الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مناهضة العولمة تمهد لبناء حركة عالمية ضد الحرب

اساف اديب

2001 / 12 / 9
الارهاب, الحرب والسلام




الحرب التي أعلنتها امريكا على العالم وضعت الحركة المناهضة للعولمة الرأسمالية امام تحد كبير. مقابل التراجع المتوقع الذي أبدته النقابات العمالية الكبيرة، بدأت في امريكا واوروبا تحركات ضد الحرب منذ اللحظة الاولى. الحركة ضد العولمة شكّلت الارضية الفكرية والتنظيمية للمرحلة القادمة من المعركة ضد العولمة والحرب معاً.

اساف اديب

يمر الشارع الامريكي بحالة من تضميد الجروح للخروج من المأزق والارباك الناجم عن احداث 11 ايلول. استطلاعات الرأي العام الرسمية تشير الى وجود اغلبية ساحقة تدعم المخططات الحربية للرئيس بوش، وتطالبه بالانتقام للكرامة الامريكية التي هوت تحت رماد برجي مركز التجارة العالمي.

قيادة النقابات تتراجع

على ضوء هذه الاجواء المشحونة، أعلنت قيادة النقابات العمالية الامريكية (CIO -AFL) انسحابها من المظاهرة الضخمة التي خططتها الحركة المعارضة للعولمة في واشنطن نهاية ايلول الماضي، ضد اجتماع البنك العالمي وصندوق النقد الدولي. وصرّح رئيس الاتحاد النقابي، جون سويني، في بيان رسمي (14/9) انه بغضّ النظر عن قرار مؤسسات المال بالنسبة لعقد اجتماعها، فان النقابات العمالية قررت "عدم المضي في مخططها قيادة المسيرة السلمية الجماهيرية او المشاركة في المظاهرة".
ولم يفاجئ هذا القرار العارفين بان قيادات النقابات والحركات الاحتجاجية المختلفة في امريكا تنتمي بمعظمها للحزب الديمقراطي الذي يدعم الحرب. فقد صوّت اكثر من 250 عضوا ديمقراطيا في الكونغرس ومجلس الشيوخ مع ميزانية الحرب وبرنامج بوش العدواني (وكانت عضو الكونغرس الوحيدة التي صوّتت ضد بوش باربرا لي من كاليفورنيا).
من جهة اخرى، أعلن ممثلو تنظيم "اصدقاء الارض" لحماية البيئة عن انسحابهم هم ايضا من الفعاليات الاحتجاجية المخططة في واشنطن. ممثل الخضر، والمرشح الثالث في الانتخابات الرئاسية الاخيرة رالف نيدر، اعلن عدم استعداده للرد على اسئلة الصحافيين خلال الايام الاولى للحادث، مشيرا بذلك الى ضعف موقف هذه التنظيمات التي تعد جزءا هاما من الحركة المناهضة للعولمة.

اصوات جريئة وناضجة

ما من شك ان تراجع قيادات النقابات التي شكّلت الجهاز الاساسي للحركة المناهضة للعولمة، وضع الحركة برمّتها في وضع جديد. غير ان موقف القيادة الرسمية للنقابات الموالية للنظام هو شيء واقناع عشرات الملايين من العمال بدعم الحرب هو شيء آخر. فعلى المستوى الميداني ارتفعت من اللحظة الاولى اصوات عديدة ترفض مبدئيا الدعاية الامريكية وتعتزم مناهضتها مثلما عارضت وكشفت العولمة الاقتصادية في العامين الاخيرين.
التعبير القطري الاول للحركة المعارضة للحرب، كان في المسيرات والمظاهرات التي شارك فيها 16 الف متظاهر في واشنطن السبت 29/9، والتي نظمها "الائتلاف ضد الحرب والعنصرية" بقيادة رامزي كلارك، وهو وزير العدل السابق في ادارة الرئيس كارتر ويرأس منذ عشر سنوات الحركة الداعية لازالة العقوبات عن العراق.
من جانبه، أعلن المجلس العام لنقابات العمال في مدينة سان فرانسيسكو عن دعمه للتحرك المعارض للحرب. في بيان صدر عن المجلس النقابي في 24/9 تحت عنوان "الحرب والعنصرية ليستا الجواب"، دعي كافة العمال والنقابات لمعارضة مخططات الحرب الامريكية وحماية العرب والمسلمين في امريكا من الاعتداءات العنصرية.
من جانب آخر، علق سكان من نيويورك صور احبائهم الذين ردمهم الحطام، في ميدان "يونيون" في المدينة التي امتلأ بالرسومات والكتابات على الجدران الداعية للسلام والمعارضة للحرب. ويشهد هذا الموقع اعتصامات يومية ضد الحرب.
على نطاق آخر افادت مراسلة "يديعوت احرونوت" (28/9) من مدينة بركلي في كاليفورنيا ان الطلاب هناك نظموا مظاهرة حاشدة ضد الحرب يوم الخميس 27/9 شارك فيها نحو 5.000 شخص. ونقل التقرير ان 15 الف طالب شاركوا في اعتصامات وفعاليات ضد الحرب في الجامعات في كل انحاء الولايات المتحدة.
الطلاب المعارضون للحرب يختلفون عن الطلاب الذين عارضوا قبل 30 عاما حرب فيتنام. البروفسور الدون موريس قال للصحيفة الاسرائيلية ان طلاب الستينات رأوا في امريكا قدوة للديمقراطية والعدل، اما طلاب اليوم فلا يتحدثون بنفس المصطلحات عن امريكا ولا يرون بها ذلك الرمز.
ورافقت تحركات الطلبة تحركات اخرى شعبية. ففي كل مدينة وولاية في امريكا تبلورت خلال ايام معدودة ائتلافات جديدة بعضها على مستوى قطري، تنادي بوقف الحرب العشوائية التي ستطال المدنيين ولن تقود الا لمزيد من المآسي. الحركة بصيغتها الجديدة تركز كثيرا على ضرورة وقف كل انواع التمييز والملاحقة ضد العرب والمسلمين في دول الغرب.

ائتلاف جديد ضد الحرب

ما يشير الى ان الحركة ضد العولمة دخلت في مرحلة من اعادة الاصطفاف، هو بروز ائتلاف جديد ضد الحرب يعتمد الى حد بعيد على الحركة ضد العولمة التي تظاهرت في الشوارع خلال الاعوام الثلاثة الاخيرة. في الحركة بصيغتها الجديدة يلعب الدور المركزي نشيطون من حركات السلام، وحركات التضامن مع العالم الثالث، وتيارات يسارية وفوضوية، والعديد من الصحافيين والكتاب الغربيين البارزين.
تغيير طبيعة الائتلاف وشعاراته المركزية اصبح ضروريا بموجب تغيير طبيعة المعركة ووتيرتها. فازاء العملاق الامريكي الجريح الذي يحاول اعادة هيبته ومكانته شاهرا سيف الحرب، يكون لزاما على معارضي النظام الرأسمالي الارتقاء الى المستوى المطلوب من المواجهة المباشرة السياسية والفكرية، وتصبح الدعوة لوقف هذه الحرب ونزع الثقة عن القيادة الامريكية امرا حيويا، دونه لا يمكن مواصلة المعركة من اجل العدل الاجتماعي وتوزيع الثروات بشكل متساو بين الفقراء والاغنياء.
المواقف الجريئة المعارضة للحرب تشير الى امكانية تبلور البوادر الاولى لتيار مقاومة قوي في قلب الدول الرأسمالية الكبرى.













التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إسرائيل تهدد بحرب واسعة في لبنان وحزب الله يصر على مواصلة ال


.. المنطقة الآمنة لنازحي رفح | #غرفة_الأخبار




.. وثيقة تكشف تفاصيل مقتل الناشطة الإيرانية نيكا شكارامي عام 20


.. تقرير إسباني: سحب الدبابة -أبرامز- من المعارك بسبب مخاوف من




.. السعودية تسعى للتوصل لاتفاقيات شراكة أمنية مع الولايات المتح