الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مركز المالكي – اقليم البارزاني

شاكر الناصري

2012 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


يبدو ان الازمة الاخيرة بين اقليم كردستان والحكومة المركزية تسير نحو التهدئة وليس نحو الحل النهائي، بعد ان خيم شبح الحرب بين الطرفين فتمسكت الحكومة بموقفها بالابقاء على قوات دجلة في المناطق المتنازع عليها، وكذلك تمسكت حكومة الاقليم بالابقاء على بيشمركتها في تلك المناطق ايضا. سيبقي الوضع على ماهو عليه رغم حالة الفرح التي تسري في اوساط القوى الكردية بتدخل امريكا عبر اعادة نشر قواتها في المناطق المتنازع عليها للحد من المشاحنات والخروقات بين الطرفين.

لم تكن هذه الازمة الاولى في سجل ازمات وصراعات المركز والاقليم ومن المؤكد انها لن تكون الاخيرة. فمعظم الحلول التي يتم طرحها هي حلول ترقيعية وتتغافل عن الأسباب الحقيقية للازمات والصراعات ونذر الحرب التي ساعدت على تعزيز حدة التطرف والكراهية المعلنة بين جموع وحشود من كلا طرفي الصراع . كراهية وتطرف تكشف عن حجم الهوة الكارثية التي تفصل ما بين العرب والاكراد، وبالتالي فإن حكاية الأنسجام والفسيفساء والموزائيك العراقي التي يتحفنا الساسة ما بين فترة واخرى بها باتت ممجوجة وبائسة.

قد يتمسك البعض بان الازمات هي نتيجة تمدد الاقليم على حساب المركز وعدم انصياعه لقرارات المركز وسعيه لممارسة دور اكبر من مجرد كونه اقليما يرتبط فدراليا بدولة حتى عده بعض الساسة بانه يتصرف كأي دولة مجاورة للعراق ولعل ما يقوم به مسعود البارزاني من ادوار وممارسات داخل الاقليم وخارجه امتدت حتى المساهمة في دعم المعارضة السورية المسلحة واستضافته لمعسكرات تدريب للمسلحين وتعزيز علاقاته مع حكومات متهمة بدعم الارهاب في العراق وتعمل على اضعاف دوره وابقائه يعيش في دوامة من العنف وانعدام الاستقرار كالسعودية وقطر وتركيا ودول اخرى ، تعزز هذه الاقوال والتفسيرات وكذلك فان البعض يجد في الدستور العراقي المهلهل والمواد التي تضمنها بخصوص علاقة المركز والاقليم او المواد المتعلقة بما يسمى بالمناطق المتنازع عليها وخصوصا كركوك اي المادة 140 التي نفذت صلاحيتها منذ عدة اعوام، ارضية مناسبة لتعزيز الصراعات فكل طرف له فهمه الخاص للدستور الذي ساهم في كتابته وتفصيله بما يتناسب ومطامح ومصالح القوى السياسية في العراق التي كتبته. في حين نجد ان البعض الآخر يحمل المالكي مسؤولية ما يحدث لعدم ايفائه بالاتفاقات والوعود التي قطعها وسعيه للتفرد بالسلطة وتحول قضية ادارة الدولة والسلطة في العراق الى مأزق وساحة للصراع.

ففي الوقت الذي نجد فيه ان المالكي وتحالفه يتمسك بالدستور وانه المرتكز الاساسي في حل الخلافات، فإننا نجد ان مسعود البارزاني واتباعه يتمسكون بالدستور وانه المرتكز الاساسي ايضا لحل الخلافات؛ ولكن رغم هذا وذاك فان الازمات تتواصل ونذر الحرب قد تتصاعد مرة أخرى وان معضلة المركز – الاقليم سوف تشهد الكثير من الخلافات.

يتحدث الساسة والكتاب والمعلقين عن خلافات المركز والاقليم والجميع ينسبها الى قضايا الدستور او انعدام الثقة التي تكاد تكون سمة عامة للوضع السياسي في العراق ولكن لم يتطرق احد ما لقضايا اشد حساسية وخطورة في هذا الموضوع، اي قضية صراع الزعامات ومراكز القوى في العراق.

اننا ازاء صراع زعامات محددة، زعامات تريد ان تكون الوحيدة والاساسية والمتحكمة في كل شيء. انه صراع زعامة بين المالكي ومسعود البارزاني. وان مساعي كل منهما للتحول الى زعيم اوحد باتت تتوضح يوما بعد آخر الى درجة انهما باتا على قناعة تامة بان الوضع السياسي في العراق لايحتمل وجودهما معا. ولعل تاريخ العراق الحديث يطلعنا على العديد من الأمثلة بخصوص صراع الزعامات واستعدادها لتصفية بعضها البعض وما خلفه ذلك من دمار وضحايا هائلة. ان حجم الصراعات مابين الطرفين وكذلك حجم التصريحات التي يتبادلونها ،مباشرة او عبر وسطاء واتباع، وما تتضمنه من اتهامات صريحة وواضحة ولا يترددون عن استخدام مفردات ذات مدلولات بغيضة تتناسب مع الفكر الذي ينهلون منه،حيث اصبحت "شوفيني عنصري" مفردات تتردد كثيرا في تصريحات هذه الاطراف، تدفعنا لان نتلمس وبقوة مدى القطيعة التي تحكم علاقة المالكي- البارزاني.

ان من يدخل في صراعات كهذه يتمترس خلف كل ما يعزز من ادعاءاته وبما يسمح له بالتلاعب بمشاعر الذين يؤيدونه او يتخذونه زعيما، الفكر القومي المتعصب، التعصب الديني والطائفي، التحشيد العشائري، العائلة التي ترفع الى مراتب القداسة كما في حالة البارزاني، التاريخ الحزبي، الظلم والأستبداد الذي فرضته أنظمة سابقة ....الخ.

فإذا كان المالكي قد نجح، بصفته رئيساً للوزراء، في ان يحشد خلفه الكثير من العراقيين بدواعي طائفية او حزبية او وظيفية، رغم الشكوى المتواصلة التي يلهج بها هؤلاء من الفساد واللصوصية وسرقة المال العام التي تحكم عمل الحكومة ووزاراتها والمؤسسات التي تتبعها ورغم البطالة والفقر وانعدام السكن، للوقوف خلفه في صراعه ضد البارزاني وان هذا الحشد لايتردد عن اطلاق حملات التهديد والوعيد وبكل ما تحمله النزعات القومية من تعصب وكراهية وتعال مريع ضد الاكراد واخضاعهم بالقوة وان عليهم الكف عن مطامح الاستقلال والانفصال عن العراق حتى لو تطلب ذلك خوض الحرب واراقة الدماء، فاننا ومقابل ذلك نجد ان البارزاني قد نجح هو الآخر والى حد بعيد في تعزيز المشاعر القومية لدى الأكراد في العراق وانه بدفاعه عن مطلب أستقلال كردستان وانهم شعب لاينتمي للعراق ويختلف معه ثقافيا واجتماعيا وتاريخيا وسياسيا قد تمكن من حشد كتلة كبيرة من سكان الأقليم، التي تعاني الكثير منها من الفقر والبطالة والشكوى المتواصلة من التضييق على الحريات والفساد واستغلال السلطة ، خلفه وبالتالي اندفع وبقوة لان يكون زعيما قوميا رغم كل ممارساته ومساعية للاستحواذ على السلطة في الأقليم وتجييرها لحساب حزبه وعائلته تحديدا مما يعزز من شكوك الكثير من القوى الكردية حول مستقبل الوضع في الاقليم او قدرته على الأستقرار والتنمية واشاعة الحريات والحقوق، وخصوصا الطرف الاساسي في حكم الاقليم ،اي الاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة جلال الطالباني الذي بات يجد نفسه محصورا في مدينة واحدة ولايمكنه ان يقوم بأدوار ما بحكم شراكته وتحالفاته مع الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني. فيما تعاني قوى المعارضة الكردية داخل الاقليم من التجاهل والتهميش المتواصل ومن الأستحواذ على السلطة رغم ادعاءات الحزبين الحاكمين بالحوار البناء والجاد واعادة بناء البيت الكردي من الداخل وتعزيزه ككتلة واحدة في الصراع مع حكومة المركز في بغداد.

في ظل صراعات كهذه تهدد ما تبقى للعراق كدولة ومجتمع من قدرة على الانسجام و التسامح والعيش المشترك فان الغد لايحمل لنا الا نذر التشتت والانقسام وتعزيز حدة الصراعات القومية والطائفية وانعدام الأستقرار وتعدد مراكز القوة والاستقطاب وبما يجعل العراق بؤرة للنزاعات والحروب.

حين كان صدام متفردا بكل شيء كان الجميع يلهج بالشكوى من حجم الظلم والاستبداد والتعسف المريع الذي كنا نعيشه ونحترق بناره. وحين سقط صدام وتهاوى نظامه القمعي المتوحش فإن ثمة قوى وأشخاصاً يريدون لنا ان نعيش في ذلك الافق الكالح والموحش، افق القمع والأستبداد وعبادة شخصية الزعيم والقائد الاوحد.

لقد قلناها سابقا وسنقولها الان وسنكررها في كل مناسبة تستدعي ذلك : ان العراق بحاجة الى قوى واحزاب وقيادات سياسية تعمل بآفاق جديدة تتناغم مع ما يحدث في العالم الذي نعيش فيه من تطورات وشيوع مفاهيم وممارسات سياسية وتنظيمية حديثة وأنسانية لا تعطي المكانة للزعيم الاوحد وبعيدة عن الفكر القومي والطائفي الذي يشكل الارضية المناسبة للدكتاتورية والقمع وسحق الحقوق والحريات وأن تقطع صلاتها وارتباطها بماضي الدكتاتورية وحيث انبثقت العديد من الأحزاب المتواجدة الان في العراق كرد عليها وكانت نتيجة مباشرة لها وحملت الكثير من اعراضها وممارساتها. ولعل احزاب المالكي والبارزاني امثلة حية على ما نقول.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تحاول فرض إصلاح انتخابي على أرخبيل تابع لها وتتهم الصي


.. الظلام يزيد من صعوبة عمليات البحث عن الرئيس الإيراني بجانب س




.. الجيش السوداني يعلن عن عمليات نوعية ضد قوات الدعم السريع في


.. من سيتولى سلطات الرئيس الإيراني في حال شغور المنصب؟




.. فرق الإنقاذ تواصل البحث عن مروحية الرئيس الإيراني إبراهيم رئ