الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


- تجديد النخالات-

سعيدي المولودي

2012 / 11 / 24
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المغرب العربي


"تجديد النخالات"
في هذا الوطن القعر، ينطفيء النهار كالنهار ويلج الليل، كالمنبوذ، حاملا أسراره الصغيرة حتى مطلع الفجر، حيث تستيقظ قارة الأحزان الثقيلة وتلقي بثقلها على النور وتغطي أبهاءه كي نكون أقرب من لهجة الظلام، ونظل مقيدين برغبات الفرائس المهددة، نتنفس ريح السياسات العمياء التي تنذرنا للمجهول وتضعنا قرابين للاختيارات الهوجاء التي تضعنا على حافات الإفلاس المتجددة..تتقدم الرداءة الصفوف، واثقة الخطو تمشي صعودا، حاملة بيارقها الممدودة لترعى طقوسها الفاسدة وترش الأرصفة والحارات المغلقة، المحاصرة بكل الذباب المستعر، والحشرات السامة، والجراد البلدي والرومي، وتنصب خيامها الشاردة وشراكها الغادرة لتملأ السماء زيفا وخواء، وتغمض أرداف التاريخ في وجه الشارع الطويل الذي يأسر خطانا، ونمضي فيه عادة كالعميان، تهرب الحقائق من بين أيدينا وتذهب يقظتنا سدى وتأخذ المأساة بخناقنا...
تعبت الأحلام، ولا طريق تؤدي إلى ضفاف المجد: انتخابات تلو انتخالات، ومجالس مجاعية، وبرلمانات منفوخة، وحكومات مدبَّرة، وصفيح بدون مدائن،وديون واستثمارات وتنميات عشائرية وطاقات متجددة ودساتير تجري من تحتها الأنهار، تضع يديها على جنح الرفاه وأعقاب البنادق والغازات المسيلة للجموع، وصناديق سوداء وبيضاء،وفقراء ينامون على جبين الهواء،وأفاقون مقامرون يأكلون الرُّطَب اليانعة، وجلادون يرتوون من الدماء المستباحة.. غارقون في صقيع الخيرات المدجنة، غير قادرين على الجري، والوقت مكتوف العقارب، وعفا الله عما سلف، والله يخلف عليك أيها الوطن المكسور الجناح..
تلبس الأرض جراحها العتيدة، ولا نصل إلا مبللين بغبار الديموقراطيات الشنيعة، تتناوب فيها الأحزاب المصطفاة، المرْداء منها، الأشد فتنة من العذارى، وذات الشعر المنسدل على العارضين، واللحى المرتخية كالعناقيد المغلولة، على ظهيرة الوطن المشاع، تطلق صفيرها في المحطات وتمضي في مزاجها العكر حيث يحدق الناخبون الأراذل في حشيش الهزائم المزركشة ويتعثرون في التفاصيل الصعبة وعبث النزع الأخير من التمثيليات المقلوبة المحشوة بفطائر الإفك والمكر الحداثي الديموقراطي..
عفا الله عما سلف، أيها السلف الجائح، والخلف الجائع، أيها التاريخ الذي يبصق في وجوهنا، ويسرق دمنا، ويأكل نبضنا، ويدعونا للتهدئة تحت أزيز النار التي تقترب من اللمس. عفا الله عما سلف أيها السفاحون مصاصو الدماء،الدجالون،والمرابون،اللصوص المرتزقة الأذناب، أيها الخونة، الجلادون، الجوارح، الخوارج، الأعداء البعيدون القريبون..فالوطن لكم قبل أن يكون لغيركم، فكلوا واشربوا هنيئا مريئا.كل المارة يعبرون ولا يبالون، و يوما عن يوم يبتعدون عن الأمل تحت وطأة الألم..
في هذا الوطن القعر، تبني السياسات أعشاشها على إيقاع الوصول خير من عدم الوصول، وتحرق الجذور، ترسب نخبة المتاع وتذهب للقاع سُفْلاً كأسماء الموتى، ويلتف شعرها الشاخص الأشعث بالصدى الشارد يرن في البراري لما لا نهاية،لتقتات من شجر الخسارات والولاءات الطائشة والعض على الفتات والوعود القاصمة المسيجة بأحابيل الصيد المشبوه والنزاهات والانتصارات العاهرة التي تلبس لباس التقوى المرحلي والإسفاف النضالي القائد لمستنقع الخيانات وأنخاب الغدر.
عفا الله عما سلف، أيها الحقد المترامي الأطراف، المتربص بالأطياف، أيها السحت الجامح القادم من كل فج عقيم، أيها الجشع المبارك، أيها التلف السعيد، أيها النهب الميمون، أيها الطاعون الموشى بخوذات الاستثمار، وأبراج الربح السريع، والريع الخبيث.. أمامكم هذه الرغبة ومفاتن الوطن الرهيبة، فارضعوها ولا تذمونا..
في هذا الوطن القعر، ترتج ذاكرة الأطفال المسعفين بمتاعبهم الصغيرة، تتقدم من ظلالهم العصا الغليظة، الطائفة على التويجات العاطلة، وتسحب ثلج براءتهم من السوق. يهرب الفقراء المتلهفون لخبز التاريخ اليابس، وحليب الأرض المهدورة، الفاحم المأخوذ بلون عرقهم الكادح، الأقرب للضباب.تخرج الأحزاب الملونة من أقفاصها ذات اليمين وذات الشمال، سلاسل من ذهاب تبحر في بهجة السراب، ضحايا مموهة باللغو المعسول والدجل المطروز والشعارات المتبَّلة بمخاط الضواحي والممرات الغاصة بالمرتزقة والوصوليين وأبناء السبيل التائه، الذين يركبون المجزرة ويصرخون بأعلى سوطهم:
المناصب العليا خير من المناصب السفلى.
والفقر يدل على الفقير
والقهر على المقهور،
والبعرة على البعير
والسلطة على المتسلط... وهلم شرا..
***
في كنف الديموقراطيات الهادئة، الخارجة من قوقعتها،ولا ترعى الملل والصمت، وترسم لموجها أجنحة ترتدي الشمس، يتخذ تجديد النخب موقعه على الأرض، ويجعلها أكثر تألقا، لكننا في هذا الوطن القعر، نحشر أقدامنا في النخالات، فتقع على رؤوسنا الأشباه من الطير والغربان، وينقر لُبابنا الدجاج الداجن بلا حدود...
سعيدي المولودي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لادين لا ملة لاعدالة ولاتنمية
عابر سبيل ( 2012 / 11 / 24 - 21:10 )
نهاية بنكيران تقترب وهي على الابواب

اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة