الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مفارقات التصعيد

ساطع راجي

2012 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


يدعو ساسة العراق باستمرار جميع الاطراف المتصارعة في دول المنطقة الى تجنب التصعيد والمواجهات واللجوء الى السلاح، ويطالب ساسة العراق تلك الاطراف باعتماد التهدئة والحوار وابداء المرونة والابتعاد عن التشدد، لكن ساسة العراق هؤلاء انفسهم تجاوزوا كل تلك النصائح خلال الايام الماضية واتجهوا مباشرة وبلا انذار مسبق الى التصعيد في المناطق المتنازع عليها وهي مناطق التعايش المتنوع، بل ان احدا لم يكلف نفسه وخاصة في بغداد لاعلام الرأي العام بمبررات وضرورات تحريك القطعات العسكرية، وفجأة وجدنا أنفسنا في وسط تصعيد غير مبرر ولا مفهوم.
كانت مدن البلاد غارقة بـ(شبر مية) كما يقول المصريون بعد زخة مطر عابرة كنا ننتظرها منذ سنوات لتحفظ ماء وجه العراق من الوقوف على ابواب الجيران ومطالبتهم بحصص مائية لاحول ولاقوة للبلاد في استيفائها، وكانت السقوف الهشة تنهار على المحتمين بها ممن اعتادوا شظف العيش بانتظار عدالة لا تأتي الا عبر الموت البائس، وتحولت الشوارع الى انهار بسبب الفساد والكسل والفشل، لكن عقولا عبقرية التهبت بحمى الشجاعة الجسورة وجدت ان من الافضل التغطية على كل تلك الفضائح بوضع البلاد على حافة الاقتتال الداخلي معتمدة على هفوة عابرة او نزوة خاطفة تجر المتجحفلين عند خطوط التماس الى فعل اهوج يحطم التعايش ويعيد البلاد الى اتون الحروب الاهلية التي نضحك على انفسنا كل يوم بادعاء انها لم تحدث ولن تحدث بين يمسك بقرارات السلاح جمع نخره الفساد والطيش والفشل وصار لايعرف العيش الا بافتعال الازمات.
يوميا نسمع الشتائم والانتقادات اللاذعة التي توجه لحكم صدام بسبب ما جر البلاد اليه من ويلات، لكننا بجرة قلم او بهفوة منشغلين في استبطان الغيب وجدنا انفسنا على عتبة الزمن الذي ظننا انه ولى واندحر فاذا به ينام في حجورنا ينتظر ساعة الصفر الحمقاء ليطلق جحيمه ساعيا للثأر من خيباته عبر نهش اجساد جنود ومدنيين فقراء بائسين يريد الزعماء ان يجعلوا منهم سلالم يرتقون بها الى مجدهم الشخصي ليقول عنهم الاغبياء انهم صانعو نصر وسلام.
كان العراقيون منشغلين باستذكار الكارثة الكربلائية الاليمة التي اقترفها التوحش والطيش والقسوة لكنهم كانوا ايضا على حافة اقتراف خطيئة إسالة الدم وازهاق الارواح في العاب وتسالي الزعماء المندهشين بما حل عليهم من نعمة امريكية جعلت منهم اصحاب سلطة ومال اتاح لهم الجلوس مع تجار السلاح وصناع الفساد الكبار من الافاقين الدوليين والمحليين الذين شيدوا لنا كل هذا الخراب العظيم بمئات المليارات من الدولارات.
كأن احدا من زعماء البلاد لم يعش يوما مأساة الاقتتال القومي في العراق ولم يمر بصره على سطر واحد من كوارث ذلك الاقتتال وجرائمه، وكأنهم لم يجلسوا في يوم من الايام يرسمون خطوط السلطة في البلاد ويتعاهدون فيما بينهم على الشراكة الابدية ويبتسمون فرحين للكاميرات، وكأن الفقراء والجنود من عاثري الحظ هم من فشلوا في التأليف بين قلوب الزعماء فاستحقوا العقاب على ذلك!!.
قد لاتكون اهداف التصعيد تتجاوز الحملات الانتخابية المبكرة وقد تكون جزءا من صراعات الشرق الاوسط وتناطح المصالح الدولية على ارض العراق، لكن التصعيد كشف اننا نعيش في بلاد يقودها زعماء لايترددون عن سفك الدماء ووضع استقرار البلاد على حافة الهاوية من اجل حملات انتخابية بائسة او لابعاد الانظار عن صفقات فاسدة، يبدو اننا لم نتحرك كثيرا خارج دائرة الجنون السياسي وحكم المهووسين برائحة البارود واصوات الرصاص.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. محمود ماهر يخسر التحدي ويقبل بالعقاب ????


.. لا توجد مناطق آمنة في قطاع غزة.. نزوح جديد للنازحين إلى رفح




.. ندى غندور: أوروبا الفينيقية تمثل لبنان في بينالي البندقية


.. إسرائيل تقصف شرق رفح وتغلق معبري رفح وكرم أبو سالم




.. أسعار خيالية لحضور مباراة سان جيرمان ودورتموند في حديقة الأم