الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الأزمة الدستورية في مصر تحتاج لوقفة تاريخية

محمد يوسف الحافي
باحث

2012 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


أثار ما جرى تسميته بالإعلان الدستوري الذي أصدره الرئيس مرسي منذ أيام سخط الكثيرين على مستوى الجمهورية بأكملها, وخرجت مظاهرات ضخمة من المعارضين لسياسة الرئيس مرسي احتجاجا على ما أصدره , وهي في حقيقة الأمر قرارات بقوة قانون, كرس من خلالها سيطرته على مفاصل الدولة المصرية, وجمع في يده سلطة التشريع, بالإضافة لرئاسته للسلطة التنفيذية, وتدخله غير المسبوق في السلطة القضائية, وعزله للنائب العام, وتعين بديل له, متناسيا الخلاف الحاد على اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور, والتي تعتبر مصدر الخلاف الحاد بين القوى الوطنية, والتيار الإسلامي في مصر.
تلك الإجراءات أدخلت البلاد في نفق دستوري مظلم, وقسمت الشارع المصري بين مؤيد للرئيس مرسي وقراراته, تحت مظلة استكمال أهداف الثورة, وتطهير القضاء, في المقابل, اعتبرت القوى المدنية والتيارات اللبرالية أن الرئيس مرسي ومن وراءه مكتب إرشاد الإخوان المسلمين أزهق دولة القانون, وجمع السلطات الثلاثة في يده, في خطوه منه لتوطين حكم استبدادي شمولي لا يختلف عن سابقه بكثير, مما جعل الخلاف كبير والهوة متسعة بين أنصار الإعلان الدستوري ومعارضيه, ولازال الطرفين يتمسكا بأهداف الثورة, وصالح مصر العام, كل من رؤيته الحزبية وسياساته الضيقة, مما أنتج أزمة ثقة بين طرفي الصراع على الساحة المصرية, ذلك في ظل حالة غير مسبوقة من الجدل حول مستقبل الدولة المصرية ومؤسساتها.
فقد عبر الكثيرون من المحللين وأصحاب الرأي عن أن مرسي صنع من نفسه دكتاتورا عصريا بأدوات جديدة, لكنه لا يختلف عن كل النظم الشمولية والاستبدادية التي عرفها التاريخ, ذلك في ظل دفاع مستميت وتعنت من الإخوان المسلمين بعدم الرغبة في تعديل أو الرجوع عن تلك القرارات.
الملفت للنظر والحالة هذه, أن الخارجية الأمريكية صرحت بأن الأزمة القائمة في مصر هي شأن داخلي بحت, وعدم تعليقها على سياسة حزب الحرية والعدالة والرئيس مرسي, بالرغم من أن الجميع يتذكر مدى اهتمام الإدارة الأمريكية وتدخلها في الشأن المصري أثناء ثورة 25 يناير وزمن الرئيس مبارك, فقد أبدت اهتمام واضح جدا وداعما للمطالب الشعبية ضد نظام مبارك السابق. كما جسدت الأزمة حالة استقطاب حاد في الشارع المصري, أدخلت البلاد في نفق مظلم, سوف لن تكون نتائجه بالسهلة أو البسيطة في الأيام المقبلة, إذا ما استمرت الأزمة, خصوصا بعد دخول الاحتجاجات مرحلة عنيفة من الاشتباكات بين طرفي الصراع, ومهاجمة مناهضي الإعلان الدستوري لمقرات حزب الحرية والعدالة, وحالة الفوضى العارمة التي عمت أرجاء البلاد.
يبرز هنا التساؤل عن مستقبل الحالة المصرية وحالة الاستقطاب والانقسام التي لم نشهدها من قبل, وهل ستقدم جماعة الإخوان المسلمين على انقلاب حقيقي للسيطرة الكاملة على الدولة, قد يصل لاستخدام العنف ضد المحتجين على الإعلان الدستوري, وهل لو تم لمرسي السيطرة وسكتت القوى الوطنية عن قراراته, سوف يصب ذلك في صالح البلاد والعمل على نقلها لجهة إعادة بناء مؤسسات الدولية ودمقرطة أبنيتها وسلطاتها فيما بعد, أم أن الإخوان سائرون باتجاه الاستحواذ والاستبداد القائم على الاختلاف الأيديولوجي والعقدي بين التيار الإسلامي والتيارات الوطنية والمدنية الأخرى؟
فقد قادت أزمة ثقة بين حركة حماس المنبثقة عن الإخوان وحركة فتح بعد وصول الأولى لسدة الحكم في 2006 لدخول السلطة الفلسطينية في أزمة شرعية تمخض عنها أن أقدمت حركة حماس على حسم الصراع عسكريا في قطاع غزة, وها نحن الآن أمام مشهد مشابه خصوصا وان الإخوان والرئيس مرسي يعلن عدم نيته التراجع قيد أنملة عن الإعلان الدستوري الذي أصدره منذ أيام, في مقابل تصلب المعارضة في مواقفها لجهة إرغام الرئيس مرسي على التراجع وسحب الإعلان الدستوري.
ونرى هنا, أن يقوم الرئيس مرسي بخطى وإجراءات حسن نية من شأنها طمأنة الشارع المصري, ومن ثم إدارة حوار شامل مع القوى الوطنية بشأن الجمعية الدستورية والإعلان الدستوري, وإعطاء مساحة اكبر للغة الحوار على أساس تجنيب مصر خطر الدخول في أزمة اقتتال داخلي, وتقويض مؤسسات الدولة. من شأن تلك الخطوة تغليب صوت العقل والحكمة والانحياز لمصالح مصر العليا ومستقبل أبناءها.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بين مؤيد ومعارض.. مشرعون أمريكيون يعلقون على قرار بايدن بتجم


.. السويد.. مسيرة حاشدة رفضا لمشاركة إسرائيل في مهرجان غنائي في




.. نائبة بريطانية تدعو حكومة بلادها إلى الضغط على إسرائيل لوقف


.. أخبار الساعة | عمالقة النفط يدعمون حملة ترمب بمليار دولار




.. أخبار الساعة | -بوينغ- تسجل 3 حوادث جديدة خلال 48 ساعة