الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مشاهد من الذاكرة

بيان بدل

2012 / 11 / 25
الادب والفن


ها أنا اليوم استذكرُ الأحداث التي مررت بها ... أسردها على شكل قصة لطفلتين الأولى صغيرة بالمعنى والأخرى أيضا ًصغيرة لهول الحدث ..!

قبل سبعة عشر عاما أول يوم تطأ قدماها بلاد الثلج ، بلاد الامان
كانت ممسكة وبشدة أنامل طفلتها التي لم تتجاوز حينها الربيعين مطبقة علي يديها بكل قوّتها وبكل احتواء خوفا منها عليها، كانت خائفة، متوترة، مترددة ،قلقة ومشتتة ،،لا لغة ولا لهجة ولا حتى اشارة تستطيع ان تصدرها ..
مبعثرة كقطع البلور المتكسر، مختلطة الأفكار، كاختلاط الوان الخريف .
كان يوما ماطراً ، وعلى عادتها تفائل وخير كما تعلمته من صغرها برد وذهول ....
غابت للحظات إلى عالم الماضي ، عالم الطموح والحلم ..

نزلتُ من سيارة الركاب واحملُ في يدي حقيبة ممتلئة من قاعدتها ببريد الحزب المحظور مرتبةً بطريقة لا تجلب الشبهة واضعةُ فوقها ملابسي وأشياء خاصة بي وبطفلتي ، امشي بخطوات فخر واعتزاز ،وكأني سأحرر العقول الجامدة والمتزمتة ..!

كنا في شهر آب والشمس حارقة تلسعُ، حاملة ابنتي في يد واليد الاخرى حقيبتي ، عندما اقتربت من نقطة التفتيش تجمدت في مكاني .
و لم أجرؤ على أن أخطو خطوة أخرى للأمام ذلك لأن التفتيش كان دقيقاً ، رغم ايماني بما أقوم به، لكن سار في جسدي خوف على طفلتي وتردد في الأستمرار بقيت في مكاني واقفة، عبر اغلب الركاب وأنا واقفة صلبة وأحس بذوبان طفلتي بين يدي تستنجد بي وتقول بنظراتها افعلي شياء يا أمي ..

جمّعت قواي وقلت لن اخذلك يا ابنتي ، تقدمت وأنا مرفوعة الرأس وللحظات نسيت ما كنت أحمل في حقيبتي من أدبيات ومنشورات سرية ، التي هي قنابل موقوته قد تنسفني وتنسف من احبهم ومن هم حولي، تقدمت بخطوات ثابته متجهة الى ضابط التفتيش مستغلة حرارة الطقس وأشعة الشمس كعذرً للهروب بطريقةً مفبركة وقلت، إلى متى سأظل واقفة هنا؟ أنا لا استطيع ان اٌنافس هولاء النسوة اللواتي يحملن أواني من النحاس من أجل بيعه والتجارة به ،وطفلتي لم تعد تتحمل الشمس ..!
كانت ملامحي في قمة البرائة رغم جرأة ما قدمت على فعله للتو ، رمقني بنظرات غريبة، من قمة راسي الي اخمص قدمي ،كانت نظراتهٌ فيها شك وريبة، كنت غير محجبة وقال تفضلي بالعبور، يا للنصر ، عبرت دون تفتيش ، كبرت خطواتي ضامة طفلتي في احضاني بكل قوة ، لم التفت إلى الخلف لم اجروء على فعل ذلك ..

أفاقت على صوتها العذب ( مامي بردانه !)، بسماعها لصوت طفلتها تذكرت انها الإن في بلاد الثلج ،نظرت إليها والابتسامة ملئ وجهها
وحملتها وركضت وراء الضابط إلى المركبة التى ستحملنا إلى معسكر اللاجئين ، وصلت إلى المكان المنشود ولم التفت إلى الوراء أبدا .. ولن افعل .....








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



التعليقات


1 - تحية حارة من بلاد الثلج للزميلة بيان
kareem ( 2012 / 11 / 26 - 10:28 )
كم هو شعور طيب أن نتناول ولإول مرة قصة رائعة وبهذا الشعور الإنساني المرهف الف تحية لك
أبو نبراس

اخر الافلام

.. حورية فرغلي: اخترت تقديم -رابونزل بالمصري- عشان ما تعملتش قب


.. بل: برامج تعليم اللغة الإنكليزية موجودة بدول شمال أفريقيا




.. أغنية خاصة من ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محمد علي وبناتها لـ


.. اللعبة قلبت بسلطنة بين الأم وبناتها.. شوية طَرَب???? مع ثلاث




.. لعبة مليانة ضحك وبهجة وغنا مع ثلاثي البهجة الفنانة فاطمة محم