الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


للاردن.. نفط وفوقه بوسه!

حسين القطبي

2012 / 11 / 30
مواضيع وابحاث سياسية


بعد ان رفضت الاردن عرضا ايرانيا بتزويدها بالنفط المجاني لمدة 30 عاما، قرر رئيس الوزراء العراقي في نفس الاسبوع تزويد هذا البلد الذي عصفت به ازمة وقود مؤخرا، بنفط مجاني.

الغريب في الامر ان هذا الكرم العراقي يأتي متزامنا مع مشادات كلامية داخلية، بين رئيس الوزراء، ورئيس اقليم كردستان ادت الى تحشيدات عسكرية على مناطق التماس والتلويح بنذر حرب كارثية جديدة، كلها بسبب النزاع على النفط! تساؤلي هو ما الحكمة في سياسة المالكي وراء شن حروب داخلية للحصول عليه، ثم منحه بالمجان الى الخارج؟

حاولت ادارة المالكي التلميح بحرصها على "النفط" العراقي عن طريق الوزير حسين الشهرستاني، الذي كان يدقق في نصوص العقود الموقعة بين اربيل وشركات استخراج النفط، مستغلا النقطة والفارزة لتصعيد المواقف ضد حكومة كردستان، للحد الذي أوصلنا فيه الى شفير الحرب.

وقد نجح كل من المالكي والشهرستاني بالظهور بشكل الحريص على ثروات العراق، ومصلحة الشعب، بين اوساط البسطاء على الاقل، الا ان قرار منحه كعطية الى دولة اخرى يدعو حتى هذا البعض البسيط الى التشكيك بمصداقية تلك الشعارات، ويدفعه للاعتقاد بانها لم تكن سوى مزايدات لفظية صرفة، وكأنها "جسترات وطنية" محترفة، لسياسيين يتقنون بهلوانيات السيرك الانتخابي.

اردنيا، لا يمكن لبلد شهد اضطرابات جماهيرية مؤخرا، بسبب رفع اسعار المشتقات النفطية، ان يرفض التزويد المجاني بالنفط، لمجرد انه من ايران، بل لان اسم ايران سيؤدي الى اضعاف العلاقات الستراتيجية التي تربط هذا البلد بجاره الغربي اسرائيل، وبعلاقاته بالغرب عموما. تلك الدول هي مصدر الدعم الاقتصادي "شريان حياة الاردن" التي تقدمه مقابل حفظ علاقات طيبة مع الدولة العبرية، ولكنه "الاردن"، يبحث في نفس الوقت عن نفس هذه المساعدات، على ان تكون بمسميات اخرى، فاختير العراق.

على الجانب الايراني، فان اصرار هذا البلد على احتواء الاردن بهذا العرض السخي يلخص ستراتيجية موقفها المهيأ للتنفيذ على مرحلتين:
اولا يهدف الى ابعاد عمان عن المحور السعودي القطري وتخفيف الضغط عن حليفتها سوريا، وذلك بالتضييق على المعارضة السورية قدر الامكان، من جارتها الجنوبية بعد ان تحولت جارتها الشمالية "تركيا" الى قاعدة عسكرية صريحة لها.
وثانيا تكون الاردن هي البلد البديل لسوريا في حال سقوط نظام الاسد وتحولها من حليف الى بلد اصولي معاد لايران وللتوجهات السياسية للمذهب الشيعي.
اي ان الايرانيين يخططون لشراء الاردن، اخيرا، ونقل "العدة" الدبلوماسية التي تحتاجها في المنطقة، مستقبلا، في حالة سقوط سوريا، من دمشق الى عمان.

بالتأكيد مشروع كهذا هو اكبر من امكانيات العراق، ومن ثقله السياسي في المنطقة، الا ان انخراط العراق فيه، وبحماس، يأتي بسبب انعكاساته على الوضع السياسي الداخلي في العراق، تحاول ادارة المالكي الاستفادة منه الى اقصى الحدود.

فقرار المالكي، بحوافزه الايرانية، سيكون ريعه لصالح ادارة المالكي في انتخابات مجالس المحافظات القادمة (نيسان 2013) والانتخابات البرلمانية في العام الذي يليه، والمتتبع للوضع العراق لا يخفى عليه الثقل السياسي الذي تحضى به ايران في توليفة البيت السياسي الشيعي في العراق، ودورها في الانتخابات العراقية، في المحافظات الجنوبية على وجه الخصوص.

وانيا، يسعى المالكي الى توضيفه في مشكلته الاساسية الراهنة مع اقليم كردستان، كاستفزاز جديد على طريق تصعيد اكبر للموقف، وهو الذي ينتهج معهم سياسة تكريس الازمات، كرسالة الى قادة الاقليم مفادها ان النفط الذي يؤخذ من حقول كردستان تحت وطأة التهديد بالاجتياح بقوات دجلة، وصفقات التسلح، يمنح مجانا الى الخارج.
ولابد للمتتبع ان يلاحظ محاولات المالكي استدراج الاقليم للحرب، هذه المحاولات بدأت بسلسلة اجراءات غير مبررة، اتخذها كحصار، شملت منع السيارات التي تحمل ارقام المحافظات الكردستانية من دخول بغداد، ومنع اعضاء الحكومة الكردستانية من السفر بدون اذن المركز فضلا عن التهديدات التي توعد بها الشركات النفطية التي تتعامل مع الاقليم. الخ.
وكان المالكي قد فشل مرارا في جر الاقليم للبدء بالحرب عن طريق افتعال مناوشات عسكرية غير مبررة مثل اقتحام مراكز الاحزاب الكردستانية، او لانزال اعلام، او قرارات التفتيش المفاجئة، وابرزها ما حدث مؤخرا في قضاء طوزخورماتو، واودى بحياة 11 شخص معظمهم من الجنود.

وفي عين الوقت الذي استخدم فيه النفط العراقي لشراء مواقف دول لصالح ايران، من اجل زيادة حضوضه في البقاء على كرسي الوزارة، لدورة برلمانية ثالثة، فان المالكي يستغل النفط كسلاح اعلامي، شأنه شأن بعض السياسيين الطموحين في المنطقة الخضراء، على شاكلة حسين الشهرستاني، سامي العسكري، الصيهود، الخ، الامر الذي لا يعد فقط خداعا للرأي العام، وتضليلا للجماهير فقط، وانما تبديدا للثروة الوطنية في ضروف يحتاجها البلد، في مرحلة النمو هذه، اكثر من اي وقت اخر.

دخل النفط العراقي سوق المزايدات الانتخابية، والشعب العراقي، صاحب هذه الثروة الحقيقي، والوحيد الذي يحتاجها، هو الوحيد المحروم منها، اما السياسيين، ومن اجل ملك الري، فهم على استعداد ان يمنحوه للاردن، او اي ادولة اخرى، النفط، او اي ثروة اخرى، كلها وفوقها بوسه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. أثار مخاوف في إسرائيل.. حماس تعيد لملمة صفوفها العسكرية في م


.. ساعة الصفر اقتربت.. حرب لبنان الثالثة بين عقيدة الضاحية و سي




.. هل انتهى نتنياهو؟ | #التاسعة


.. مدرب منتخب البرتغال ينتقد اقتحام الجماهير لأرض الملعب لالتقا




.. قصف روسي يخلف قتلى ودمارا كبيرا بالبنية التحتية شمال شرقي أو