبهات وهذا ما تجلى بوضوح في صفقة الاسلحة مع روسيا ، وفي الدوي الهائل الذي فجرته قنبلة الغاء البطاقة التموينية . بما يعزز النظرة السائدة لدى الكثير من المراقبين في ان هذا المنهج الذي الذي اختارته الحكومة ادى الى مضاعفة خلافات الحكومة وتوسيع نطاقها : خلاف جديد مع التيار الصدري يضاف الى الخلاف المزمن مع القائمة العراقية ، وتوجته بالمواجهة مع حكومة اقليم كردستان . لا يوجد في منهج الحكومة المركزية بنداً لحل الازمات بل يوجد ارشيف تراكم عليه الازمات وتتعهده بالرعاية حتى تستولد منه ازمة جديدة . فمعالجة أزمة الخدمات مثلاً تولدت عنها ازمات لا حصر لها : وعود كاذبة ، فساد مالي ، وفساد اداري واخلاقي ، وتتعمق يوماً بعد آخر مسيرة الفساد في تنفيذ المشاريع الخدمية [ تشير التحقيقات الصحفية والتقارير والمقابلات المتلفزة الى وجود خلل فني في الكثير من المجسرات التي تم انشاؤها داخل المدن ] فتولد عن ذلك ازمة اخلاقية مسكوت عنها في دولة تشكل الاخلاق شعارها الاساسي . لدرجة ان الحكومة نفسها اعترفت بعجزها المتأصل عن معالجة اسباب الفساد في تبرير الغائها للبطاقة التموينية . بعض المراقبين يرى العكس ، فالحكومة واية حكومة في العالم ليست عاجزة عن محاربة الفساد ، بل هو التكتيك المناسب لمنهج الحكم المبني على ازاحة الشركاء الدستوريين واحتكار السلطة ، يتقصده منهج الحكم للضغط على المفسدين من اجل تجنيدهم ، ومن لم يوافق على اجندة الحكومة يتم توجيه الاتهام لشخصه بشكل مفاجئ حين يكون في الخارج كما حصل في حالات عديدة آخرها رئيس البنك المركزي الدكتور الشبيبي . ويستفيد النظام من ادامة الازمة كاوراق احتياط للضغط والمناورة بها عند الضرورة . لا تخرج ازمة المواجهة بين عسكر الحكومة والبيشمركة عن هذا الاطار . فهي ليست من اجل فرض السيادة الضائعة ، بل مناورة مكشوفة ضد قيادة الاقليم ومحاولة فاشلة في تأليب الرأي العام العراقي للنيل من الارادة الكردستانية الطامحة الى الحفاظ على منجزات شعبها الكردستاني ...هكذا تنسجم هذه الخطوة مع سابقاتها ، فتوتير العلاقة بالأقليم ليس القصد منها اتباع سياسة حافة الهاوية لانجاز حل سريع للازمة الدائمة مع اقليم كردستان ، بل لشحن عوامل العنصرية وتشويه الفيدرالية كمفهوم فرض وجوده في السياسة والثقافة العراقية ، وكبنية دولتية متقدمة لحل اشكالية التعدد العرقي والثقافي . يرى مراقبون آخرون بان المواجهة تمثل امتداداً لسياسة محددة رأى فيها بعض الطغاة حلاً لازمات حكمهم بتصريفها الى الخارج ، هكذا وجد عبد الكريم قاسم مخرجاً لازمة حكمه ، لا في اجراء الانتخابات وتقديم شرعية جديدة للحكم رغم وعوده ، بل في ادعاء ان الكويت : قضاء سليب ، ووجد الطاغية صدام حسين في الكويت مخرجاً لأزمة حكمه المحاصرة بسؤال الشرعية وبالمديونية اثر حرب طويلة مع ايران . في سياسة تفجير الازمات المتبعة من قبل الحكومة الاتحادية ، يلح في الحضور سؤال عن مدى الايمان بالديمقراطية ومدى الايمان الجدي في بناء اسس لدولة حديثة واحد اقطابها يصر على التلويح بالسيف منهجاً لحل الازمات الداخلية . هل يحق للمراقب القول بان ذلك الطرف لا يؤمن ابداً ببناء دولة حديثة ، اذ الشرط الاولي لادارة وحل الازمات الداخلية في هذا النوع من الدول هو الحوار لا الحرب .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حُرم من حلمه والنتيجة صادمة ونهاية حب مأساوية بسبب الغيرة! ت


.. إيران تلغي جميع الرحلات الجوية.. هل اقتربت الضربة الإسرائيلي




.. ميقاتي لسكاي نيوز عربية: نطالب بتطبيق القرار 1701 وأتعهد بتع


.. نشرة إيجاز - مقتل شرطية إسرائيلية وإصابات في بئر السبع




.. اللواء فايز الدويري والعميد إلياس حنا يحللان المعارك الضارية