الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من المسؤول عن تفاقم الأزمة…؟

فهمي الكتوت

2012 / 11 / 23
مواضيع وابحاث سياسية


ألهب قرار الحكومة برفع أسعار المشتقات النفطية الشارع الذي يشهد حراكا سياسيا وشعبيا منذ مطلع العام الماضي، بهدف تحقيق اصلاحات سياسية ودستورية كخطوة على طريق الاصلاحات الاقتصادية والاجتماعية. وبدلا من الاستجابة للمطالب الشعبية لتحقيق الاصلاحات لمواجهة الأزمات المركبة، أقدمت الحكومة على التأزيم بقرارها المجحف رفع اسعار المشتقات النفطية. ان الاجراء الحكومي المجتزأ بتحميل المواطنين اعباء الازمة المالية لا يشكل مخرجا للازمة، بل يدخل البلاد بأزمات جديدة، وقد جاء هذا الاجراء اذعانا لاملاءات صندوق النقد الدولي على خلفية حاجة الحكومة للاقتراض منه .
لم يكشف رئيس الوزراء سرا حين تحدث عن تفاقم عجز الموازنة وتنامي المديونية، بسبب تراجع الايرادات وزيادة النفقات، فالعجز الذي تعاني منه الخزينة ليس طارئا، وهو ثمرة السياسات الاقتصادية للحكومات المتعاقبة، صحيح أن انقطاع الغاز المصري الذي تعتمد عليه الأردن بشكل رئيسي في توليد الكهرباء أسهم في تفاقم الأزمة، لكن نهج السياسات الاقتصادية هو المسؤول عن معاناة البلاد من الأزمات، حتى في قضية الغاز كان على الحكومة استدراك الموقف مبكرا وقبل وقوع الأزمة بتنويع مصادر الطاقة واستغلال الصخر الزيتي لتوليد الكهرباء، واستخدام الطاقة المتجددة، وحتى مع ظهور الأزمة منذ اكثر من عام كان باستطاعة الحكومة تدارك الموقف وبناء رصيف لاستدراج عروض للغاز المسال من مصادر اخرى، لكن غياب الشعور بالمسؤولية لدى اصحاب النهج السائد وغياب مجالس نيابية تعكس ارادة الشعب، نتيجة التزوير ادى الى تردي الأوضاع الاقتصادية، وانفلات النفقات العامة للحكومة .
فقد أظهرت الموازنة العامة للحكومة المركزية والمؤسسات المستقلة، للعام الحالي 2012 بعد اقرارها من مجلس الامة كما جاءت من الحكومة من دون تعديل في نهاية شباط الماضي بوجود عجز قدره حوالي 2757 مليون دينار، كما قدرت الايرادات المحلية بحوالي 5625 مليون دينار. على افتراض ان الايرادات المحلية سوف تنمو 17% وبقيمة قدرت بحوالي 900 مليون دينار مقارنة مع عام 2011، من دون الاستناد الى معطيات علمية لتحقيق هذا النمو، فالنمو الاقتصادي المتوقع للعام الحالي لا يتجاوز 2.4% كيف يمكن تحقيق نمو في الايرادات بنسبة كهذه ..؟ الا اذا اقدمت الحكومة على فرض ضرائب جديدة وهذا ما فعلته الان وباعتراف رئيسها انها تفرض ضرائب على المشتقات النفطية تصل الى 40 %، ومن المفترض انها تغطي العجز المتحقق في الديزل والغاز المنزلي الامر الذي لا يبرر بحال من الاحوال رفع الاسعار. علما ان النسبة الحقيقية للضرائب تصل الى حوالي 53 %. مع الاشارة هنا الى ان سياسة زيادة الضرائب غير المباشرة وخاصة على المشتقات النفطية تعتبر سياسة انكماشية تسهم بشكل مباشر في تباطؤ النمو الاقتصادي، وتضعف القدرة التنافسية للاقتصاد الاردني، في ظل سياسة الاسواق المفتوحة التي تنتهجها الدولة، فالاثار الجانبية لرفع الاسعار تتجاوز حدود التعويضات التي يجرى الحديث عنه فالقضية لا تمس المواطنين فحسب، بل والاقتصاد الاردني عامة. وقد بدأت الاثار السلبية بالظهور في الاسواق المحلية من تراجع الطلب على السلع. وقد حاولت الحكومة تسويق قرارها تحت ذريعة ايصال الدعم لمستحقيه، بتحويل دعم نقدي لبعض الفئات الاجتماعية، ومن غير المتوقع ان تكون للدعم النقدي اثار ايجابية على الفئات الشعبية، فالدعم النقدي المعلن متواضع جدا، ولا تتمتع هذه الحكومة كغيرها من الحكومات المتعاقبة بثقة المواطنين لعدم استمرار الدعم وفقا للتجارب الماضية.
ان تحميل الفئات الشعبية اعباء الازمة المالية والاقتصادية دفعت الجماهير الشعبية إلى النزول الى الشارع للمطالبة بالتراجع عن القرارات الحكومية، خاصة وان بوسع الحكومة الاقدام على حزمة اجراءات تسهم بتخفيض عجز الموازنة بعيدا عن جيوب الفقراء، كالغاء ودمج المؤسسات الحكومية بالوزارات وتطبيق اعادة الهيكلة بتخفيض الانفاق وإلغاء الامتيازات غير المبررة الممنوحة لكبار الموظفين، وليس باجراءات ادارية فحسب وبطريقة استعراضية كما اعلن الرئيس. مع الاهتمام باستثمار الموارد الطبيعية بوجه افضل، فالاردن لا يعاني من افتقار الموارد بقدر معاناته من سوء استخدامها. وتحويل الاقتصاد الاردني من اقتصاد ريعي الى اقتصاد انتاجي. و تعزيز وتطوير أجهزة الرقابة لسد منابع الفساد المالي والإداري، ومحاسبة الفاسدين، واسترداد اموال الشعب المنهوبة.
اضافة الى كل ذلك ان الحكومة الحالية حكومة انتقالية تشكلت للقيام بمهمة محددة لا يمتد عمرها الى اكثر من ثلاثة أشهر للاشراف على الانتخابات، ولم تحصل على تفويض من الشعب او ممثليه لاتخاذ اجراءات كهذه، ولا تملك برنامجا متكاملا لمعالجة الازمة المالية والاقتصادية، وليس من حقها الدخول إلى جيوب المواطنين .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - مودتي
عمر أبو رصاع ( 2012 / 11 / 24 - 00:52 )
كعادتك مبدع، الاهم برأيي أستاذ فهمي هو التركيز على العوار الحقيقي في الاقتصاد الأردني الناتج عن فشل السياسات الاقتصادية، وتدهور قطاعات الانتاج والتصدير، وغياب الرؤية المركزية لهذا الاقتصاد، نحن في امس الحاجة إلى صناعة طاقة ذات طابع احلالي، بحاجة إلى تقليص عجز الميزان التجاري الهائل الذي تجاوز 11 مليار دولار نتيجة السياسات المدمرة لاقتصادنا، والطبيعة الريعية له، لقد دمرت سياسات النظام المستبد كل قطاعات الانتاج المادي بشكل خاص، وادت سياسات المالية العامة إلى ارتفاعات كبيرة في تكاليف الانتاج والمعيشة مما افقد الاردن الكثير في مجال المقارنة بين البيئات الاستثمارية.
للحديث بقايا ولك مودتي


2 - تحياتي للاردنيين
عبدالغني زيدان ( 2012 / 11 / 24 - 06:37 )
شكرا استاذ فهمي على هذا الموضوع الجميل والبسيط والذي يسلط الضوء بشكل تبسيطي للوضع في اردننا العزيز وتسليط العدسة على السؤولين عن تازيم الوضع والوصول الى ما نحن عليه في ايامنا هذه ما نرجوه من حضرتك ليس فقط التركيز على الجانب الاقتصادي والبحث فيه انما نريد من حضرتك تسليط الضوء على المنهجية الاقتصادية المتبعة لكونك تصرح بان الوضع الحالي جاء من من خلال نهج اقتصادي ومتتالية فاشلة
وما نردجوه ايضا هو قراءات في الشارع الاردني وسؤالي لحضرتك كيف ترى العملية الحراكية هل بالفعل ممنهجة بطريقة واضحة وفيهما من التغذية المعرفية ما يكفي للايمان بها ؟؟؟؟


3 - فشل السياسات الاقتصادية
فهمي الكتوت ( 2012 / 11 / 24 - 15:25 )
شكرا استاذ عمر على مداخلتك القيمة ، اشاطرك الرأي بضرورة الكشف عن اسباب فشل السياسات الاقتصادية في الاردن، وان كنت قد تناولت هذه القضية بشكل مكثف وهي موجودة في ارشيف الحوار المتمدن والعرب اليوم، ومع ذلك نحن على ابواب انعقاد مؤتمر وطني اقتصادي بمبادرة من الجبهة الوطنية للاصلاح الورقة الرئيسية للمؤتمر تناولت مختلف الجوانب الاقتصادية ، ومع ذلك ساتناول هذه المواضيع في كتاباتي لاحقا


4 - النهج الاقتصادي في الاردن
فهمي الكتوت ( 2012 / 11 / 24 - 16:19 )
اشكرك استاذ عبد الغني على اهتمامك ومداخلتك ، ابرز ما تميز به الاقتصاد الاردني خلال العقدين الاخيرين بتطبيق سياسات اقتصادية عرفت ب - الليبرالية الجديدة - بالخضوع لاملاءات صندوق النقد والبنك الدوليين، اضافة الى التكيف مع شروط منظمة التجارة العالمية فاقدمت الحكومات المتعاقبة على تحرير التجارة الداخلية والخارجية وتحرير اسواق المال، واصدار حزمة من القوانين ادت الى توفير الحرية المطلقة لرأس المال دون اية ضوابط، اضافة الى ما عرف بسياسة التخاصية التي ادت الى التخلي عن مقومامات الدولة لصالح الاحتكارات الراسمالية متعددة الجنسيات، في ظل غياب الشفافية وانتشار مظاهر الفساد وعقد الصفقات المشبوهة
ما يتعلق بموضوع الحراكات الشعبية فهي منتشرة في مختلف المدن والقرى بسبب اتساع مساحات الفقر وارتفاع معدلات البطالة ، مقابل انتشار مظاهر الفساد في السلطة ، الحراكات هي شبكة واسعة في الاردن يجري العمل على تشكيل مجالس للحراكات في المحافظات، تسعى الجبهة الوطنية للاصلاح لتكون مظلة للعمل الوطني بشكل عام ، وقد شارك عدد غير قليل من ممثلين الحراكات في اللقا الوطني الذي دعت له الجبهة الوطنية يوم 21-11-2012

اخر الافلام

.. مصادر إسرائيلية تتحدث عن مفاوضات جديدة بشأن الهدنة في غزة


.. شاهد| مسيرة في شوارع دورا جنوب الخليل ابتهاجا بخطاب أبو عبيد




.. مقتل طيار بالقوات الجوية البريطانية بعد تحطم طائرة مقاتلة


.. دمار هائل خلفه قصف روسي على متجر في خاركييف الأوكرانية




.. حكومة السلفادور تلعن نشر آلاف الجنود لملاحقة العصابات