الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


المعارضة السلمية تحت قبة البرلمان

لميس كاظم

2005 / 3 / 12
اخر الاخبار, المقالات والبيانات


أخيراً قررت الأحزاب العراقية الدخول الى قمة البرلمان العراقي ، بعد إنتظار دام أكثر من شهر ونصف ، والبلد بأمس الحاجة الى وجود حكومة شرعية منتخبة، تأخذ على عاتقها النهوض بمشاكل البلد المستعصية حلها. البلد والشعب بحاجة ماسة أكثر من أي وقت مضى الى حكومة قوية متحدة في قراراتها تمضي قدما في إجتثاث الأرهاب الذي بات كابوساُ جاثما على نفوس العراقيين الأحرار، فمن الأمور الصعبة هي انك محرر من الدكتاتورية لكنك لاتستطيع العيش بسلام بسب حثالة من الأرهابيين العراقيين والأجانب، أنهم أدخلو الأرهاب الى نفوس المواطن بالقوة.

كان من المفترض على الأحزاب والكتل والقوائم أن تكون قد أعدت إتفاق وبرامج عمل مسبقة قبل الأنتخابات ، حول كيفية تشكيل الحكومة والمناصب السيادية ورئاسة البرلمان والشروع مباشرة في عملها بعد الإنتخابات، فالمواطن كما يقول المثل لم يطل لا العنب والناطور ، بل يعيش في حالة رعب وتردع سياسي ونفسي ممكن ان تؤثر على سير العملية السياسية برمتها. المعلومات التي تصل الى المواطن العراقي حول الإتفاقات والإختلافات والمشاورات والإتصالات بين الأحزاب ، تكاد تكون شحيحة وغير موثقة، وكان ممنيا نفسه ان تتشاورو وتختلفو تحت قبة البرلمان.

لقد إعدتنا أن نهاب ونرتعب من كلمة أحزاب معارضة أو معارض فبالأمس القريب ، إيام العهد البائد ، لم تكن كلمة المعارضة واردة لافي أدبيات الحزب الحاكم ولا في المناهج الدراسية ولا في الساحة الساسية العراقية ، فقد الُغيت هذه الكلمة من القاموس السياسي الحاكم، حتى لاتشوه أفكار البعث المتسوسة وجيله الصاعد ، واخذ النظام يتفنن في إيجاد المصطلحات الرديفة لها ، كالجيب العميل والغوغائيه والشعوبية والكفرة ، والعملاء للأجنبي وصولا الى نعتهم بالخونة ، وهذا هو بحد ذاته خوف النظام البائد نفسة من المعارضة السرية المستمرة ومحاولاتها لتصفيته عشرات المرات وهو في أوج إزدهاره . فكانت المعارضة لا تعني الموت للمعارض فقط بل لأفراد عائلته ، بالأضافه الى حرمان نسل عائلته من المراكز الحكومية المهمة، فمقابرنا الجماعية دليلا ساطعا على مصير المعارضة.
لكن بعد سقوط النظام وأقرار التعددية وتأسيس أكثر من 200 حزب وحركة سياسية عراقية أتسمت معظم برامجها بالعلنية ونبذ العنف كوسيلة للمشاركة في الحكم أوإستلام السلطة أوالتفرد بها . فبدئت تظهر الأحزاب المعارضة السلمية التي لاتتفق مع سياسة الحكومة وتعترض عليها ضمن الأطر الدستورية كالحركة الملكية الدستورية مثلا التي أخطت مسار ديمقراطي معارض للحكومة وشاركت في الأنتخابات لكنها لم تفز، وهذا هو أحد أشكال المعارضة السلمية الجديدة في المجتمع العراقي ،وهي التي سيكون لها مستقبل سياسي في العراق القادم.

تصريحات قادة الأحزاب الحكومية قبل الإنتخابات ،الذين كانو في سدت الحكم ، لاتتطابق مع سلوكهم العملي بعد الإنتخابات ، إذ صرح الكثير منهم، بأنهم لايهتمون كثيراً بالمواقع الرئاسية ، وأعجبتني مفردة كثيراً، بل كانو يؤكدون بأنهم حريصون على إنجاح التجربة الإنتخابية والديمقراطية ، وقد تفائلنا خيراً ، لكن حسابات الحقل لم تتطابق مع خيرات البيدر. فبالأمس قد خطى الشعب العراقي بجرئة نحو صناديق الإنتخاب متحدي الموت والإرهاب بشجاعة عالية أثنى عليها الأصدقاء والأعداء وخيب أمل كل الحاقدين ، فكان المواطن ينتظر خطوات قادة الأحزاب بأكثر مسؤلية ونكران ذات لعقد الجلسة الأولى للبرلمان وتشكيل الطاقم الحكومي وإنهاء حالة الشلل السياسي الذي يمر به البلد بعد الإنتخابات.
من الملفت للنظر تصريح د.أياد علاوي ، إذ أكد بأنه سيقود المعارضة السلمية داخل قبة البرلمان إذا لم يحصل على مركزرئيس الوزراء.
أن هذا التصريح رغم سمته الغير شفافه ، إلا انه ينم عن بداية سليمة للممارسة والوعي البرلماني العراقي ، فمشاكل البلد ومشاكل الحكومة والشعب يجب أن تبحث داخل قبة البرلمان وضمن الشرعية الدستورية.

أن المعارضة البرلمانية السلمية هي ظاهرة ديمقراطية شرعية يقرها الدستور والحياة البرلمانية فهي العين الثانية المكملة لعمل البرلمان والتي ترى فيها مشاكل المجتمع والدولة التي لاتراها عين الكتلة الحكومية، عين تسهر على تقديم الحلول لكل المعضلات التي تكتنف طريق المجتمع و البرلمان والحكومة.

إن المعارضة السلمية ليس بالضرورة أن تكون سلبية، وتقف كالعقدة في طريق المنشار ، ضد مقترحات الحكومة لتفشل خططها وبرامجها وتؤدي بها الى الأنسحاب، بل بالعكس فهي تعمل مع الحكومة في بناء البنية التحتية للبلد ومقررات الدستور وتساعد الحكومة إذا تطلب الأمر على تخطي الصعاب ، وهي تدعم كذلك المشاريع والمقترحات الجذرية التي تراها في مصلحة البلد ، وهي من المكن أن تتحالف مع الكتلة الحكومية على مشروع واحد فقط وبنفس الوقت تحجب الثقة عن برنامج اومشروع ثاني للكتلة الحكومية ، كذلك يحق لاي حزب من كتلة المعارضة التحالف على أحد البرامج مع الكتلة الحكومية، اي أنها معارضة غير هدامة بل هي بنائه في الكثير من المنعطفات المصيرية، وهي غير مقيدة بإعطاء الثقة لكل مشاريع وبرامج الحكومة، لكنها تكون ملزمة بتطبيق البرنامج او المشاريع بعد التصويت وكسب الثقة . المعارضة تمتلك مساحة واسعة في الحركة والمناورة ونقد الحكومة ودعمها في بعض الأحيان.

أن كتلة المعارضة البرلمانية ستشن نضالاً علنياً سلمياً ضمن الأطر الدستورية الشرعية ، بعيد عن كل إساليب المؤمرات والتخندق في الدهاليز المظلمة ضد هذا الحزب اوتلك الكتلة، فهي تدير أيضا الصراع البرلماني والفكري داخل وخارج قبة البرلمان ، ففي داخل البرلمان تقف ضد كل المشاريع التي تراه غير مناسبة للمجتمع والدولة وتحجب الثقة عنها وخارج القبة البرلمانية تخوض نضال علني بأساليب حضارية متمدنة توضح اسباب رفضها لهذا المشروع أوالبرنامج دون المساس اوالتجريح أوالأجهاز على سمعة الكتلة الحكومية ، مستخدمة كل وسائل الأعلام والقنوات الحزبية التابعة لها والنشاطات الجماهيرية لفضح كل أخطاء وسلبيات الحكومة وطرق انحرافها أن وجدت أي إنها تنمي الخلافات المطلبية والجماهيرية في نشاطاتها بشكل علني وضمن الشرعية الدستورية والموافقة القانونية.
أن كتل المعارضة أوالحكومة لايحق لهم التمترس وممارس أي شكل من أشكال العنف اوالقمع السياسي اوالفكري أوالبوليسي ، وكذلك لايحق لكلا الطرفين أن يتخذا من الدين أو الفتاوي أو المرجعية الدينية أسلوبا للعمل الجماهيري أوالإنتخابي والأهم هو لايجوز إستخدام مناصبهم الحكومية في الصراع ، بل الكل متساوين في الحقوق والواجبات داخل وخارج قبة البرلمان وسيكون سلاحهم وادواتهم دائما سلمية في الصراع وهي الجماهير والإعلام مؤسسات المجتمع المدني.

09.03.2005








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حيوان راكون يقتحم ملعب كرة قدم أثناء مباراة قبل أن يتم الإمس


.. قتلى ومصابون وخسائر مادية في يوم حافل بالتصعيد بين إسرائيل و




.. عاجل | أولى شحنات المساعدات تتجه نحو شاطئ غزة عبر الرصيف الع


.. محاولة اغتيال ناشط ا?يطالي يدعم غزة




.. مراسل الجزيرة يرصد آخر التطورات الميدانية في قطاع غزة