الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلطة التوافقات

حميد المصباحي

2012 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


في العالم سلطتان,واحدة تشيدها اختيارات الشعوب,بتسييد البرامج التي تعلنها القوى السياسية,وتلتزم بتفعيلها وتجسيدها فعليا,وقبولها للمحاسبة علة نتائج ما نفذته من اختيارات سياسية واقتصادية,ويكون أمامها خياران,إما الإستقالة في وسط الطريق,إن احتجت الفئات المتضررة من اختياراتها,أو عقاب صناديق الإقتراع,التي تحرمها من الوصول إلى الحكومة,فتتفهم هذه الأحزاب أو التحالف أو القوى السياسية,أنها غير مرغوب في وجودها بالحكومة,فتركن إلى المعارضة,وتعد نفسها لرهانات جديدة وربما برامج أخرى مغايرة للأولى,وهنا تلجأ إلى عقد مؤتمراتها لتغيير رؤاها وتعديل اختياراتها أو اللأبقاء عليها والدفاع عنها في وجه حتى المصوتين عليها,أو الإنتقال إلى جبهة أخرى وبناء قواعد مناقضة أو مختلفة.
أما السلطة الثانية,فإما أن تكون نظاما سياسيا مغلقا,بصيغة عشائرية أو عائلية أو دينية,يمارس السلطة بادعاء القدرة على التدبير وحده وعدم حاجته للغير,بل حتى عندما عندما يؤسس بنيات تمثيلية,تكون غايتها تقديم المشورة,وانتظار القرارات التي تتخذها السلطة العليا وكل كل المؤسسات الدفاع عنها والإمتثال لها حفاظا على أمن السلطة وحراسة لهيبتها ووجودها,وهذا النمط من السلطة أقصى درجات تطوره,هوالوصول إلى سلطة توافقية,غايتها حفظ التوازنات بين القوى المتصارعة,لعدم وصول الصراعات إلى درجة المواجهات المهددة للسلم الإجتماعي,والتي يتهرب الكل منها ويرجو عدم الوقوع فيها,هي توافقات لا تخدم الديمقراطية,فهي تحاول جبر الضرر كما يقال,حتى لا ينزعج الفاعلون السياسيون ويتضايقون مما تقدم عليه السلطة من قرارات وممارسات تمس بعض القوى الفاعلة أو حتى الخفية والتي لا تحب الظهور في المشهد السياسي,ككبار التجار والصناع,وبعض الفئات الرافضة للعبة السياسية الديمقراطية,وخصوصا المستفيدون من الريع المالي والرمزي لأنظمة الحكم العتيقة,ممن يخافون اللعب في وضوح,وبآليات معروفة ومتفق حولها دفعا لكل توترات واختلالات بالتوازنات العامة,والسؤال لما هذا النمط من السلطة ينتشر في العالم العربي أكثر من الأنماط الأخرى؟
هل يمكن التخلص منه؟
ما هو البديل المنطقي له في سياق التحولات التي يعرفها العالم العربيظ
1التوافق التعارضي
هو توافق,فيه لا عبين متعارضة مصالحهم,وتصوراتهم للحكم,بل متباعدة,ولا خيار للحكم سوى الحفاظ على الحدود بينهما,والحرس على الإلتزام بخطوط التماس,بعيدا أن أية صراعات يدرك الكل خطورتها وتأثيرها على النظام العام,بل يمكن أن تعصف كما قيل سابقا بالتوازنات,المؤدية لانهيار السلطة وربما زوالها,وتفاديا لكل هذه الأخطار يكون التعارض دينامية حافظة,وحارسة لاستمرار البنة السياسية,فيحدث ما يشبه الحركات المسرعة والأخرى الكابحة,وهي مهما استمرت معرضة للعطل,مع الزمن,لكن اختلالاتها في الغالب تنتهي باتراجيديا تاريخية دامية,فمنطق الغل الطائفي أو العشائري أو الديني يكون عند انفجاره أكثر قوة وتحريضية على العنف تجاه الأعداء وحتى الأقارب الذين انحازوا طويلا لتلك التوافقات التي غدت مرفوضة وغير قابلة لإعادة البناء.
2التوافق الإندماجي
حيث تندمج القوى المتصارعة,ويظهر فيها طرف أقوى,من حيث حجيته وقدرته على التحكم في آليات الحكم,بما يفرضه ذلك على باقي الفاعلين,من قبول بتجديد في آليات الحكم,لتنفتح على بعض آليات الرقابة الديمقراطية,والإمتثال لما تفرضه الحكومات المنتخبة من قرارات وممارسات,لكن مع ذلك تظل التوافقات حاضرة,ومع الزمن تتراخى وقد تتلاشى إذا سرعت عمليات الدمقرطة,التي لا تتحكم فيها كثرة القوانين ولا نشاطات المؤسسات التمثيلية,بل النمو الإقتصادي والإزدهار الإجتماعي,الكفيل وحده بالإلحاح على الديمقراطية عندما يدرك المجتمع قدرتها على تحصين ثروات المجتمع و حمايتها من النهب والتهريب.
خلاصة
النظم السياسية العربية,تحتاج حقيقة لتفكير سياسي جديد,لبناء دولة بمواصفات مختلفة عما هي عليه الدولة حاليا,بحيث تجدد آليات تحكمها في رجالاتها أكثر,من خلال التأكيد على البعد الوطني في أكثر صوره صلابة,فلا يكون المال حافزا على العمل السياسي,بل الغيرة,والرفض القاسي لاستمرار هذه الدول في إنتاج التخلف والتستر عليه,لطمأنة رجال السياسة,بل ينبغي التأكيد على أن دورهم ليس تسيير دواليب الدولة فقط,بل الخروج برؤى سياسية فعالة لضمان تطور الدولة والمجتمع,الذين هم في خدمته.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ