الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بغداد ومني هذا العتاب !!

محمد سليم سواري

2012 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


كم أحببتك وأُحبك يا بغداد .. كيف لا وعشت أكثر من أربعين سنة في ربوعك الجميلة لأشرب من ماء دجلة وأفطر بالكاي والقيمر في ساحة حافظ القاضي أو الباقلاء بالدهن في سوق الشورجة وأشبع ظهراً من أكلات مطعم إبن سمينة عند شارع السعدون لتكون لنا الجولة المسائية على حافات دجلة والمسكوف البغدادي وأحاديث ألف ليلة وليلة عند شهريار وشهرزاد وأنا متأكد بأن من يمر في الصالحية ولا يشرب الشاي من مقهى أبي ناطق فقد خذله إختياره وقد ضاع طعم الشاي على شفتيه مدى العمر.
كم أحببتك وأُحبك يا بغداد .. حيث قضيت أجمل أيام الدراسة والتزود بالعلم والمعرفة من جامعاتك ومعاهدك حيث الجامعة المستنصرية مع زميلات وزملاء أذكر منهم ..عبدالمنعم أبو طبيخ وباسل النجم من البصرة وسمير خالد وعباس كرار ويوحنا من بغداد وياسمين وعلى محمود من ديالى وآزاد فتاح وشرمين من أربيل وعباس قاسم وخديجة عبدالأمير من الفلوجة .. زملاء لم يفرق بيننا الخارطة القومية والدينية والمذهبية بل كنا نشعر بأننا من وطن جميل إسمه العراق تمتد شراينه من زاخو إلى الفاو .
كم أحببتك وأُحبك يا بغداد حيث قضيت أجمل أيام الشباب في ربوعك لتفتح أمامي نوافذ الثقافة في عالم الأدب والشعر والغناء والفلكلور الكردي على عتبات الإذاعة الكردية بالصالحية ولأستمد العزم والحكمة والصبر من رموز الثقافة الكردية وعند كل مراحل المعرفة والذين يعيشون معي لحد الآن وعند كل كبيرة وصغيرة .
هكذا كان حبي لك يا بغداد صادقاً لا يتغير وعامراً لا يُهجر ونهراً لا يجف وعزماً لا يلين وشموخاً لا يهتز.. أما الذين لم يعرفوا قيمة هذا الحب ولا يعرفون بغداد التي نعرفها فلهم شأن آخر مع الحياة حيث يتردد أمام سمعي الكلمات الخالدة للشاعر المتألق محمود درويش وهو يعاتب من يعاتب لحل دم الكرد في المذياع وعند كل صباح ومساء ؟؟
هكذا يكون حبي لك يا بغداد مقروناً بعتاب حيث في خضراؤك وعلى ضفاف دجلتك
هناك اليوم من تبارك لهم أحلامهم ومطامعهم لينتقموا من حب الناس لك وليدقوا طبول الحرب بين من كانوا إخواناً وسيبقون أحباباً وقد نسوا أو تناسوا كل الذين جعلوا من أسوارك جحافلاً ليعلنوا الحرب على أُمة قال فيهم الجواهري الخالد :
قلبي لكردستان يُهدى والفم
وقد يجود بأصغريه المعَدم
نفسي الفداءُ لعبقريَّ ثائر
يهبُ الحياة كأنَّه لا يفهَم
بأسم((الأمين)) المُصطفى من أمةٍ
بحياته عند التخاصم تُقسَمُ
يا بن الشمال ولستَ وحدك إنَّه
جسدٌ بكلَّ ضلوعه يتألمُ
سلَّمْ على الجبل الأشم وعنده
من (أبجديات) الضحايا معجَمُ
نعم من المؤسف والعار أن كل الذين أتوا للحكم في بغداد لا يعرفون حتى القليل عن الشعب الكردي الذي يحمل من الوفاء والإخلاص والمودة لابناء شعبه العراقي الكثير بحيث يضرب بهم المثل عند الكثيرين وكذلك يحمل من الاباء والشموخ ما يخجل منه الجبال الراسيات .. هؤلاء الحكام كل واحد منهم جرب حظه العاثر مع أبناء كردستان فمنهم من ضربهم بالطائرات مباركاً من بريطانيا في الأربعينات من القرن الماضي ومنهم من عمل ذلك مباركاً من روسيا في السبعينات من القرن الماضي أو جهات أُخرى ليكونوا أخيراً حقلاً لتجارب السم والكيمياوي في الثمانينات من القرن الماضي ومباركاً من دول أُخرى .
واليوم بإسم الدستور وصيانة الديمقراطية تشكل جحافل من القوات بإسم النهر الخالد دجلة لتخويف وإرهاب الكرد وهو تقليد للذين شنوا الهجمات تحت أسماء ويافطات حيث كانت الأنفال بالأمس واليوم دجلة .. وإذا كان التأريخ كما يقال يُعيد نفسه لحكام ركب الغرور رؤسهم لإبادة الكرد .. فإن التأريخ سيعيد نفسه مع هؤلاء الحكام بالغذلان والندم .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ريبورتاج: الرجل الآلي الشهير -غريندايزر- يحل ضيفا على عاصمة


.. فيديو: وفاة -روح- في أسبوعها الثلاثين بعد إخراجها من رحم أم




.. وثقته كاميرا.. فيديو يُظهر إعصارًا عنيفًا يعبر الطريق السريع


.. جنوب لبنان.. الطائرات الإسرائيلية تشن غاراتها على بلدة شبعا




.. تمثال جورج واشنطن يحمل العلم الفلسطيني في حرم الجامعة