الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الشعبوية و الديمقراطية

اسماعيل خليل الحسن

2005 / 3 / 12
مواضيع وابحاث سياسية


تستعرض الشموليّة السياسية , حاكمة كانت أو ميليشيا أو حركة عصبويّة , تستعرض عضلاتها بإنزال جموع بشرية, فيما يسمّى المسيرات أو العراضات أو الغضبات الجماهيرية, لإثبات حقيقة

أن قوتها في (الشارع) لا مراء فيها, وتكون الحركة بمجملها , في دائرة التحكم و السيطرة , حتى تندمج الحناجر لتصبح حنجرة واحدة , تطلق الصيحة المطلوبة منها سواء كانت (لا) أوكانت ( نعم) . وكلما كانت الجموع عديدة , و حاشدة و مليونية , كلما اعتبرتها جهات المصدر ناجحة و محققة للآمال التي من أجلها انتظمت أو حُشدت أو زُجّت "لاحظ المصطلحات العسكريّة".

يعتقد البعض أن مصطلحات مثل الشارع و الشعب و الجماهير و الحشود و الإجماع و الاستفتاء و غيرها , هي من نتاج الثقافة الشعبوية الشمولية , تقابلها في المجتمعات المدنية و الديمقراطية مصطلحات مثل الرأي العام و الحراك السياسي و الحوار الوطني و الاحتكام إلى صندوق الاقتراع .

قد تنفع العلاجات الشعبوية في حل المشكلات الداخلية كسحق المعارضة و تحجيمها لإطالة أمد الحكم , لكنها, في حال تعرض البلاد لخطر خارجي , فإنها لا تنصرف كخطاب موجه إلى الخارج , فالاحتكام إلى مثل هذه السياسات ليس من شأنه سوى دفع البلاد إلى شفير الهاوية , و هنالك من الفئات الحاكمة من لديه هوس في مثل هذه الألاعيب السياسة , التي كانت ممكنة في ظل عالم القطبين المتجاذبين , لكنها في ظل القطبية الأحادية , ستكون مدمرة , حيث لن تنفع بلاغة الشعارات , و لا علو وتيرة الهتافات , و إذا دخلت البلاد في دائرة الهوّة, فإن التنازلات تلو التنازلات لن تنفع , كما لن تنفع الندامة حين لات مندم .

يعتقد العقل الشمولي , أن تجربته خاصة و فريدة , فيرفض مقارنة أوضاعه بأوضاع أخرى مشابهة فالساحة هنا غير الساحة هناك , فبلاد العرب ليست أوكرانيا و ليست جيورجيا , و لا ينبغي أن تكون كذلك, فلم يبق إلا مقاربة أوضاعنا بخيار التتسو و الهوتو , ويعمل العقل الشمولي إلى الهروب إلى هذا الخيار , بكلمة أخرى , خيار : أنا أو الخراب .

لقد أصبحت الدولة الاستبدادية العربيّة , الرجل المريض الذي تختلف الدول الكبرى أو تتفق على تقسيم تركته , و ما زالت هذه الدولة تقود جدلا بيزنطيا حول ضرورة الإصلاح أو عدمه , و ما هي الأولويات الواجب اتخاذها , و استمرار اللعب في الوقت الضائع , في انتظار معجزة تنتشلها , و لو كان هنالك من معجزات لأنقذت الإمبراطورية العثمانية ماضيا , و النظام العراقي حاضرا .

في الرواية التاريخية أن عقدة الحبل استعصى حلّها على الاسكندر المقدوني فحلّها بضربة من سيفه , ودولة الاستبداد أصبحت هي العقدة في مواجهة النظام العالمي النيوليبرالي الجديد , فإما أن تنحل و إما أن تُحل و يبدو أن الأنظمة الشمولية ماضية إلى الخيار الثاني , فهل من مغيث؟








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟