الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


اليسار الإتحادي

حميد المصباحي

2012 / 11 / 29
مواضيع وابحاث سياسية


الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية,حزب يساري,لا يمكن تجاهله عند تناول التاريخ السياسي للمغرب,فقد كان في واجهة الصراعات السياسية منذ ظهوره,وكان وجوده التاريخ تعبير عن تحولات عرفتها الحركة الوطنية في صيغتها التقليدية,بحيث سوف تتقمص الحركة الوطنية الفكر الإشتراكي وتعتبره مشروعها التحرري,والقادر على تخليص المغرب من التبعية للإستعمار,وهنا نشطت الإختلافات السياسية والإيديولوجية بين تيارين,واحد يرى أن الفكر الإشتراكي,فكر إنساني,في صيغته الأكثر تقدما وواقعية,وهي الماركسية ,واتجاه آخر,يعتبر أن الإنتماء للفكر الإشتراكي,ليس مشروطا بالدفاع عن الفكر الماركسي,ذي النزوعات الإلحادية,على مستوى الفكر,والمستند على فكرة الثورة,كأسلوب للتغيير,وهنا بعد 1975 أي المؤتمر الإستثنائي,سوف ينتصر خط الإشتراكية الديمقراطية,أي تلك التي تقبل بأن الوصول إلى السلطة السياسية يمكن أن يتحقق عن طريق صناديق الإقتراع,أي الإنتخابات,لكن بقيت هناك اتجاهات سياسية تشكك في هذا الإختيار,وتعتبر أن تحقيق الإشتراكية,سوف يتطلب انتظار دمقرطة نظام الحكم,الذي لا يمكنه التنازل عن سلطاته المطلقة,فهو يعرف طبيعة المشروع الذي يدافع عنه الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية,وبذلك لن تكون الديمقراطية إلا مبررا للتهرب من ضرورات المواجهة أو التحايل عليها,باختلاق انتظارات جديدة,يتأهل بها الحكم لتجميع حلفاء له,بتوسيع قاعدته الإجتماعية.
بقيت هذه الخيارات حية داخل الإتحاد الإشتراكي للقوات الشعبية,وربما بسبب ذلك تعرض الحزب للكثير من الإنشقاقات,منذ الثمانينات,رغم وجود انشقاقات قبل هذا التاريخ غير مصرح بها,وقد تفجرت في تاكتيكات مواجهة المخزن,وكانت المؤتمرات محطة للإنقسام بين الإتحاديين,بحيث كانت تاكتيكات المواجهة والقبول بسلطة الحكومة في عمق الصراعات الداخلية للحزب,فبعد ظهور حزب الطليعة,تلاه حزب المؤتمر الإتحادي,ثم الوفاء للديمقراطية ,وبعد هذه الإنشقاقات,كانت الأحزاب الجديدة,التي تنتمي حقا للتجربة الإتحادية الإشتراكية,تحاول تبرير ظهورها بما هو إيديولوجي وحتى فكري,لتكتسب شرعية الوجود,وتصير مالكا حقيقيا للشرعية الإتحادية التي تفاعل معها الشارع المغربي وتعرف عليها في الكثير من الهزات التي عرفها المغرب في مواجهاته لسلطة المخزن,فلماذا لم تنجح هذه التنظيمات في إضعاف الحزب واختفائه من المشهد السياسي لحد الآن؟
وكيف استطاع الإتحاد الإشتراكي الصمود رغم توالي الإنشقاقات التي عرفها؟
1قوة الإتحاد
يكمن سر هذا الحزب اليساري,في علاقاته التنظيمية,التي راكمها تاريخيا,وعرف كيف يحافظ عليها في أوج صراعاته السياسية,إذ لم تعد علاقات مدنية سياسية,بل امتدت إلى علاقات أخرى,فيها العائلي,بترابطاته التي يتم استحضارها كلما تأزمت الأوضاع السياسية,وترهلت البنى التنظيمية,وهوإرث حافظ الإتحاد عليه,وطوره منذ الإنتماء القديم لحزب الإستقلال,الذي لازال يوظف هذه الآلية أحسن توظيف,و لم تتعطل لحد الآن و إن أصابتها بعض الإنكسارات,التي أدت إلى ظهور قيادة خارج الأعراف العائلية التي كان بها حزب الإستقلال يحسم الأمانة العامة,فإن فشلت هذه الآلية في حزب الإستقلال,فقد كانت سر وحدة اليسار الإتحادي,الذي يعود إليها لاستنهاض الهمم,و الحث على المزيد من الصمود و التفاني لأجل تحقيق الغايات التي سطرها الإتحاديون,وعليهم إنجازها.
2دينامية الإتحاد
لم يكن هذا الجسم السياسي يعول كثيرا على مفكريه,بل حث دائما على الإنصات للفاعلين,المواكبين للفعل التنظيمي,و التأطير الخاص باستجماع القوى والتحكم فيها,بعيدا عن كثرة التخطيطات,التي تتحول إلى تخبطات سياسية وإيديولوجية في غالب اللحظات,بهذه الدينامية,كان الحزب يربح رهانات الوجود ةترسيخ قيم الإستمرار,رغم الهزات التي كان يعرفها طيلة تاريخه السياسي,سواء كان مصدرها فاعليه السياسيين,أو كانت نتيجة مؤامرات خططت لها وزارة الدالخلية المغربية لإضعاف الحزب والحد من امتداداته الجماهيرية التي كانت تخيف نظام الحكم المغربي,أكثر من باقي القوى الأخرى,لأن رجالاته اكتسبوا كيفيات التواصل مع مختلف الشرائح الإجتماعية المغربية,بفعل الخبرات النقابية والمدنية,وحتى الثقافية,التي كان الإتحاد يتميز بها,أو بعبارة أوضح كان مناضلوا الإتحاد القدامى يتميزون بها.
3تحالفات الإتحاد
كان الإتحاد الإشتراكي,حذرا في تحالفاته السياسية,و لم نكم كيساريين نفهم سر تردده في التحالف خصوصا مع قوى اليسار,التي كان دائما يعتبرها مساهمة في انشقلقاته السياسية,وهي حقيقة في حالات كثير لا يمكن التنكر لها,فالتحالفات,كانت تفرض تنازلات,لم يكن الحزب قادرا على الوفاء بها,سواء كانت فارضة لمواجهة المخزن أو متقاربة معه,فالإتحاد الإشتراكي,رسم مسافات مختلفة مع نظام الحكم,يحتكم من خلالها لنخبته,التي تضيق درعا بالمنافسين لها خصوصا من جسم اليسار المغربي غير الإتحادي,إذ ظلت شديدة الحساسية تجاهها,وغير واثقة فيها,بفعل الإحتكاكات بها نقابيا وحقوقيا وطلابيا ومدنيا بشكل عام,هنا رسم الإتحاد الإشتراكي لنفسه تصوره الخاص للتحالفات,برغماتي المحتوى,فهو يتحالف مع القوى البرلمانية بالبرلمان,ومع القوى الجماهيرية بالشارع,و مختلف واجهات النضال المدني الجماهيري العام,وهو ما لم تفهمه قوى اليسار وتقدره حسن التقدير.
4خفايا الإتحاد
القوات الشعبية,تعبير سياسيي عن وجود فئات اجتماعية مختلفة داخل الحزب,متحالفة فيما بينها بناء,على تصور خاص للإشتراكية,بصيغة مغربية,مفتوحة على كل الإجتهادات الممكنة,فهي اشتراكية تسعى للعدالة حتى لو كانت عدالة المال,في تملكه بالتساوي مع رجالات السلطة السياسية,مما يجعل من اشتراكية الإتحاد الإشتراكي,اشتراكية تحريضية,غايتها تخويف نظام الحكم وليس تأميم وسائل الإنتاج وإحداث القطيعة بين الرأسمالية بدك أسوار الإستغلال وتسليم السلطة لقوى التحرر العمالية,كما كان الإشتراكيون القدامى يشرحون للعمال والفلاحين عندما انشق الإتحاد عن الإستقلال,وعندما صار الإتحاد الوطني اتحادا اشتراكيا فيما بعد.فكان اليساريون يحاسبون الإتحاد من خلال النظرية الماركسية,وكأنه حزب ماركسي لينيني.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ