الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليموقراطية أصلاً حرام ........ المعركة الفاصلة

أحمد على حسن

2012 / 11 / 24
مواضيع وابحاث سياسية


"الديموقراطية أصلاً حرام" هى ملخص قرارات محمد مرسىالأخيرة بالإنقلاب الدستورى الذى أصدره بأن جعل نفسه و قراراته فوق كل السلطات ـ لاحتى حكماً بينها!! ـ ثم حصن هذه القرارات فى إعلانه الدستورى ضد الطعن عليها أمام أى من المحاكم وبأثر رجعى لجميع قراراته ومنذ توليه الحكم فى30 يونية 2012!! .. فكأنه قد نصب نفسه "الحاكم الإله" الذى لا راد لقضائه أو قراراته فى صورة من صورالحاكم من العصور السحيقة التى ليس لها نظير فى عصرنا الحالى!!.

و هى الصورة التاريخية الموروثة والأثيرة فى الذهنية العربية التقليدية للمنتمين للتيارات الدينية وهى صورة المستبد العادل، وكأن العدل والإستبداد متلازمان!! "لاحظ أن الحكم الفردى المطلق مهما كان عادلاً فهو نوع من الإستبداد السياسى لأنه سيهدر بالتأكيد حقوق بعض الأقليات أو المعارضين السياسيين أو المختلفين عقائدياً أو دينياً" و هو النموذج الوحيد الذى يفهمونه عن الحكم هو عصر الخلفاء والسلاطين حيث تختلط السلطة الدينية والتشريعية بالسلطتين التنفيذية والقضائية!! و أى حديث حتى عن الشورى "و هو أحد الأبجديات السياسية فى فقه الإسلام السياسى" فقد جعلوا له مخرجاً بأن جعلوا الشورى نفسها غير ملزمة للحاكم، فنقرأ فى الفتوى: "الشورى غير ملزمة للحاكم ، فقد يقدِّم الحاكم رأي واحدٍ من المجلس قويت حجته ، ورأى سداد رأيه على باقي رأي أهل المجلس" وهى إحدى ميراث فتاوى تاريخنا المشوه الذى مازال يعتقد فيه البعض وقد أفتى بذلك فى عصرنا الحالى "الشيخ" محمود لطفى عامر رئيس جمعية السنة المحمدية!! و بمثل هذه الفتوى أفتى أيضاً "الشيخ" سليمان الماجد القاضى بالمحكمة الكبرى بالرياض بالمملكة السعودية!! وغير هؤلاء، وهى فتاوى تم جلبها وإحيائها من التاريخ دون تفكير أو إعمال للعقل فيها!!.
فيكفى ان يجد أحدهم أنه قد أفتى بمثل هذه الفتوى إبن تيمية فى كتابه "السياسة الشرعية" أو أبن عطيه فى كتابه "المحرر الوجيز" أو القرطبى فى كتابه "الجامع لأحكام القرآن" .. ثم تجد آثار تلك الفتاوى بعدم إلزام الحاكم بالشورى نفسها عند حسن البنا "مؤسس جماعة الإخوان المسلمين" نفسه فى كتابه "مواقف فى الدعوة" !! .. وعن هؤلاء وغيرهم فإن أى دعوات لتقبل التيارات الدينية بمختلف مدارسها أو مذاهبها للديموقراطية أو حتى هذا التعبير التاريخى الإسلامى للشورى، و رغم وجود فتاوى على النقيض ملزمة للحاكم بالشورى كما أفتى شيوخ أمثال "محمد عبدة " أو محمد الغزالى" وغيرهم .. ورغم ذلك فإنهاتبقى قضية مختلفاً عليها هلهى ملزمة أم غير ملزمة للحاكم!، بل أن مسألة أخرى كالتصويت بعد الأصوات المرجحة لمسألة ما فهل التصويت بالأكثرية نفسها ملزمة للحاكم!؟ .. إن مراجعة فتاوى الفقهاء فى مسائل كهذه تصيب المرء بالحيرة!! فكل الفتاوى و عكسها!! وحسب ما درج عليه فللمستفتى أو الباحث عن الفتوى أن يأخذ بأى الرأين "أو حتى أى الآراء" فكلها يجوز الأخذ به!! ووزر الخطأ يقع على صاحب الفتوى!! بل أنه إذا أخطأ فله أجر و إذا أصاب فله أجران!!؟.

وقد إمتلك البعض مزيجاً من الصلف و شجاعة المواجهة أيضاً ما جعله يصرح صراحةً بتكفير الديموقراطية مثل "عبد المنعم الشحات" و هو أحد قيادات السلفيين بمدينة الإسكندرية، وسط حديث حول كون الديموقراطية تدعو لحكم الشعب لنفسه بنفسه و ينظم ذلك عبر إجراءات و آليات من الترشيح و التصويت الجماهيرى المباشر، فى حين أنها تتعارض مع شعارهم بأن الحاكمية لله، دون أن يوضح أن هذه الحاكمية الإلهية ستمر أيضاً عبر بشر مثلنا، ووفق آرائهم وأفكارهم هم و جماعتهم أو مكتب إرشادهم ومفتى جماعتهم "كما فى حالة الإخوان المسلمين"!!.

وهم ينتهجون فى سبيل تزييف وعى الجماهير كل الطرق الممكنة حتى الردئ و التافه أو الملئ بالخرافة منها، و لعل البعض قد تابع حديث مسجل لأحد "شيوخ" السلفيين "حازم شومان" وهو يفسر الليبرالية بأن أمك تخلع الحجاب!! و هو حديث بالإضافة لما يحمله من قدر كبير من الجهل، فهو لا يليق بما يحمله من هذا المستوى من الرداءة وحتى سوء الصياغة أن يقال فى أحد دور العبادة!!... و كأن ذلك نوعاً من التنويم المغناطيسى الذى يمارسه هؤلاء على الجماهير، و هو أشبه بما إنتشر سابقاً من كتب لعذاب القبر و الثعبان الأقرع و غيرها من هذه الكتب!! "إنتشرت مثل هذه الكتب فكنت تراها على جميع الأرصفة وبأسعار شبه مجانية فى بداية حكم "أنور السادات" فى بداية ما أسماه بعضهم بالصحوة الإسلامية، كجزء من خطة السادات نفسه لإنشاء تيار دينى لإستغلاله سياسياً لمواجهة معارضيه السياسيين من الناصريين أو اليسار. ليتثنى له الإنقضاض عليهم، و بدأنا نسمع من الرئيس ـ ربما لأول مرة فى عصرنا الحديث ـ عبارات مثل أنه "الرئيس المسلم للدولة المسلمة" فى مغازلة واضحة بين السادات و هذه التيارات الدينية. وباقى القصة معروف للجميع من إنقلاب هذه الجماعات على السادات والتى كانت نفسها صنيعته لتنتهى بقتله على أيديهم ووسط جنوده فكانوا كالدبة التى قتلت صاحبها!!.

حتى بدأت صيغة جديدة للعلاقة بين مبارك وهذه الجماعات من الكر والفر، كانت هذه الجماعات قد تشعبت مناهجها و أساليبها و إقترابها فى أحيان كثيرة من إستخدام العنف و الدعوات التكفيرية، ولكن أبقى عيها نظام مبارك وغض الطرف عنها متعمداً لإستخدامها كفزاعة للقوى السياسية فى الداخل وكذلك فى الخارجمن جهات دولية، فقد كانت فترة حكم مبارك ــ عكس ما يتصوره الكثيرون ــ هى فترة شهر عسل طويل بين نظام لا يهمه غير تحقيق مصالحه الضيقة فى بعض المكاسب المادية و إمرار مشروع التوريث، صحيح أن هذه الفترة شهدت بعض المطارادات لبعض الجماعات التى بالغت فى تطرفها و لجوءها للعنف، و كذلك بعض القضايا لبعض رجال الأعمال منرموز الإخوان، وبعض ذلك يرجع لمنافسات على سوق المال والأعمال أكثر من كونه موجهاً لهم كقيادات إخوانية، كما نال ذلك أيضاً بعض القيادات التنظيمية لهذه الجماعات بعامة، مع المحافظة طول الوقت على عدم توجيه ضربة أمنية قاضية لها!! فمن الغريب أنه طول الوقت فأسماء أعضاء مكتب الإرشاد ــ أو معظمهم ــ لجماعة الإخوان معروفة للكافة، وكذلك قياداتهم معروفة بالإسم، وكذلك مقرهم الرسمى فى منيل الروضة ولهم أعضاء فى المجالس النيابية يتحدثون بإسمهم فى مجلسى الشعب أو الشورى، ومع ذلك فالنظام يسميهم بالجماعة المحظورة!! فهى الجماعة المحظورة المعروفة الأعضاء و القيادات و المقرات و لها أعضائها فى المجالس المختلفة، وأعمالها ومشروعاتها وأموالها المشروعة و غير المشروعة!!!.

كانت هذه الفترة هى شهر عسل طويل خلال حكم نظام مبارك ـ عكس ما يروج له من إضطهاد للجماعة و غيرها من التيارات الدينية ـ ففى خلال هذه الفترة تنامت أصول هذه الجماعات المادية و توسعت مشاريعها الإستثمارية و التجارية، بخلاف ما يأتيها من دعم سخى من ممالك و أمراء الخليج، و غضت دولة مبارك الطرف عن ذلك كجزء من الصفقة غير المعلنة بينهما!!، كما توغلت هذه الجماعاتـ و خصوصاً جماعة الإخوان المسلمين ـ داخل مؤسسات الدولة المختلفة و النقابات المهنية و الجمعيات الأهلية و بعض الحركات الوطنية كحركة كفاية أو الجمعية الوطنية للتغيير، و قد ظهر بعض الثورة توغل هذه الجماعات أو إختراقها لبعض الهيئات كالهيئة القضائية " مثل حركة قضاة من أجل مصر" وهى الحركة التى سبقت الإعلان الرسمى بإعلانها فوز محمد مرسى فى الإنتخابات الرئاسية !!، وكذلك ما أصدرته من بين يؤيدون فيه إعلانه الدستورى الذى أصدره رغم ما يحويه من إنقلاب على السلطة القضائية الذين هم أنفسهم جزء منه!!، وكذلك تم إختراق القوات المسلحة " يمكن بسهولة إستنتاج ذلك خلال إقالة المجلس العسكرى تصعيد الفريق السيسى من قيادات الصف الثانى كوزير للدفاع" و إختراق وزارة الداخلية نفسها "ولاحظ تنامى مطالبة بعض ضباط الداخلية لإطلاق لحاهم وتنظيمهم لبعض الوقفات أو المظاهرات للمطالبة بذلك".

فنحن فى حالة مستمرة من المؤامرة على الشعب المصري، بدأها نظام السادات بإعادة إحياء هذه الجماعات، ثم أكملها المخلوع مبارك بتقوية هذه الجماعات الدينية التى تمثل فكراً متخلفاً بقرون لإستغلالها سياسياً كأحد مصوغات إستمراره رغم فشله و فساده، فإذا ما قامت الثورة إستبدلت هذه الجماعات المخلوع بالمجلس العسكرى لعقد نفس هذه الصفقات الفاسدة معه برعاية أمريكية بالتأكيد.

فما فعله محمد مرسى من إنقلابه على الشرعية هو جزء أصيل من تراث هذه الجماعات لرفضها للديمقراطية بمفهومها الحديث، أو حتى ما عرف بالشورى فى كتب التراث الإسلامى، فهو وحسب ما تعتقده هذه الجماعات تعطى الحاكم الحق فى الخروج على الإجماع أو أن تكون الشورى هى مجرد مشورة يحق للحاكم الأخذ بها أو لا!! و النموذج التاريخى الذى يسعون له تزول ضوابط دولة المؤسسات الحديثة التى يعرفها العالم الآن، فالحاكم هو القابض على جميع السلطات "تنفيذية وتشريعية وقضائية" بل هو فوق كل هذه السلطات!!. بل أنه حتى مفهوم الوطنية نفسه يصبح معرضاً للخطر، فالإنتماء الدينى يسبق الإنتماء الوطنى!! وهناك تصريح شهير نشرته العديد من الصحف للمرشد السابق لجماعة الإخوان المسلمين "مهدى عاكف" أنه لا يعارض أن يحكم مصر "ماليزياً" بشرط كونه مسلماً!!.
فالإنقلاب على الشرعية اليوم ليس مستغرباً على جماعة أو جماعات دينية هذه هى أفكارها.

أما ما يروجه قيادات هذه الجماعات المخادعة من أكاذيب حول حماية الثورة أو رجوع حق الشهداء و إعادة المحاكمات فهو العسل الذى يخلط بسمومهم من أجل مزيد من خداع الجماهير فكان يمكن إنجاز كل ذلك دون الإنقلاب على الشرعية، فهل يعقل أن جماعة تروج لذلك فيأتى محمد مرسى بوزير داخلية "اللواء أحم جمال الين" الذى هو نفسه كان مديراً للأمن العام وقت مذبحة محمد محمود بالعام الماضى!! وهو نفسه كان شاهد النفى فى قضية قتل المتظاهرين!! فأى سخف هذا أو خداع فى الحيث عن إعادة المحاكمات أو حق الشهداء !!!؟.
فما تم هو إنقلاب هو بغرض عدم الطعن على قرارات رئيس ينتمى ـ هو وجماعته ـ فكرياً لعصور سحقية من التاريخ ولتحصين الجمعية التأسيسية للدستور لإمراردستور طائفى كاره للحريات.

هذه هى المعركة الفاصلة بين كل هذه التيارات السياسية المدنية و بين هذه الجماعات الدينية فإما أن تنتصر مصر المدنية الحديثة كدولة القانون والمؤسسات، أو أن نقع فى براثن هذه الجماعات الهاربة من التاريخ لسنوات قادمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حرب غزة..احتجاجات جامعات أميركية | #غرفة_الأخبار


.. مساعدات بمليار يورو.. هل تدفع أوروبا لتوطين السوريين في لبنا




.. طيران الاحتلال يقصف عددا من المنازل في رفح بقطاع غزة


.. مشاهد لفض الشرطة الأمريكية اعتصاما تضامنيا مع غزة في جامعة و




.. جامعة فوردهام تعلق دراسة طلاب مؤيدين لفلسطين في أمريكا