الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أمسية تناقضات

سعيد بنرحمون

2012 / 11 / 25
كتابات ساخرة


أمسيته كانت عجيبة غريبة، بدأها بندوة علمية لشيخين سلفين محترمين، محمد الفيزازي وعبد الوهاب رفيقي المشهور بأبو حفص، وباحثين محترمين واحد ينتمي لحقل الإسلاميات والثاني باحث في الفلسفة، كان اللقاء علميا تنويريا شرح فيه الباحثان والشيخان كل ما يتعلق بالقضية السلفية في المغرب، كان الجميع يحاكم الشيخين بطريقة أو بأخرى عن اختياراتهما، في حين كانا الشيخان يبرران ويشرحان ويستفيضان.. صاح أحدهما "هذا مغربنا ويجب أن نحافظ عليه، لما يطلب منا أن نقوم بالمراجعة وغيرنا من اليساريين حمل أفكارا أكثر جدرية من أفكارنا يوما ما ولم يطالبه أحد بمراجعة أفكاره" المهم كانا التواصل وكانت الهوية المغربية بادية كل شيء، رغم أن الجميع كان محشورا في غرفة صغيرة بعد أن منع اللقاء في الفندق المعد سلفا لاحتضان اللقاء، فكان البعض يتخطى رقاب البعض من شدة الزحام، بعدها حضر عرضا للأزياء في فندق فخم جدا، غاب التواصل وحضرت أشياء أخرى، مغاربة من نوع آخر، الوجوه تلمع من أثر النعم وبعض مساحيق تجميل علية القوم، الأجساد لا تلبس من الأثواب إلا ما قل ودل وقد لا يدل أصلا، فدلالة اللباس نسبية تختلف من مغاربة إلى آخرين، هنا دلالتها أكثر من نسبية، هناك كان الشيخان يلتزمان التقصير وهنا السيدات يلتزمن "التقزيب" في الأثواب، هناك في ندوة السلفية سأل أحد الحاضرون الشيخين عن تقليد سلفيِّ المغرب لسلفيِّ المشرق في اللباس، وهنا في الفندق لا أحد يسأل الأخرين عن تقليدهم للغرب في اللباس أو بالأحرى في العري، حتى عرض الأزياء كان يحاول تحريف القفطان المغربي عن سيرته الأولى، ولأنه لم أجد ذاته في هذا الجو الغريب فقد غادر قبل نهاية العرض، غادر والموائد تعد بما لذ وطاب من أصناف المشروبات والحلويات، أوجه الغرابة لم تنتهي بعد، في سيارة الأجرة كان رفقة ستة أجساد تتكدس فوق بعضها البعض، وروائح الخمر الرخيص تتطاير من الأفواه الهرمة المتهدمة، ساعة حقيقية من الجحيم، قال بعدها لقد انتهت رحلته الغريبة، وصل الحي الشعبي الذي يسكنه، والذي صار وحشيا بما تحمل الكلمة من معنى، الليلة عاشوراء، في كل زقاق إطارات سيارات تحرق وشباب يتحلقون حولها مثل تحلق البدائيين حول صيدهم يشوى، كم هائل من الشتائم والتقافز حول النار والموسيقى العفنة الصاخبة والرقص السمج والعراك هنا هناك وقنابل صغيرة تفرقع في كل مكان، وحدهم رجال الأمن من يختفون عن المشهد، أحسن أنه يعيش في بلد خارج القانون، ودار في خلده أن الأمن لو أراد أن يقوم بدروه في هذه الأمسية الغريبة لما كفته كل سجون المملكة السعيدة لكل هؤلاء المساطيل، من هذه الأمسية الغريبة خرج بخلاصتين: الأولى أن ممارسة الصحافة يوم السبت أمر مليء بالتناقضات الصارخة، والثانية أن العيش مع هؤلاء "الناس" أمر مستحيل...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حكايتي على العربية | ألمانية تعزف العود وتغني لأم كلثوم وفير


.. نشرة الرابعة | ترقب لتشكيل الحكومة في الكويت.. وفنان العرب ي




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيب: أول قصيدة غنتها أم كل


.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أول من أطلق إسم سوما




.. عوام في بحر الكلام - الشاعر جمال بخيت: أغنية ياليلة العيد ال