الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الإسلام وفكرة التحرر

حميد المصباحي

2012 / 12 / 1
مواضيع وابحاث سياسية


ظهرت بأمريكا اللاتينية,حركات سياسية واجتماعية,عرفت بلاهوت التحرير,حيث تزعم بعض رؤساء الكنيسة,وبابواتها تجمعات سياسية مطالبة بالتحرر و العدالة الإجتماعية,سميت هذه التحركات بلاهوت التحرير,وهنا طرحت العديد من الأسئلة من قبيل,هل يمكن ظهور يساري إسلامي,على شاكلة اليسارية المسيحية التي عرفتها بعض دول أمريكا اللاتينية؟
فأخذ بعض رجالات اليسار المغربي,كما هي عادتهم محاولة لتقليد ما حدث بتلك الدول,العريقة أولا في الفكر اليساري وحتى في فهم المسيحية وتجديدها وفهمها بآليات الفهم الحضارية التي لهم,كهنود,عليهم طبع المسيحية نفسها بطابعهم الحضاري,والحقيقة أن توظيف الإسلام للتحرر من الإستعمار,سبق للحركات الوطنية في العالم العربي أن استغلت الإسلام في ذلك,معتبرة أن الإستعمار,سطوة للكفر وسيطرة مسيحية على العالم الإسلامي,لكن مباشرة بعد الإستقلال ,نسيت الفكرة,واستعادت نظم الحكم في العالم العربي سيطرتها على الحقل الديني واحتكاره,بل فوضت الحديث باسمه لبعض الحركات الدعوية والصوفية,التي تجيد الدفاع عن نظم الحكم السياسية أكثر مما تجيد الدفاع عن الإسلام والمسلمين,ليطرح السؤال بصيغة جديدة,هل يمكن للإسلام أن يكون حافزا على المطالبة بالعدالة,وهم يمكن اعتبار قيمه داعية للفكر للإشتراكي؟وهل يمكن استغلال الديانة لفرض الهيمنة الإيديولوجية للفكر الإشتراكي على المجتمعات العربية ؟؟
1الدين والثورة
بصيغة أكثر وضوحا,هل كانت الديانات ثورة؟هل انتصرت بها في صراعاتها ضد أعدائها,وهل يمكن اعتبار ذلك تحررا وانعتاقا من العبودية والوثنية؟؟
الحقيقة أن الثورات,منذ أقدمها,وهي ثورة اسبارطاكوز,لم يكن للدين فيها أي دور,فالثورة هي رفض لوضع اجتماعي قائم على التفاوت,المؤسس على الحيف,بأبعاده الإقتصادية أولا,وما العرقي أو الديني إلا مظهر من هذه المظاهر,وبذلك فقد كانت الثورات,قلبا لعلاقات إنتاجية,بينما الديانات الجديدة,كانت تغير طرق العبادة,والعلاقات البشرية في صيغ تجارية أخلاقية,كزجر الغش,وعدم الإقراض بأرباح مبالغ فيها,لكن القروض والديون بقيت كما هي بعيدا عن أي مس بالعلاقات العامة,اللهم الممارسات الطقوسية,والعبادات,وكيفيات إدارة الشؤون السياسية والإجتماعية للناس,بل إن كل الأنبياء,من موسى وعيسى وحتى محمد عليهم الصلاة والسلام,فضلوا الهجرة,هربا من الإضطهاد الذي عاشه أتباع الديانة الجديدة,ولن نجد في الكتابات الدينية أي إشارة لما يشبه الثورة,في القرآن على الخصوص,بعيدا عن التأويلات السياسية له,بل حتى الإنجيل نفسه والتورات,رغم مظاهر العنف الموجهة للخصوم والأعداء,كرد ومجابهة,بل إن الثورة لم تعرف في تاريخ الإسلام إلا بظهور الثورة الخمينية,التي اعتبرت تأويلا شيعيا للإسلام,لم يتم الإجماع حوله,بل إن الفكر الشيعي المعاصر تمت محاصرته بناء على تبنيه للفكر الثوري إسلاميا,وهذا ما دفع الكثير من الباحثين في تاريخ الإسلام,إلى البحث عن الصراعات الدينية التي عرفتها الدولة الأموية في مجابهة الحركات الشيعية والمعتزلة والخوارج وحتى القرامطة,كمحاولات لإيجاد اصطلاحات ثورية في تاريخ الإسلام,كما فعل الكثير منهم,عندما أرادوا التأسيس لفكرة الديمقراطية لتصير مرادفا للشورى .
2الإسلام واليسار
اليسار نفسه حول المسألة الدينية منقسم,إلى اتجاهين,اتجاه يعتبر الدين,والإسلام كباقي الديانات مخدرا ومؤخرا للثورات,وهو بذلك غير مقبول في نظام القيم الإشتراكية,وتوجه آخر مختلف,يعترف بأهمية الديانات نفسيا لكل البشر,وأن الفكر الإشتراكي أتى ليصارع القوى الأرضية وليس الآلهة والديانات,ولا أصحابها,فلا مانع أن يكون المناضل الإشتراكي مسلما أو مسيحيا أو بوذيا حتى,فالمشروع الإشتراكي مشروع اجتماعي واقتصادي لا تعيقه الديانات إلا عندما تنحاز ضده إلى جانب الخصوم الطبقيين,أو الدولة الحارسة للإستغلال والتفاوتات الطبقية التي تعرفها المجتمعات البشرية الإنسانية في صراعاتها ضد الإستغلال والسيطرة المادية القهرية للناس.وبذلاك بقيت تقديرات اليسار للفكر الديني مختلف حولها حتى يومنا هذا,وبشكل عام,يمكن القول,أن اليسار لازال ليومنا هذا يحاول فهم حركات الإسلام السياسي,وعدم التورط في الصراعات السياسية ضدها,حتى لا يوصف بالإلحادية والمروق الديني,وهي خسارة يمكن أن يتكبدها بسبب هذه النعوت في معاركه السياسية خصوصا الإنتخابية منها,لكن هناك حركات يسارية أخرى في العالم العربي أدركت ضرورة المواجهة فانخرطت فيها مبكرا,ولازالت تصارع في تونس وحتى مصر حاليا.
3الصراع في الدين
الديانة الإسلامية,تعترف بالأعداء,وتدعوا إلى مواجهتهم,ليس دفاعا عن عدالة اجتماعية أو إنصاف دنيوي,بل دفعا للظلم,وهو ليس اجتماعيا,بل عقدي,مختزل في حق العبادة,وضرورة الإعتراف بوحدانية الإلاه,والأمر نفسه بالنسبة للمسيحية وحتى اليهودية لكن بصيغ مختلفة,فاليهودية حصنت أتباعها بما هو عرقي منذ زمن بعيد,لدرجة أن الإنتساب للديانة اليهودية ينبغي أن يكون امتدادا أسريا أي عرقيا لليهودي,ومن جهة الأم أكثر من الأب,أما المسيحية والإسلان فهناك البعد الأممي,المنفتح على الناس جميعا,وبذلك فإن العدالة الدنيوية ليست أكثر أهمية من الحق في الإعتراف بوحدة الإلاه وحتمية الإعتراف عمليا بذلك,عبادة وإقرارا,لكن المسيحية بحكم أسبقيتها التاريخية طورت أشكال التعبير عن العدالة وسمحت بقراءتها من جديد وفق حاجيات الناس,خصوصا بعد ضعف الكنيسة وتراجع قوتها وسيطرتها المادية على المسيحيين.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ