الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الطائفية ...من وحي مقالة الاستاذ جواد الشكرجي

اسماعيل شاكر الرفاعي

2012 / 11 / 26
مواضيع وابحاث سياسية


عن الطائفية .. ، من وحي مقالة الاستاذ جواد الشكرجي

اسماعيل شاكر الرفاعي

ما زالت الطائفية هي الوعي الاكثر حضوراً لدى الغالبية العظمى من شعوب العالم . هذا ليس تعميماً تجريدياً يبرر لنا التهرب من التزاماتنا الوطنية حيال مواجهة الطائفية في العراق . الاّ انها الحقيقة الاولى التي يقود الاعتراف بها الى تلمس الطريق الصحيح الى السبل الكفيلة بالحد منها كظاهرة اجتماعية تنيخ بكلكلها على تفاصيل حياتنا اليومية كلها . فبعد الترحيل المتبادل لللاقليات الطائفية من احياء الاكثريات ، وبداية الغيتوات الطائفية في بغداد ، اصبحت اسواقنا بحكم الواقع طائفية ، ومدارسنا طائفية . لقد اصبحت الطائفية هي المنهج الذي يتحكم بخياراتنا كلها : من العلاقات الشخصية الى العلاقات العاطفية ، وانعكست على سلوكنا اليومي فاصبح شبابنا يخشون الزواج مثلاً من الطائفة الاخرى ، فيتهمون بالخروج على هوية الطائفة ، فيفقدون وجاهتهم الاجتماعية وتلصق بهم تهم الفسق والفجور والمروق [ قارن هذا العنف المضمر ] . وهذا ما يريد الوصول اليه الوعي الطائفي : تحويل العزلة عن الآخر الى حقيقة اجتماعية غالبة . وقد بلغ هذا الاتجاه ذروته في تقاسم مؤسسات الدولة ووزاراتها على اساس طائفي . لقد تحولت الطائفية الى مقولة سياسية تتحكم بالتشريع والقانون وتقاسم المؤسسات . وهكذا نجحت الطائفية في صنع مقولاتها السياسية الخاصة التي اشد ما فيها جناية على مستقبلنا يتمثل بنجاحها في عزل الطوائف عن بعضها ، وتحويل هذا العزل الى مقولة سياسية راسخة في الوعي الجمعي لدى افراد كل طائفة ونفي اي امكانية للتعايش الطائفي . فاستطاعت ان تكرس زعامة حزبية او عائلية او شخصية تتوارث السلطة ، وتثبيت الديمقراطية عند حدود الآلية ونفي مضمونها كموقف من الكون والحياة كما تخلّق تاريخياً . هذا هو المعطى الاول الراشح عن الطائفية السياسية في العراق : قتل الايمان لدى اعضاء الطائفة بامكانية ان يفكر اعضاء الطائفة الاخرى تفكيراً وطنياً ، وهكذا يركز الوعي الطائفي لدى كل طائفة على تبشيع الطائفة الاخرى وشيطنتها دينياً ونسبة كل الشرور اليها واولها تحريف دلالة الكتاب المقدس وتأويله بما يحقق اغراضها الدنيوية وييسر لها اغتصاب الملك والسلطة . طائفة من هذا النوع : ضالة وزائغة عن الحق لا امل في ان يخرج من صفوفها سياسي قادر على ان يكون رمزاً لمشروع وطني . وحين تسأل اي عضوٍ من اعضاء الطائفتين الاساسيتين في العراق حول الطريق الاسلم للخروج من مأزق التخلف والفساد والسرقات وتدني الخدمات والتفريط بالثروات ، لا تجد أملاً لدى محاورك في ان يفكر وطنياً ، لقد تحولت المقولات الطائفية في وعيه السياسي الى ثوابت ، وهو مضطر الى اعادة انتخاب الرموز الحالية خوف ان يحكمه عنصر من الطائفة الاخرى . نحن هنا امام وعي من النوع الذي لا يفكر بتحسين شروط الحياة انطلاقاً من ممكنات الحاضر بل انطلاقاً من شروط الفوز بالعالم الآخر الذي لا يتأكد الا برضا السماء . لم يكتشف العراقي طريقاً لرضا السماء عنه غير هذه الاحزاب الدينية التي تقاسمت السلطة وشرعت لها من القوانين بما يجعل منها طبقة اجتماعية منفصلة عنه ، ومع ذلك ما زال افراد الطوائف يؤمنون عن قناعة راسخة بان لا بديل سياسي لهؤلاء { المؤمنين }....... اننا هنا امام وعي متمترس خلف مقولات سياسية يراها مقدسة ، وانه لكي لا يصيبه غضب اللّه ، ولكي لا تحرم عليه زوجته ، ولكي ينال نصيبه في الاخرة من الحور العين ، فان عليه ان يعيد انتخاب الدباغ او غيره من الشيعة ، او النجيفي او غيره من السنة ، رغم ان هذه الطبقة السياسية اتفقت قبل ايام على اسقاط دعم الدولة لخبز الفقراء . واتفقت على تحويل الموازنة المالية لوزارة الاعمار والاسكان من بناء دور للارامل والايتام الى شراء طائرات رئاسية ، وافتعلت فتنة طوزخورماتو ....الخ ان المفارقة التاريخية التي يمر بها العراق تتجسد في الهوة السحيقة التي تفصل الوسيلة عن الهدف . فالوسيلة ، اي الاحزاب الدينية كونها احزاب طائفية ، منفصلة عن الغاية ومعادية للهدف { بناء دولة مؤسسات في العراق } . وهذا ما يتبدى واضحاً من سياسية ادارة الازمات وتكثيرها لا حلها . وتكثير الاعداء لا الاصدقاء ، والارتماء في احضان سياسة خارجية هي امتداد لسياسة الداخل الطائفية ، وفي تحويل الاعراف والعادات والتقاليد الى قوانين تتحكم بحركة اجهزة الدولة ..... لم يتم تحويل الاعراف الى قوانين مقدسة من قبل الاحزاب الدينية المسيحية التي قادت مرحلة التحول الديمقراطي واسست لدول ديمقراطية بعد الحرب العالمية الثانية في اسبانيا والمانيا وفي اوربا الشرقية ، بل فرضت على اعرافها الطائفية التراجع الى خلف المشهد التاريخي ، الى حيث الكنائس وامكنة العبادة الاخرى ، واشرفت على كتابة دستور حديث يقوم على مفهوم المواطنة الذي لا يفرق بين المواطنين على اساس الانتماء الطائفي ..... بهذا المعنى تكون اشارتنا الى قوة الحضور الطائفي عالمياً صحيحة اذا ما تم الفرز بين قوانين الدولة الحديثة التي تؤمن الحماية لكل طائفة دينية من حيث الحفاظ على اماكن عبادتها وتأمين الحماية اللازمة لمارسة عباداتها من غير ان يتم السماح لها في تحويل اعرافها الدينية الموروثة الى قانون للدولة .. ان العرف الطائفي الموروث في العراق وفي سواه من البلدان العربية والاسلامية يقوم على اساس فكرة الاصطفاء والاختيار من قبل اللّه لمجموعة بشرية يحبو فقيهها { بالاحرى امامها السياسي } ويلهمه الوصول الى التفسير الصحيح للنص المقدس . فينجو بطائفته في الآخرة من عذاب النار . وانسجاماً مع فكرة الطائفة الناجية ، عبّرت مقدمة دستور 2005 عن هذا الفحوى في تمجيدها لرموز العرف الطائفي الموروث . الشئ الذي يجعل من بنود الدستور المتعلقة بكفالة الحريات وحرية الضمير والعبادة لا قيمة لها امام هذا التمييز الطائفي الصريح . ان النص الاساسي الذي تقوم عليه طائفة اللّه المختارة هو الحديث المنحول على النبي محمد : [ ستقسم امتي الى 73 فرقة واحدة منها الناجية ] ، والعجيب ان جميع الملل والنحل الاسلامية بتعبير الشهرستاني ، والطوائف بتعبير البغدادي ، تتفق ــ هي المختلفة على كل شئ ــ على صحة هذا الحديث النبوي . وهو برأيي من الاحاديث الموضوعة بعد احداث الفتنة الكبرى التي سلّ فيها الصحابة السيوف على بعضهم البعض . في الواقع العراقي الملموس يكون الاعلان عن تكذيب هذا الحديث من قبل جميع الاحزاب الاسلامية هو وحده الذي يضمن للمواطنين صدق توجهات هذه الاحزاب الديمقراطية . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حُرم من حلمه والنتيجة صادمة ونهاية حب مأساوية بسبب الغيرة! ت


.. إيران تلغي جميع الرحلات الجوية.. هل اقتربت الضربة الإسرائيلي




.. ميقاتي لسكاي نيوز عربية: نطالب بتطبيق القرار 1701 وأتعهد بتع


.. نشرة إيجاز - مقتل شرطية إسرائيلية وإصابات في بئر السبع




.. اللواء فايز الدويري والعميد إلياس حنا يحللان المعارك الضارية