الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الترابط بين دماء الأمس واليوم

نوال السعداوي
(Nawal El Saadawi)

2012 / 11 / 25
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في مصر والسودان



الدماء المراقة فى مصر وغزة هل بينها ترابط فى الحاضر والماضى؟

ما الترابط بين أسلحة الملك فاروق الفاسدة، ونكبة فلسطين عام ١٩٤٨، والاستعمار البريطانى، ومشروع الخلافة القديم، ونظم السادات ومبارك ومرسى وأوباما وهيلارى كلينتون؟ لماذا نفصل بين الماضى والحاضر والمستقبل؟ لماذا لا نربط بين التحالفات المحلية والدولية؟

النخب هى النخب فى كل عهد، فقط تتغيرالوجوه والأسماء أو الألقاب.

هذا النظام المحلى العالمى العسكرى البوليسى، الطبقى الأبوى، الفكرى الإعلامى، القديم الجديد، المتجدد عبر الزمن، لا يتغير فيه إلا الشكل أو الاسم أو الوجه الظاهر فى الإعلام، من صاحب الجلالة الملك إلى المندوب السامى من لندن، ومن فخامة الرئيس إلى الأخ فى الإسلام، والرئيس المنتخب مندوب الرب على الأرض، ومندوبة واشنطن فى البيت الأبيض.

هذا النظام لا يروح ضحيته النخب الراسخة فى جسد النظام، يتوارث الأبناء عن الآباء الأقلام المراوغة، والأعمدة والمقالات المنافقة، والمناصب فى الجامعات وفى المؤسسات وفى اللجنة التأسيسية والدستورية والاستشارية، ولعبة البرلمان والانتخابات، لا يروح ضحية هذا النظام إلا الفقراء من الجنود المجهولين والأمهات المنكوبات.

لا تتمتع النخب المصرية بهذا الوعى التاريخى المترابط، أو الفكر الخلاق الذى يربط بين الأحداث العامة والخاصة فى حياتهم، الفكر المبدع هو القدرة على الربط بين الأشياء التى تبدو غير مترابطة، أقوم بتدريس مادة «الإبداع» فى جامعات العالم إلا الجامعات المصرية.

إبداع إيه والشعب فقير وجعان؟

تحرير نساء إيه والشعب فقير وجعان؟

بحجة علاج الفقر تهرب النخب المصرية من تطبيق العدالة الاجتماعية الحقيقية، أى حرية النساء وحرية الفكر والاقتصاد والتعليم والثقافة والسياسة: لا يطرحون الأسئلة المحرمة مثل ما علاقة الدماء المراقة اليوم فى ميدان التحرير وشارع محمد محمود تحت حكم الإخوان المسلمين، والدماء التى أريقت تحت حكم مبارك؟

ما الفرق بين قرض صندوق النقد والمعونة الأمريكية فى عهود السادات ومبارك ومرسى؟

ما الفرق بين تصريحات أوباما وهيلارى كلينتون عن مذابح غزة عام ٢٠٠٨ وعام ٢٠١٢؟

ما الفرق بين رصاص شرطة مبارك فى فبراير ٢٠١١ ورصاص شرطة مرسى فى نوفمبر ٢٠١٢؟

ماذا قال الإعلام الحكومى فى عهدى مبارك ومرسى؟

ما الفرق بين نخبة مبارك ونخبة مرسى من الصحفيين والمفكرين والإعلاميين؟

تمخضت الثورة المصرية التى أريقت فيها دماء الشباب وفقئت عيونهم، عن هذا الوضع المؤلم فى الفكر والسياسة والاقتصاد والثقافة والأخلاق والتعليم؟

يتشدقون بالعدالة الاجتماعية طوال الوقت فى كتاباتهم وخطبهم، ثم يكرسون الظلم الاجتماعى فى بنود الدستور والقانون والشريعة.

احتفل الشعب بنجاح الثورة بعد سقوط مبارك وعاد إلى بيوته، فانقضت على الثورة جماعات غريبة يغطى وجوه رجالها شعر أسود كثيف، ويغطى وجوه نسائها نقاب أسود سميك، واستبدلوا علم مصر بعلم أسود يحمل اسم الرب.

دماء الشباب المراقة برصاص النظام القديم والجديد حمراء اللون، وحداد الأمهات المنكوبات أسود بلون القهر.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - لم يتغير شي
عبدالحميد علي ( 2012 / 11 / 25 - 07:58 )
السلطة الديكتاتورية هي ذاتها في كل المراحل التي ذكرتيها
تختلف باللباس الرسمي وتتفق في سحق الابداع والمرأة والجمال .....
وتبدع في فنون التمسك بالسلطة بغض النظر عن اي شي مهما غلا ثمنه
فهو بنظرهم يبقى بخساً مقابل كرسي الحكم واموال قارون.


2 - هذا صحيح معالي الدكتورة لكن!
فارس ولدشمر ( 2012 / 11 / 25 - 08:30 )
معالي الدكتورة نوال السعداوي ماسطرته أناملك الكريمة سيدتي صحيح مئة بالمئة ولايختلف عاقلان معك به أنت سيدتي الدكتورة شخصت الحالة وحددت العلة بعين الطبيب الماهر لاخلاف معك بهذا ألبتة سيدتي بل وتحليلك وطرحك كان دقيقا عقلانيا واقعيا وبإمتياز كشفت لنا الواقع الأليم وأبرزت العلة لكنك لم تعطنا العلاج! فاتك سيدتي وأنت الطبيبة الماهرة والحكيمة العارفة وأنت الخبيرة العظيمة معالي الدكتورة نوال، أريد حلا أعطينا الدواء، شكرا لك سيدتي.‏‎ ‎


3 - بحاجه الى ثورات ضد التخلف اولا
انتصار الانصاري ( 2012 / 11 / 26 - 10:27 )
تحيه الى معلمة الأجيال الدكتوره نوال السعداوي
نعم يادكتوره هذا ماكان الخوف منه هي ان تفشل تلك الثورات ليس فقط بسبب دخول تلك الجماعات الغريبة العقول والأشكال انما ايضا بسبب افتقاد شعوبنا الوعي الكامل عن مفهوم الثورات ومقوماتها واساسياتها فقد قامت تلك الثورات دون تنظيم دون تنسيق مع مثقفين ودون التفكير ببدائل افضل شعوبنا بحاجه الى ثورات من الجذور ثورات ضد التخلف لتغيير العقول قبل الوجوه وما الوجوه والاشكال الغريبه التي استبدلت بالمومياءات السابقه الا نتاج لهذا التخلف واللاوعي

اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة