الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الازمات تلد الهمم

تميم منصور

2012 / 11 / 25
مواضيع وابحاث سياسية


الازمات تلد الهمم
تميم منصور

زاد العدوان الاسرائيلي الحالي على قطاع غزة من تعرية الأنظمة العربية ، خاصة تلك الانظمة التي لا زالت تدين وتستسلم للسياسية الامريكية ، كما كشفت هذه الحرب بأن البعد والاجماع القومي بقي غائباً من سماء ما سمي بدول الربيع العربي ، واكدت هذه الحرب بأن الموقف العربي من القضية الفلسطينية لم يخرج عن اطره الإستسلامية التراجعية المعتادة .
لقد فضحت هذه الحرب العهد الجديد في مصر وأكدت بأنه لم يكن أي مردود لثورة 25 يناير ساهم في اعادة مصر الى دورها الريادي القومي الوطني خاصة فيما يتعلق بالصراع مع اسرائيل ، مصر بعد الثورة وفي ظل حكم الاسلام الإخواني لم تتغير مما كانت عليه زمن مبارك ، الدور المصري لم يتغير ، ما قام به مرسي اثناء العدوان ومعه رئيس وزراته ومخابراته هو نفس الدور الذي كان يؤديه مبارك بدعم امريكي وهذا ما تريده اسرائيل .
لعب مبارك دور مصر الوسيط فتمسك مرسي وقيادته السياسية والمذهبية بهذا الدور ، بدلاً من ان تقوم مصر بدور الشريك في التصدي للعدوان بأساليب وطرق عديده ، السيناريو لم يتغير عن السيناريو المعروف الذي دارت عجلاته اثناء عدوان سنة 2008 على قطاع غزة ، المعابر مغلقة ، المساعدات حتى الانسانية مفقودة ، كل ما قام به مرسي اطلاق بعض عبارات رفع العتب من احدى المساجد لم تخرج من دائرة الاستعطاف والتوسل لأمريكا واسرائيل لإنهاء الازمة ،دون الاعلان عن خطة جاهزة او جديدة لدعم الفلسطينيين ، لم تستخدم حكومته أية وسيلة او الية من اليات الضغط المتوفرة لديها ، من هذه الاليات وقف تزويد النفط والغاز للألة الحربية والاقتصادية الاسرائيلية ، هناك أليات ضغط فعالة وحيوية اكثر بأمكانها تغيير موقف اسرائيل، نذكر منها اغلاق قناة السويس في وجه السفن الحربية والمدنية الاسرائيلية ، ووقف التنسيق الامني مع الكيان المعتدي ، ويوجد بأيدي مرسي عاملاً ضاغطاً اكثر من العيار الثقيل وهو وقف التطبيع الكلي والغاء اتفاقية السادات الإستسلامية المهنية .
لكن مصر مرسي مصر ثورة 25 يناير لم تستثمر خياراً واحداً من هذه الخيارات ، بل اختارت الجانب الانهزامي وهو دور الوساطة ليس لانها دولة عربيه ، بل لانها مجاورة لقطاع غزة ، وخوفاً من احتجاجات القوى الوطنية في مصر ضد سياستها المتواطئة .
كشف هذا العدوان عن العلاقات الوثيقة بين حكم الاخوان السياسي في مصر وبين حكام امريكا رغم تحيزهم المعلن والواضح للمعتدين ، لقد اعترفت هيلاري كلينتون بأن مصر كانت ولا زالت ذخراً استراتيجياً للغرب عامة وامريكا خاصة ، وقد ادت الدور المطلوب منها خلال هذا العدوان .
حاول مرسي التغطية على عوراته وعورات نظامه ، فقام بأرسال رئيس وزرائه قنديل لقطاع غزة في اليوم الثاني لبداية العدوان ، وقد عقب العديد من المراقبين على هذه الزيارة الخاطفة من داخل مصر وخارجها واعتبروها رحلة استعراضية اعلامية لم تأخذها اسرائيل بعين الاعتبار، هل انحصر موقف مصر فقط على هذا الدور الانهزامي ؟ هل هذا هو تراث ثورة عرابي وتراث محمد فريد ومصطفى كامل وسعد زغلول وجمال عبد الناصر ، عندما اختارت مصر دور الوساطة المجردة غير الايجابية فقدت وزنها الوطني والقومي ، لأن الوساطة المجردة تلزم المساواة في التعامل مع الطرفيين المتنازعين أي لا يوجد فرق بين الضحية والمعتدي .
من حقنا أن نتساءل لماذا يصر رئيس حركة حماس خالد مشعل على رفع سقف دور مصر عالياً خلال هذا العدوان ؟ ، هذا موقف طائش وزائف ومنافيأ للحقيقة ، لقد اراد مشعل مخاطبة امريكا وكسب ودها من خلال مغازلته ومدحه لنظام الحكم في مصر خاصةً الرئيس مرسي ، هو يعرف بداخله بأن مرسي ونظامه عبارة عن قربة (مخزوقه) لا يمكن نفخها ، ان موقف مشعل الايجابي المندفع من حكومة مرسي يشير الى انه كان يثني على مرسي الاخواني وليس مرسي السياسي الوطني ،ويؤكد بأن هذه علاقة بين شركاء في فرقة دينية واحدة وليست علاقات مبنية على اسس وثوابت قومية ووطنية ، لقد تحدث مشعل عن علاقة وطيدة بين حزبين سياسيين يجمعهما مذهب وفرقة دينية واحدة .
اما الضريبة التي قدمها مشعل لأمريكا واسرائيل ولدول الخليج ، اعترافه بإنحراف حركته السياسي عن المحور المقاوم الذي يضم ايران وسوريا والحركة الوطنية اللبنانية مع ان مشعل يقف على رأس حركة مقاومة .
لقد زاد هذا العدوان من فضيحة الجامعة العربية وأكد بأنها مكبلة وأسيرة للأموال الخليجية وأنها مؤسسة امريكية في الشرق الاوسط، وأن امينها العام غير الامين على مصالح الفلسطينيين ، لم تتمكن هذه الجامعة من اصدار قرار واحد يمكن أن يغضب امريكا او اسرائيل ، قبل انعقاد اجتماع وزراء الخارجية العرب لبحث العدوان الاسرائيلي على غزة ، طالب مندوب العراق بإستخدام سلاح النفط لنصرة الشعب الفلسطيني ، لكن رئيس دورة الجامعة الحالي وزير خارجية قطر رفض ادراج هذا الاقتراح على جدول اعمال الاجتماع .
مع ذلك فأن هذا لم يمنع من انتشار روائح الاحباط والتواطؤ التي انبعث من افواه اكثر من وزير خارجية عربي واحد من مقدمتهم حمد بن جاسم وزير خارجية قطر
الذي اعاد وكرر موقف بلاده المتآمر عشية العدوان الامريكي على العراق سنة 2003 ، فقد اعترف اثناء الاجتماع ان العرب عاجزين من الناحية العسكرية وغير قادرين على حماية الفلسطينيين ، الحل الوحيد من وجهة نظره هو اللجوء للأوساط الدولية ، من حق كل مواطن عربي أن يتساءل اين الاسلحة التي ابتاعتها السعودية وقطر وكافة دول الخليج من امريكا بمليارات الدولارات ؟ اين الطائرات القطرية وطائرات دولة الامارات التي شاركت بتدمير ليبيا ؟ اين الطائرات السعودية التي قاتلت الحوثيين في اليمن ؟ هل قوات درع الجزيرة قادرة فقط على قمع انتفاضة شعب البحرين وغير قادرة على حماية الشعب الفلسطيني ؟
ان الجيوش العربية التي تجري مناورات مع القوات الامريكية في مصر والاردن وتونس ودول الخليج لا يمكن أن توجه سلاحها ضد اسرائيل .
قد اصبحت قطر اليوم الحمار الذي يتقدم قوافل الأبل العربية ومن ضمنها مصر ، اعترف وزير خارجيتها المذكور في اجتماع وزراء الخارجية العرب بأن اسرائيل ( ليست ذئباً لكن نحن النعاج ) نعم نعاج ترعى اعشاب المذلة من المراعي الامريكية ، لماذا تحولت هذه النعاج الى ذئاب ضد سوريا قبلة العرب القومية والوطنية ؟ قطعان النعاج هذه لا تجرؤ على ارسال طلقة واحدة لدعم المقاومة في قطاع غزة ، لأنها تريد وتتمنى الهزيمة لهذه المقاومة كما تمنتها للمقاومة اللبنانية من قبل ، لكنه هذه النعاج لم تتردد بأرسال اسلحة القتل والدمار لعصابات الارهابين في سوريا لقتل الاطفال والنساء فيها .
قال العقلاء ان الازمات تلد الهمم والشعب الفلسطيني المرابط في قطاع غزة يملك رصيداً كافياً من حصانة القوة والثبات ، لأن جينات ممارساته على الصمود والتصدي تتضاعف كل يوم في قلوب ونفوس ابنائه ،ان خذلان الانظمة العربية لهذا الشعب جعله يحقق المعجزات .









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. لقاء عسكري تركي - سوري برعاية روسية في قاعدة حميميم


.. لأول مرة.. حزب -الإصلاح- البريطاني يتفوق على -المحافظين- في




.. لحظات انتشال 9 شهداء بينهم 5 أطفال بقصف منزل بالبريج


.. غريفيث: الأسلحة استمرت بالتدفق لإسرائيل من واشنطن ودول أخرى




.. فرقة غزة حصلت على وثيقة تشرح بالتفصيل عملية احتجاز الرهائن و