الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لو كان الحريري شيعياً

علي فردان

2005 / 3 / 13
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


رحمك الله يا رفيق الحريري، ورحم الله الشهداء الذين قضوا معك في الحادث الآثم. من شاهد صور العمل الإرهابي خُيّل له بأنها حرب حقيقية من شدة الانفجار. لقد خسر العرب جميعاً الشهيد الحريري، كما خسره لبنان. رحم الله الشهداء الذين قضوا في حوادث الإرهاب في السعودية والكويت والعراق، وجميع دول العالم. كلما فكّرت في مقتل رئيس وزراء لبنان السابق رفيق الحريري يوم 14 فبراير الماضي، أي قبل حوالي شهر من اليوم، ينتابني شعور بأننا نحن العرب والمسلمون، وحتى العديد من دول العالم نمارس النفاق والكراهية والطائفية بشكل أو بآخر.
لو كان الحريري شيعياً لتم اتهام حزب أو حركة شيعية باغتياله وأن ذلك تصفية حسابات للوصول إلى منصبٍ ما، أو حتى لجمع أموال الخمس، وإذا ما كان الحريري ينتمي لحركة أمل، فسيتم اتهام حزب الله بمقتله، والعكس صحيح.
لو كان الحرير شيعياً لما سمعت الحكومات العربية تُدين العملية الإرهابية كما هي الآن، ولما سمعت الجامعة العربية تتحدث عن العملية الإرهابية وتدينها أكبر إدانة، ولما ذهب أحد من "القادة" العرب لتعزية عائلة الفقيد في لبنان، ولما رُفِعت الأعلام السود والحداد في لبنان وغيره.
لو كان الحريري شيعياً لنشرت الأخبار نبأ مقتله كما تنشر الآن القنوات الفضائية العربية أخبار المذابح في الشعب العراقي على يد الإرهابيين من أتباع التيار السلفي الوهابي، ملتزمين "الحياد" حيث لا إدانة ولا استنكار؛ كما تم نشر خبر استشهاد السيد محمد باقر الحكيم رحمه الله بتاريخ 29 أغسطس 2003 م في عملية إرهابية ضخمة نتج عنها العشرات من القتلى والمئات من الجرحى. وإذا ما تمّت إدانة العملية الإرهابية، فهي تتم على استحياء مساويةً بين الضحية والجلاّد، داعيةً إلى "حقن دماء المسلمين"، وكأن الضحية هو المسؤول الأول عمّا حصل له.
لو كان الحريري شيعياً لقرأت في مواقع النت السلفية الوهابية التشفّي في مقتله مهنئين بعضهم بعضاً بمقتل "الرافضي الخبيث"، ولقرأت الكثير من الكلام "الساقط" والتعليقات "القبيحة" على مقتله، ولأتبعوا ذلك بدعائهم بمقتل المزيد من "الرافضة عملاء الغرب أحفاد بن سبأ والعلقمي" كما هو الآن على موقع الإسلام اليوم وغيره؛ فالكل يُشيد بالعملية الإرهابية في الموصل وقبلها في الحلّة، كما أشادوا من قبل بمقتل الحكيم، بل وصل إلى أن والد الإرهابي الأردني المسؤول عن تفجير الحلّة يستقبل التهاني "باستشهاد" ولده وأنه قتل "الرافضة العراقيين" وتم نشر ذلك في الصحف الأردنية.
لو كان الحريري شيعياً لما تحرّكت قريحة الكتُّاب "العرب والمستعربون" في الحديث عن مزايا الحريري، وهو حقاً يستحق ذلك، ولكان الحديثُ عنه يأخذ منحاً آخر، وهو أخطاءه التي لا تُغتفر وخَلقه للعديد من العداوات مع جِهات عدة، مما أدّى إلى مقتله، وكأنه تبرير للعمل الإرهابي وللإرهابيين، وكأنه دعوة لقتل المزيد ممن نختلف معهم في الرأي.
لو كان الحريري شيعياً، لشممت رائحة الطائفية النتنة في كتابات الصحافة العربية، والمصرية تحديداً، ولما سمعت كلمة واحدة تُثني عليه بأنه عمل ليل نهار لصالح لبنان وشعب لبنان ووحدة لبنان، بعيداً عن المزايدات، مستثمراً جُلّ وقته ومساعيه وماله في الحفاظ على لبنان للبنانيين جميعاً، فبادلوه حباً بحب.
لو كان الحريري شيعياً لما تمّ توجيه مبطن من قِبل أكثر من صحفي مُتّهماً الأخوة السنة بمقتله، ولكن لأن الشهيد الحريري سُنِياً، فقد ارتفعت أقلام المرضى بالتلميح بأن الشيعة وراء مقتله لأنه يمثل الطائفة السنية في لبنان. لقد تحدّث أكثر من صحفي، وخرج أكثر من "مشبوه" يتحدث عن سنة لبنان ومصلحة أطراف "أخرى كارهة للسنّة" بأنها تقف وراء مقتل الحريري.
لو كان الحريري شيعياً لتم تبرئة إسرائيل من العملية لأنه "عميل لإسرائيل" ومقتله "خسارةً لها"، فهو في الحياة "ملعون" وبعد مماته متّهم بالخيانة لأمته ودينه ووطنه؛ كما هو الآن من اتهام حزب الله بالعمالة لإسرائيل، فقط لأنه شيعي. هذه التُهم تأتي من "أنصار السلف والفرقة الناجية"، لأنهم فشلوا في مسعاهم في أفغانستان والشيشان وكل الدول التي دخلوها، أحزنهم انتصارات الشعب اللبناني وحزب الله وقدرتهم في تحرير جنوب لبنان، لذلك بذلوا جهوداً جبّارة تتهم الحزب وأعضاءه والمسؤولين فيه بالعمالة لإسرائيل بحجة أن إسرائيل قوة كبرى ولم تقضي على الحزب، وكأنها دعوة لإسرائيل بتصفية حزب الله والشيعة في لبنان.
لو كان الحريري شيعياً، لما ترحّمنا عليه.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. بلجيكا ترفع دعوى قضائية ضد شركة طيران إسرائيلية لنقلها أسلحة


.. المغرب يُعلن عن إقامة منطقتين صناعيتين للصناعة العسكرية




.. تصاعد الضغوط على إسرائيل وحماس لإنهاء الحرب| #غرفة_الأخبار


.. دمار واسع طال البلدات الحدودية اللبنانية مع تواصل المعارك بي




.. عمليات حزب الله ضد إسرائيل تجاوزت 2000 عملية منذ السابع من أ