الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحجارة المتعزّية في الزمن

نصيف الناصري

2012 / 11 / 26
الادب والفن


غدق طويل للفناء العجلان

الى صلاح فائق






يُكلّفنا بحثنا عن ما لهُ قيمة مترعة ، بين الأطلال الدافئة للصيف ،
الكثير من نزفنا للدموع التي ننذرها الى مّن فكّكنا معهم كلّ رباط .
تعرّجات مكوّمة في المجاهل التي نعبرها ، ولا إشارة فيها الى ما
يخفّف العبّ عن انحدارنا صوب الهاوية . حياتنا التي يُزهر فيها
الفقدان والتي نحياها بمرارات مؤبدة ، تدفع في وجوهنا الظلمة
المخضلّة للماضي ، وتبعدنا عن الاقحوان القريب من شواطىء
اللحظة . كلّ رأفة يُخلّفها الأريج الأليم لأغنية النوتيّ ، نضيّعها في
إنصاتنا الى العبور الحادّ للسهم الذي يجرح حلمنا . نواح في النهار
الموهن ، وفي الشجرة المريضة للسنة ، لا يضارعه أيّ صدى في
في آبارنا الضامرة . نعلّق تمائم محمّلة بدموعنا المصعوقة في ما
نُضحّي به ، ودمنا مبذور للفزع الذي لا يُبليه المرض النديم . قبورنا
المُتضرّمة والمفروشة بالحشمة الصامتة لمَن سبقونا ، تنمحقُ فيها كلّ
مصائرنا المُخزية التي يسخر منها اليعسوب في سقوطه بين الأشجار .
زغب شمس يتلّوى في الظلام ، ننبشه وننام فيه ، ذلك هو ما يتعيّن
علينا القيام به ، من أجل الفاعلية النضرة للهاثنا بين اليأس والتعاسة
المعمورة التي تُسيّجنا بالخرابات . ما نحفظه في الصبا ، يُنهكنا بفظاعة
ولا يمكننا اصلاحه في الصقيع المُفزع للشيخوخة . يُنعشنا الزمن في
لجّة اضطرابه ، ونغوص في غدق طويل للفناء العجلان .







حجارة العالم المتعزّية في الزمن






في تطوافنا بين الشواطىء التي تعرّي ضفائرها
لزفاف النجوم ، تحّمرّ القرابين الساهرة لآلهة
الشعوب القديمة ، وتنجدنا في تعرّضنا للأسر في القبور .
رياض تحوم فوق قناديلها العصافير ، غفونا
تحت أمطارها المنيرة بتماثل مع الآلىء
المضمونة للديمومة ، وآثامنا الهانئة في قيلولتها ،
نتفادى دائماً التصاعد معها في الظهيرة القائظة
للشيطان . فراشات زرق لها مرايا الزمن والانسان
تفتح المعابد المتأوّهة للحبّ ، وتنتشلنا من الغرق في
دخولنا الميزان النيزكي للتاريخ . لا نقدّم الذبائح
الى آلهتنا المضرّجة ، ونقدم لها شهد العسل . رطانة
متذمّرة ، نرتلها أمامها ، وتبارك تجارتنا ومواشينا
في حراستها للحمقى الذين يذبحون شعوبهم في آبار
البترول . طوفان طويل كنّا نجذّف فيه في رحلاتنا
صوب المسالك التي جدّدنا فيها صداقتنا للمنتحرين ،
تلألأت فوقه الضروع المتعافية للبهائم بأسى عظيم
للنوائب التي تُحطّم الكينونة . ننسى ما نَضيّعه على
مداخل اليوم ، ونفتح اللحظة المتقلّبة لربيع الأنهار الى
الخليقة كلّها في مديح يقارع النوم الكلّي لثمرة الكمثرى .
شعاع حجارة العالم المتعزّية في الزمن ، يتضامن مع
الانسان في غيابه الأبدي ، لكنّ ما هو غير لائق ، هو
انفضاحنا الجمعي ونحنُ نشارك الدود بطشه الوحشي بنا .






ما شرّعه الموتى





صنوف كثيرة من الوهن ، نكابدها في تذوّقنا لأسقامنا
المائعة في الهواء الذي يطوّقه السأم ، وما نطلبه من
الزمن ، ليس إلاّ ازاحته للحثالة المرتخية على النهار .
الموتى الذين دفنّاهم في أجمل أيّام السنة ، يفترون
علينا ، وينكرون انّنا أعرناهم فزعنا المبني بصلابة
شديدة . كلّ انعتاق من اللحظة المدفوعة الى هوّتها ،
يلزمنا أن نترقب الوميض فوق الأشجار التي تحرّرنا
من قنوطنا الذي يصعب الإفصاح عنه . النجوم
المرتاعة من توسلنا شفاعة أخيرة ، تسوّغ لنفسها
الأفعال المخزية ، ويعوزها التقويم الصحيح لما نقوم
به ونحنُ ننزع عن قرابيننا ، حليّها المتساوية في الغرق .
أشياء لا تُحتمل ، تستحوذ علينا في رضوخنا لها ،
فكرة تخلّ بالصلافة العتيقة والقانطة للانسان . في
الآبار التي أضعنا فيها ما شرّعه الموتى ، نفايات فظيعة
منزوعة الغيرة ، نتعذّب فيها طويلاً ونحنُ نجذّف في
تعفّن الرغبة .






النداوة الهائلة للديمومة






ننفصلُ في حلمنا الذي نخون به النيران المعصوبة للصيف ،
عن الغيم المفطوم لرأس النحلة . ثمار كثيرة شويناها في
الغروب ونحنُ نترّقب انفجار وعود معتلّة ، نحقّق فيها
تضحيتنا بما يعكرّ الصفو الأزرق للوجود . النيران العظيمة
التي أشعلناها في مديحنا الى من يُسلّونّنا في فقداننا من كانوا
مفخرة لنا ، أطفأناها بعوز شديد للطهر ، ونسينا أسماء من
غابوا في ماهو لا انساني . ندثر الورد في قبورهم بالنداوة
الهائلة للديمومة ، وننسى في فوضى تأخرنا في اللحاق بالثمرة
الوحيدة للبشارة ، الأنين السامي لأعزائنا الموتى بين الأنقاض .
ما يواسينا في تعثرنا بين الصفوف الرزينة للحجارة ، فاترٌ ولا
يمنح الأولوية لما نوّد التعرف اليه والذوبان فيه .







26 / 11 / 2012








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيلم السرب يتخطى 8 ملايين جنيه في شباك التذاكر خلال 4 أيام ع


.. الفنان محمد عبده يكشف عبر برنامج -تفاعلكم- أنه يتلقى الكيماو




.. حوار من المسافة صفر | الفنان نداء ابو مراد | 2024-05-05


.. الشاعر كامل فرحان: الدين هو نفسه الشعر




.. جريمة صادمة في مصر.. أب وأم يدفنان ابنهما بعد تعذيبه بالضرب