الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


من قتل الحريري؟

قاسيون

2005 / 3 / 12
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


بغض النظر عما إذا كانت عملية اغتيال الزعيم اللبناني المرموق المرحوم رفيقالحريري قد تمت بوسائل حديثة ومتطورة جداً أم بدائية، فمن المؤكد أن المواد المستخدمة في الانفجار وشدتها واتساع رقعتها تشير إلى عدة أمور أولها أن من خطط لهذه العملية الإجرامية ـ سواء كان فرداً انتحارياً أو جهازاً دولياً أ ومجموعة محلية ذات خبرة عالية في عمليات التفجير ـ كان يتقصد عدم نجاة الحريري بأي شكل من الأشكال وتشير ثانياً أنها كانت على معرفة جيدة بوسائل الحماية الإلكترونية الأحدث في العالم والتي كان يستخدمها ولديها القدرة على تعطيلها أو اللجوء إلى وسائل تتجاوزها وثالثاً وهذا هو الأهم أن لديها القدرة على إزالة الآثار التي يمكن أن تدل عليها...

لذلك فإنني أرى أن البحث عن الخلفيات السياسية لهذه الجريمة أو تلك قد تساعدنا في تحديد الاتجاه الذي يمكن إذا سرنا فيه نتمكن من الكشف عن الجناة أو الإمساك بالخيوط التي تقود إليهم...
سنركز في بحثنا على الخلفيات السياسية التي طرأت على العالم بعد غياب الاتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية حيث اعتقدت الولايات المتحدة الأمريكية والقوى الإمبريالية والصهيونية المتحالفة معها أن العالم قد أصبح ساحة خالية لها (مشاع) تضرب أينما تشاء وماتشاء وفي أي وقت تشاء فمنذ عام 1992 بدأت بإثارة الفتن الأثنية والطائفية في البوسنة والهرسك وكرواتيا وكوسوفو ودول وسط آسيا السوفييتية سابقاً ما أدى إلىتمزيق يوغسلافيا والاتحاد السوفييتي وأغلب الدول الاشتراكية السابقة واحتوائها في حلف الأطلسي لتنتقل بعد ذلك إلى جنوب آسيا ـ أندونيسيا ـ تايلاند ـ الفليبين ثم إلى كشمير (الهند والباكستان) وانتقالاً إلى السودان والعودة إلى الشيشان وجورجيا والعراق ولبنان ومصر (بين المسلمين والأقباط) لذلك فإننا لايمكن أن نضع ماجرى في لبنان من عمليات اغتيال خارج هذا السياق التاريخي والسياسي لعالم ما بعد الحرب الباردة أو خارج القوى الموجهة لهذه العمليات على مستوى العالم، فما جرى في لبنان ليس نسيجاً وحده ولايهدف إلى اغتيال الحريري كشخص بقدر مايريد أن يتخذ من اغتياله أساساً لفتنة طائفية مماثلة لماجرى قبل ثلاثين عاماً ولما جرى حديثاً في يوغسلافيا وغيرها من البلدان...
ولعل الجناة توهموا أن عملية اغتيال شخص كبير مثل رفيق الحريري (يشكل مركز ثقل في الساحة اللبنانية والعربية والدولية) يمكن أن يشكل مدخلاً لمزيد من التصعيد قد يجرإلى مثل تلك الحرب الأهلية، من هنا فإننا لايمكن أن ننظر إلى عملية اغتيال الحريري خارج ماجرى في العالم ولما يجري في المنطقة حالياً لفرض تسوية تصبح فيها إسرائيل القوة القائدة والمهيمنة على الشرق الأوسط الصغير أو الكبير كما قال بوش...
ثمة من يعتقد أن أوروبا بقيادة فرنسا وألمانيا عندما وقفت ضد غزو الولايات المتحدة للعراق أن ذلك تم انطلاقاً من رفضهما استخدام القوة لتنفيذ مايريدون، والحقيقة أن هذه الـ (أوروبا) خاصة فرنسا ليست ضد غزو العراق إلا لأن الولايات المتحدة أرادت أن تنفرد وحدها مع إسرائيل بالكعكة، وأما عندما أعطوا للأوروبيين جزءاً من الكعكة في أفغانستان والبلقان ووسط آسيا سكتوا عليها وتعاونوا معها...
ومن الواضح أن سياسة مكافحة الإرهاب لم تقض على ابن لادن والزرقاوي وجماعتيهما ولم تقض عليهما على الرغم مما تمتلكه هذه الدول وأجهزتها من إمكانيات كونية هائلة وأصبح من الواضح لجميع القوى في العلم زيف وكذب الديمقراطية والحرية التي تزعم هذه الدول الإمبريالية أنها حريصة على نشرها.
من الذي يجب أن يخرج من لبنان إسرائيل أم سورية؟ من الذي يجب أن يخرج من العراق؟ من الذي يجب أن يطبق القرارات الدولية إسرائيل أم سورية؟...
من طالب بإخراج سورية من لبنان؟ يعرف الجميع أنها إسرائيل التي جرت بعد ذلك الولايات المتحدة إلى موقفها من خلال اتخاذ الكونجرسقراراً يدعو إلى محاسبة ومعاقبة سورية...
من الذين دعوا منذ البداية لمطالب إسرائيل بإخراج سورية من لبنان؟ إنهم عون وجماعته ثم القوات اللبنانية بزعامة جعجع ثم انجرت إليهم قرنة شهوان وأخيراً المعارضة اللبنانية بقيادة وليد جنبلاط. وفي الوسط وقف الحريري وكثير من القوى اللبنانية التي هي في صف الموالاة والمعارضة مثل هذا الاصطفاف الذي وقفه السيد الحريري وغيره من القوى لايخدم إسرائيل وأهدافها لذلك أرادات القضاء على هذا الخط الوسط بالقضاء على زعيمه ولتتخذ من عملية اغتياله حجة لتوجه التهمة لسورية...
من يصدق أن الرئيس الفرنسي جاك شيراك حريص على لبنان وشعبه وعلى استقلاله ونيله حريته وسيادته؟ إذا علمنا أنه يوم 25/1/2005 أقام نصباً تذكارياً في شارع ماري بباريس لضحايا اليهود الفرنسيين الذين قضوا في الحرب العالمية الثانية في يوم الاحتفال بذكرى المحرقة (الهولوكوست) المزعومة، في الوقت الذي تجاهل فيه ضحايا وتضحيات الشعب الفرنسي وقوات الأنصار الفرنسية ضد النازية في الوقت الذي مجد فيه الماسونية العالمية وعلمنتها لفرنسا....
إذا انتقلنا من العوميات إلى التفاصيل والتحركات التي سبقت اغتيال الحريري فإننا نجد أن الرئيس الحريري قد وقف موقفاً وسطاً بين المعارضة الداعية إلى التصعيد وبين الحكومتين السورية واللبنانية الداعية إلى التهدئة والحوار وموقفاً وسطاً بين القرار 1559 وبين اتفاق الطائف، وبعد أن جاء وليد المعلم والتقى أغلب أطراف المعارضة استطاع أن يكسب الحريري إلى خط التفاهم والحوار بدلاً من التصعيدوتشكيل خط ثالث، وهذا ماتحدث به الحريري قبل خروجه لشرب القهوة قبل اغتياله مباشرة..
وإن المرء لايسعه إلا أن يستغرب الخطاب الذي توجه به ميشيل عون قبل حوالي عشرين يوماً إلى قوى المعارضة المجتمعة في بيروت حيث وعدهمبأنه لن يعود إلى لبنان فحسب بل إن تغييرات كثيرة هي قادمة أيضاً ثم قال في خطابات ولقاءات لاحقة أنه سوف يخرج سورية بالقوة من لبنان وفي فترة لاتتعدى عام 2005...
ونحن نعرف كما يعرف السوريون واللبنانيون أن لميشيل عون مؤيدين كثر في الجيش والأمن اللبناني وقوات جعجع وجيش أنطوان لحد وفي أوساط المعارضة حتى تلك التي لاتوافقه على أساليبه ومعروف أن لقاءات كثيرة قد تمت بينه وبين مسؤولين أمنيين عسكريين إسرائيليين في باريس قبل حوالي شهرولايستبعد أن تكون عملية اغتيال الحريري التي تم الاتفاق عليها بينه وبينهم قد بحثت لاحقاً على أعلى المستويات بين الرئيس شيراك وبوش وبعد الزيارة الأخيرة لكونداليزا رايس لباريس ولايستبعد أن تكون زيارة كل من وليد جنبلاط والمطران صفير الذي زار باريس قبل أسبوع من عملية الاغتيال والتقيا شيراك وعون قد اطلعا على ماخطط له...
وإذا علمنا أن أجهزة الموساد هي الأقدر على اختراق الأمن الفرنسي والأمريكي والشركات الفرنسية والأمريكية والسويدية والسويسرية المصنعة للأجهزة الألكترونية التي كان يستخدمها الحريري وبالتالي على معرفة بالأجهزة القادرة على تعطيلها أو الوسائل الكفيلة بتخطيها، وإذا علمنا أيضاً أن الموساد لا يمكن أن يبخل على السيد عون بتقديم مايتوفر لديه من معلومات وأجهزة وأعوان لتحقيق مرادهما المشترك في إخراج القوات السورية والوصول إلى السلطة فإن المسألة تصبح مفهومة....
إنها جريمة كبيرة خططت لها قوى كبيرة وعديدة قامت بتنفيذها قوى محلية وإذا أريد البحث عن الجناة فإنني أرى أن البحث يجب أن يبدأ بمساءلة مؤيدي عون المبثوثين في الجيش والأمن اللبناني وبأقصى مايمكن من السرعة بما يقود إلى الإمساك بطرف الخيط أو الخيوط مع العلم أنهذه القوى قد استبقت الأمور وعملت على توجيه أصابع الاتهام للحكومة وشحن الشارع ضدها لتحول دون مساءلتها لأي فرد كان بحجة أنها حكومة أمنية مخابراتية قمعية لذلك أرى أنه يجب التعامل مع هذه القوى بكثير من الاحتراس واليقظة استناداً إلى القانون...
■ فتحي رشيد








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. في هذا الموعد.. اجتماع بين بايدن ونتنياهو في واشنطن


.. مسؤولون سابقون: تواطؤ أميركي لا يمكن إنكاره مع إسرائيل بغزة




.. نائب الأمين العام لحزب الله: لإسرائيل أن تقرر ما تريد لكن يج


.. لماذا تشكل العبوات الناسفة بالضفة خطرًا على جيش الاحتلال؟




.. شبان يعيدون ترميم منازلهم المدمرة في غزة