الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


زهرة حمراء..

نصيرة أحمد

2012 / 11 / 29
الادب والفن


في هذه اللحظة التائهة ..ولاشىء غير الاتربة المتناثرة وأوراق الاشجار اليابسة والعشب الذي امتصّ آخر قطرة منذ شهور طويلة . لاشىء ينطق بالحياة غير الاثم الكبير الذي غلّف العالم واستولى على النقطة الاخيرة للطيبة والنقاء . كانت رحلتي قد انتهت توّا ..رحلة الهرب عن هذا الشىء الذي يسمى النفس ، لقد ازدهر فيها مرضٌ عضال فجأة ولم تتمكن ملايين الكريات البيض من دحره او اخفاء حدّته ، فدبّ الوهن في هذا الكائن العجيب ، وانطفأت آخر زهرات النرجس التي اورقت منذ أمد بعيد .كنت ابحث عن معنى يدرك حجم الالم المتصلب الذي بات يهدّد قلبي بالانقراض والتيه ..، لقد أثقل عليّ هذا الصيف الفائت طويلا ، واستقرّت حرقتهُ وشدتهُ في دمي ..واستجمعت السماء كل قسوتها , وهمجيتها وبكائها وأفرغتها بين يديّ. طائر صغيرٌ يحطّ قربي ..يخيّل للمرء أول وهلة ، انه سنونو . . لقد حفظت شكل السنونو منذ كتبت اولى قصائدي ، كان لايغادرها أبدا ..حينما اقترب مني قليلا ، أدركت انه طائرٌ آخر لاأعرفه فانا أضيع أسماء الطيور والازهار والاشجار كثيرا ....يبدو انه متعطشٌ لحبّة ماء تديمُ لعنة الحياة لديه . أتذكر ياحبة قلبي ..لقائنا الاول ...ذلك اللقاء الربيعي الخالد ، كانت السنونو قد اصطفت قرب ساحل البحيرة الصغيرة ، بأعداد هائلة ..لاشىء يؤنسها غير الالفة والوئام والروعة اذ ترسم سيلا دافقا من الاحلام الهادئة والالق الدافىء الذي حطّ في قلبينا ، وددت لو أسرع بكل قواي وأقفز فوق الماء ..فأجبرها على التحليق بقوة فريدة..كنت تتسلل ّ بخفة متناهية ، وتغرق صوتك العذب ووجهك المتناهي وعينيك الاليفتين في روحي ..دون اذن مني ومن الزمن الذي بات يفرّق بيننا الان .ولاأدري كيف أضعت تلك الزهرةالحمراء التي اقتطفتها لي حينها ...ترى لماذا افتقدها الان ...؟؟ ..كانت رهيبة المنظر ..لقد امتلأت احساسا ..بالخوف والحب معا .. ربما لو أمعنت النظر فيها بدقة لكنت ادركت سرّ الالم الذي ينهكني ويميتني الان ..وربما كنت عرفت قاعدة مثلى وقاتلة في قانون العشق : ان البكاء الذي يستقطردمعه من زوايا الشمس الصيفية , هي النهاية الطبيعية للحب الذي تمنحه للعالم ..زهرة حمراء ..
هاانذا استرجع كل هذا ، قد يتصور أحد ما انني اخفي رأسي بين يديّ وأعتصر كل اجزائي التي دبّ فيها السقم والعجز والموت لأهييء هذا الشريط الذي تخلّف عن ركب العالم المسرع أو قد يكون سبقه بآلاف السنين التي نعرفها او لانعرف ..كلا انني اشعر بلذة رائعة ووجود اخر غير الذي يراه هؤلاء البشر ، يكمن بيني وبين هذا النهر الدافىء اللامرئي او بيني وبين هذا الطير الذي افقده العطش لعنة الحياة الى الابد ..ذات يوم ...كنت تتلو عليّ صوت السماء المغادرة ، كنت تهمس في اذني وتصدح بلغة الحلم الذي امتدّ طويلا ..كنت انظر في عينيك بفزع وكان اكتشافا داميا ..انني سأحبك كما لم يحب انسان من قبل ...سأحبك حتى تغادر آخر حبة ..للعنة الحياة قلبي...








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تفاعلكم | أغاني وحوار مع الفنانة كنزة مرسلي


.. مرضي الخَمعلي: سباقات الهجن تدعم السياحة الثقافية سواء بشكل




.. ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ


.. عدت سنة على رحيله.. -مصطفى درويش- الفنان ابن البلد الجدع




.. فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي