الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


تحت ظلال الانتخابات النيابية في لبنان.

حسن عماشا

2012 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


مع اقتراب موعد الاستحقاق الإنتخابي في لبنان، تنشط شرائح وفصائل الحركة السياسية في محاولة لتثبيت حضورها في الحياة السياسية، كل بحسب موقعه.
وكما جرت العادة قبل هذا الإستحقاق، يكون القانون الذي ستجري بموجبه هذه الإنتخابات، هو العنوان البارز في الخطاب السياسي الإنتخابي حيث لا قانون ثابت نسبيا للإنتخابات في لبنان.
وبمعزل عن صيغة القانون،هذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها وبشكل جدي، القاعدة النسبية، لتعتمد في الإنتخابات،لأنها وللمرة الأولى يكون من بين القوى النافذة أكثر من طرف له مصلحة حقيقية في اعتمادها بجانب العديد من الشرائح التي لا تجد طريق لها للوصول الى الندوة البرلمانية عبر النظام الأكثري، حيث يقابلها قاعدة أخرى تقوم على مبدأ ان تنتخب كل طائفة ممثليها للندوة البرلمانية.
ويجهد كل فريق، مستنفرا كل طاقاته في محاولة منه لشرح حيثيات خياره بإعتباره الأكثر تعبيرا عن صحة هذا التمثيل، عن طريق إثارة الضوضاء والتي غايتها التعبئة للحملات الإنتخابية، وليس البحث الجدي للوصول الى قانون عصري يلبي صحة هذا التمثيل بشكل حقيقي.
وينساق مع هذا الضجيج قوى وفعاليات، ليس لها أي تمثيل نيابي، فتبادر الى طرح مشاريع وقوانين رومانسية لا تجد لها آذان صاغية في المطبخ الفعلي لقانون الإنتخابات. فيتوهم هؤلاء بأن شرح مشاريعهم للناس، يمنحهم فرصة لتكوين قوى ضاغطة تساعدها على إقرار هذا المشروع او ذاك، في حين أن الإطار الوحيد الذي يخرج منه قانون الإنتخابات، هو المجلس النيابي، والذي بدوره منقسم بشكل عامودي بين كتل نيابية منضوية في اصطفافين رئيسيين، وثالث يجهد في محاولة منه لتكوين قوة ثالثة في الوسط، تحفظ مكانه وتدعم قيمته في الحياة السياسية.
ولكل واحد من هذه الإصطفافات له، فضلا عن حساباته في تحقيق مكاسب على حساب خصمه الرئيسي، له حسابات أخرى تتصل بمكنوناته نفسها، حيث يسعى كل منها الى تأكيد حضور له على حساب حلفائه، مع اختلاف كبير في درجة حرارة الإهتمام، والسعي الى تغيير حقيقي في قانون الإنتخابات. فلكل واحد أسبابه بحسب ما يمكن أن يؤثر هذا التغيير في توسيع او تضييق مساحته الأنتخابية وفي عدد المقاعد التي يحصل عليها.
بعيدا عن الخطابات الإنشائية والغزل المراهق في محاسن القوانين الإنتخابية، والجدل العقيم بين القوى الهامشية في وزنها، وتأثيرها ليس على القانون فحسب، بل على مجريات كل الاستحقاق الإنتخابي.
في لبنان خارطة للقوى السياسية النافذة والحاسمة في تقرير مال هذا الإستحقاق بكل مدرجاته. وإذا كان الواقع اليوم يعبر عن حالة استعصاء في تكوين مسار واضح المعالم لجهة هذا الإستحقاق، فهو يعود الى التوازن الدقيق بين القوى الرئيسية التي يتشكل منها البرلمان. ولكل منها همومه الخاصة، وله ايضا تقاطعاته وحساباته الإنتخابية بمعزل عن التحالفات السياسية، والإصطفاف الذي ينضوي في ظله او يلتف حوله.
ففي لبنان مفارقات عجيبة لأدبيات قواه السياسية، حيث ُتُخترع المصطلحات التي تقدم دون عناء لتفسيير معانيها، وتُعرض كبديهيات في علم السياسة والإجتماع. وفي هذا السياق يُطرح مصطلح " التحالف الإنتخابي " وتحت ظله يصبح مشروعا في ان يكون على لائحة واحدة مرشحين من الفريقين المتناقضين في السياسة_أمضوا دورة نيابية سابقة كألد اعداء وسيكونون على نفس السلوك في الدورة اللاحقة _ ولائحة أخرى تضم مرشح ينتمي لجهة مقاومة للمشروع الأميركي _ الصهيوني، وآخر منتمي الى جهة متحالفة او عميلة _ برأي الأول _ لهذا المشروع ( وكل هذا طبيعي ومشروع !!!)
القوى السياسية البرلمانية في تقاطعاتها واختلافها :
إن حزب الله وحركة أمل، القوتين الشيعيتين المتحالفتين سياسيا ونيابيا، عدا عن أن لهما مصلحة في اعتماد قانون جديد للإنتخابات يقوم على قاعدة النسبية، غير أنهما ليسوا متحمسين لخوض معركة مع حلفائهم او خصومهم لتحقيق هذا المشروع، ففيه او بدونه لا يشعرون بأي تغيير جوهري يطال حجم حضورهما بالندوة البرلمانية.
وعلى النقيض نجد تيار المستقبل في حالة تشبه الهستيريا لمواجهة أي تغيير في قانون الإنتخابات، قد يحد وبشكل كبير من حجم كتلته النيابية بسبب عوامل عدة ابرزها انه خارج السلطة اليوم. ومن هنا تسعير حملته على حكومة الرئيس ميقاتي وإستغلاله عملية اغتيال العميد الحسن.
وهو ايضا يواجه معضلات أخرى يعجز عن إيجاد حلول لها كالموقف الشبه الجامع والداعي الى تغيير القانون الحالي للإنتخابات، وخصوصا على الصعيد المسيحي، وعلى صعيد موقفي رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، من جهة، ومن جهة أخرى فإن القاعدة الناخبة لتيار المستقبل، وروافدها الأساسية المتمثلة بالجماعات السلفية، اصبحت الأن لها حساباتها الخاصة، وإن كانت لم تعبر بعد عن خوض غمار الإنتخابات بممثلين مباشرين لها.
غير أنها، وبتقربها من الرئيس ميقاتي، تضع، على من يريد أن يستفيد من قاعدتها في الإنتخابات، مطالب يعجز تيار المستقبل من تأمينها، وهو خارج السلطة، وإن كان ايضا الرئيس ميقاتي لا يستطيع ان يستجيب بسهولة لها، وخصوصا ما يتعلق منها بموضوع الموقوفين الإسلاميين على خلفية الحرب في مخيم نهر البارد.
من هنا تبرز ميول تيار المستقبل الى تطيير الإنتخابات عبر تعطيل عمل اللجان النيابية والبرلمان لمنع اقرار قانون جديد.، وتسعيير الحملة على الحكومة والمطالبة بإسقاطها بغية اضعاف خصومه ومنافسيه في مناطقه الإنتخابية.
أما التيار الوطني الحر الذي يبدي حماسة شديدة ومطالبة حثيثة بإعتماد قانون جديد للإنتخابات بإعتباره التيار الأكبر حظا بإكتساب مقاعد جديدة يعتبرها حقوق مسلوبة من حصة التمثيل المسيحي وقد تقاسمها كل من تيار المستقبل والزعيم الدرزي وليد جنبلاط. أما هذا الذي تتقاطع مصالحه مع تيار المستقبل، برفض إعتماد النسبية، لأنه يرى فيها تصفية لحجم حضوره السياسي البرلماني، بإعتبارها لا تأخذ منه المقاعد المسيحية والاسلامية التي يستأثر بها وحسب، بل ايضا فهي تشكل تهديدا له في في ساحته الدرزية، بحيث يحد كثيرا من قدرته على التحكم في تسمية المرشحين، بما فيهم الدروز منهم. من هنا يأتي الإستعصاء الحالي.
ان اية قوة سياسية من القوى الرئيسية غير التيار الوطني الحر، لا تبدي اية حماسة حقيقية لوضع قانون جديد للإنتخابات بل يمكن القول أن بعض هذه القوى تفضل عدم إجراء انتخابات الى أن يتبلور الوضع في المنطقة في ضوء تطور الاوضاع في سوريا، حتى ولو كلف ذلك تفجير الوضع في لبنان لتعطيل الإنتخابات. محاولات غير مضمونة يسعى اليها الرئيس نبيه بري لتمرير قانون جديد للإنتخابات، وإجرائها في موعدها، وضمان التوازنات عبر التفاهم بين كل القوى بحيث لا تشكل هذه الإنتخابات تغييرا جوهريا في حصص وتوازنات الكتل النيابية، لا يبدو حتى الآن أفق لها وذلك بانتظار مآل الاوضاع في سوريا والمنطقة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بايدن أمام خيارات صعبة في التعامل مع احتجاجات الجامعات


.. مظاهرة واعتصام بجامعة مانشستر للمطالبة بوقف الحرب على غزة وو




.. ما أهمية الصور التي حصلت عليها الجزيرة لمسيرة إسرائيلية أسقط


.. فيضانات وانهيارات أرضية في البرازيل تودي بحياة 36 شخصا




.. الاحتجاجات الطلابية على حرب غزة تمتد إلى جامعة لوزان بسويسرا