الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لا للحرب في كردستان

حسين القطبي

2012 / 11 / 24
الارهاب, الحرب والسلام


رائحة الدم الممزوج بالدخان تخيم على سهول الرافدين، وجباله، من جديد، وابتسامة المالكي الحازمة عندما يتحدث للصحافة عن "البارزاني المتامر"، لا تختلف عن غمزات صدام حسين عندما كان يحذر الشعب من "البارزاني عميل الامبريالية"، وكأن التاريخ يعيد نفسه، والحاكم في بغداد يرى في القضية الكردية الدجاجة التي تبيض ذهبا، فهي التي تمنحه هيبة القوة المفرطة، ومصداقية الحفاظ على السيادة الوطنية..

شن الحاكم السابق حربه ضد البيشمركة، "كانوا طلائع المتطوعين من الشعب الكردي"، في العام 1974، اذ ارسل الجنود لمطاردة اشباح الجبال، فكانت تلسع جباههم برصاصات البرنو القاتلة، ثم تذوب في ممرات الكهوف.

وكانت النتيجة خسائر بعشرات الالاف بين الجنود العراقيين، وشل الاقتصاد، وتبديد ثروات البلد. ولم تقد حروب الديكتاتور السابق (انتهت في العام 2003) الا الى كوارث اضرت بالبيئة والبنية الاجتماعية، وحتى بسايكولوجية الفرد العراقي، لن يتعافى منها العراق بعد عقود، وربما المئات من السنين العجاف.

واليوم يدق المالكي طبول الحرب من جديد، وكأن قدر العراق ان يعيش بدورة ابدية من الدمار، كلها من اجل بقاء الحاكم "وسيناريو الخلود" في السلطة. فسياسات المنطقة الخضراء بدأت تأخذ منحى العداء بما يشبه السنوات الاول لوصول البعث (وصدام). الاولويات لصفقات التسلح التي تعادل ميزانيات دول كاملة. الاعلام يحاول بكل وسائله تعميق الشروخ بين العرب والكرد، الساسة الانتهازيون من بطانة الحاكم يتسابقون بتصريحاتهم، والشعراء والزجالة الشعبيين يتبارون بذم "كاكة حمة" كناية عن الفرد الكردي البسيط.

وسيناريو حرب المالكي اليوم لا تختلف عن حرب صدام في اسلوبها، بدأت بتصعيد اعلامي بحجة "مؤامرة التقسيم"، كانوا "العصاة عملاء الامبريالية" سابقا، واليوم "البيشمركة يسرقون النفط"، فالاعلام يهيئ الاذهان لحرب وشيكة، والمناوشات مع البيشمركة تفتعل لاتفه الاسباب.

ونتائج الحرب ايضا، لن تختلف اليوم عن سابقتها، سترتهن ثروات العراق لتغطية تكاليف هذه الحرب، من اسلحة الى تنازلات للدول المجاورة، الى رشاوي ملياردية للقوى الكبرى لشراء المواقف الدولية، وكل ذلك ينعكس مباشرة على القطاع الانتاجي للبلد، يولد الفقر، ويشل الخدمات العامة، وفوق ذلك يؤسس لبركان قادم من الاحقاد والثارات يزيد انقسام الشارع العراقي انقساما.

الشيئ الوحيد الذي يختلف اليوم هو ان حجم الدمار سيكون اكبر بكثير، فاذا كان سلاح البيشمركة في سبعينيات القرن الماضي هو البنادق الصدئة القديمة، والقليل من مضادات الطائرات، فانها اليوم تمتلك من السلاح ما يمكن استخدامه في حرب منظمة بامكانه ان يوقع خسائر مهلكة في صفوف الجيش.

واذا كان الكرد يعانون من عزلة دولية في سبعينيات القرن الماضي، فانهم اليوم يمتلكون قدرة دبلوماسية في العالم، ولهم وزن في الصراعات والتحالفات الاقليمية خصوصا بعد ان وجد اقليم كردستان نفسه امام اغراءات الانضمام للمحور السني الجديد "التركي القطري السعودي" المدعوم من الغرب، والفضل بذلك طبعا يعود الى القوة الطاردة في المركز العراقي، التي من اقطابها السيد المالكي، وحسين الشهرستاني وتصريحات بعض السياسيين العدائية، التي دفعت الاقليم للبحث عن تحالفات خارجية بعد ان فض ساسة "الشيعة" تحالفهم، من جانب واحد.

ولكردستان علاقات اقتصادية مع بلدان الجوار الاقليمي تتمثل بعقود استثمارية بملياردات الدولارات ستلعب دورا بارزا في تحييد هذه البلدان، بل قد تصل الى تحالفات او "احلاف" عسكرية، وهذا غير مستبعد خصوصا ان كردستان بثروتها قادرة على شراء (تقديم تنازلات) وهي اكثر تجربة وحرية في مجال المناورة السياسية مما كانت عليه سابقا.

ولن يسمح الضرف الدولي لبروز علي كيمياوي جديد، لذلك فان حرب المالكي ضد الشعب الكردي لن تكون مجرد نزهة للجند العراقيين، كما لم تكون بالتأكيد للبيشمركة ايضا، كما لم تكن حرب صدام من قبل، وهنا على المثقفين والواعين من العراقيين تقع مسؤولية تاريخية، في الدعوة الى منع وقوع الحرب، ورفع الشعار القديم الجديد "لا للحرب في كردستان".








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. نتنياهو: الشرط الأول بعد الحرب هو القضاء على حماس والقيام بذ


.. ما الرسائل التي أراد إسماعيل هنية إيصالها من خلال خطابه الأخ




.. سائق سيارة أجرة مصري يرفض أخذ أجرته من ركاب غزيين


.. أردوغان: إسرائيل ستضع أنظارها على تركيا إذا هزمت حماس




.. محاولة اغتيال رئيس وزراء سلوفاكيا وسط ظروف أوروبية معقدة