الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسيرات التضامن مع فلسطين في المغرب و الاغراض الخفية 1

مصطفى بالهواري

2012 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


       على اثر الحرب القذرة التي يقودها الكيان الصهيوني على الشعب الفلسطيني ، و انسجاما مع اجندات مرسومة اقليميا و دوليا لتحالف الرجعيات في المنطقة و صراعاتها الداخلية في السباق لنيل رضى الامبريالية العالمية و خادمتها الصهيونية، دعت مجموعة من الاطارات الجمعوية و السياسية الى مسيرة تضامنية في المدن الكبرى المغربية يوم 25 نونبر من 2012.
 فما هي حيثيات تنظيم المسيرات   و اهدافها ؟
    منذ مرحلة التسعينيات من القرن الماضي كانت المسيرات التضامنية المنظمة في المغرب ،و التي تحمل طابع الوطنية ، استعراضية ، سواء بين القوى المشاركة كهيئات سياسية او امام الدولة و اجهزتها حتى تؤخذ بعين الاعتبار في اي حسابات سياسية. كما لم يسبق ان نظمت على قضية وطنية ذات اهمية الا في حالة المطالبة بتعديل مدونة الاحوال الشخصية و التي سميت فيما بعد "مدونة الاسرة".
     في هذه الحالة ، انتظمت مسيرتين احداهما في الرباط و الاخرى في الدار البيضاء . و اذا كانت مسيرة الرباط مؤطرة بجمعيات نسائية مدعومة بالاطارات و الهيئات السياسية و الحقوقية الحداثية المدافعة عن المراة و عن المساواة و رفع الحيف عن النساء في المجتمع ، فان مسيرة البيضاء كانت عبارة عن معارضة اي تحديث لمجال الاحوال الشخصية و ضد اي اشارة لمساواة المراة بالرجل تحت ذريعة الشرائع الدينية. الا ان الحقائق ابانت فيما بعد ان مبادرة حزب بن كران و الحركة الشعبية لم تكن من اجل المدونة و لا الدفاع عن الشرع ، و لكن الهدف كان سياسيا محضا.
لاول مرة يتم انتاج مدونة من طرف وزارة تابعة لشخصية يسارية و دون مبادرة من القصر و دون لجنة معينة منه. بل ان  انتاج مدونة للاسرة بمعايير حداثية و مسايرة للعصر كانت بالكامل من انتاج المناضل اليساري و وزير الشؤون الاجتماعية سعد السعدي. عملية همشت القصر في مراحل الانتاج و الطرح للنقاش . و هذا ما اثار القوى المحافظة و عدوة التغيير.
فما كان من جنود التقليدانية من رجال الدين و فقهاء القصر و علماء السلطة و كل المتسترين وراء الدين و بايعاز من المخابرات و اجهزة الدولة الا ان شنوا حربا شعواء على مشروع المدونة بانها مستوردة من بلاد الغرب كما تم تكفير من سهروا عليها و من ايدوها بل تم تحليل دم الوزير المسؤول عن القطاع و قيادات نسائية جريئة. 
و ما لبن كران و حزبه و اتباعهم وكل من يسير على نهجهم من اليمين المتاسلم بكل تلاوينه ، انضافت اليهم ثيارات لا تملك من المبدئية اي نذر ، الى قيادة الحملة تحت شعار الدفاع عن الاسرة المغربية و عن الابناء و الشرع و الاخلاق .... و رفض المستورد. و هكذا كانت مسيرة الدار البيضاء بلون الظلامية التقليدانية من العدل و الاحسان و حزب بن كران و من لف لفهم اضافة الى الحركة الشعبية و كل الانتهازيين و فاقدي الهوية المعبئين من طرف الولاة و القياد و المقدمين و كل اعوان السلطة و المخابرات بالموازاة مع مسيرة الرباط و في نفس الزمان . استعملت فيها وسائل لوجستيكية للدولة.
     هذا السجال المصطنع لم تكن لها مبررات موضوعية في الواقع . بحيث ان الحراك حول مشروع المدونة الذي ساهمت في انتاجه الجمعيات النسائية المعنية و تحت تاطير الوزارة المكلفة انتقل الى المكاتب و الكراسي في رداهات القصر و اسواره. فهمشت الجمعيات و الوزارة معا. ليعطى الدور الاهم للقصر .
   فقد تدخل القصر و الغى كل مجهودات الجمعيات و الوزارة و عين لجنة تحت رئاسة امحمد بوستة وزير خارجية الحسن الثاني و امين عام حزب الاستقلال سابقا.لجنة انتجت بمدونة مليئة بكل المتناقضات و حاملة للعجز القانوني و الواقعي لمدونة علاقات اجتماعية . كما اعفي الوزير من مهامه في اول تعديل لحكومة التناوب عقابا له على جراته. كما خسرت الجمعيات النسائية الفاعلة لجزء من تفاؤلها في التغيير  و تساوت مع جمعيات صنعت بالمناسبة لخلق توازن القوى.
       الغريب في الامر ان تلك القوى التي دفعت بتوتر الوضع حول المدونة لم تتشبت باي مطلب واحد اتى في شعاراتها المرفوعة. و لكنها اكتفت بادائها للمهمة المركزية هي تفويت الفرصة على الجمعيات النسائية و المجتمع برمته من انتاج مدونة حقيقية بروح حداثية و انتزاع سلطة المبادرة من الوزارة و الجمعات و نقلها لتحتكر كما كانت في عهد ما قبل التناوب للقصر . و هذا هو الهدف الاساسي لبن كران و ازلامه من هدرهم كل الطاقات.
من هنا نجد ان مسيرة الدار البيضاء لم تكن تهدف لخدمة الوطن و الانسان المغربي ، و لكنها فقط خدمة للقصر و للنهج القديم. و هذا هدف بن كران ،. لكن جماعة العدل و الاحسان كانت لا تقل انتهازية بمشاركتها التي هدفت من خلالها الى استعراض قوتها في الشارع و لاول مرة . كما انها ابانت من خلالها عداءها التاريخي و الطبقي لليسار و حتى الاصلاحي منه بالتحالف مع القصر و بن كران ضد حكومة بن كران.
            مسيرة اخرى نظمت بالرباط في فترة لاحقة احتجاجا على موقف للمبعوث الاممي حول الصحراء . و اذا تعودنا على ان موضوع الصحراء خاصة ،هو موضوع الدولة و كل اجهزتها فلا غرابة ان تجند كل امكانياتها المختلفة لانجاح هدفها . رغبة في اظهار اجماع على القضية. فان هذه المسيرة و ان كانت ضد المبعوث الاممي الا انها كانت مقياسا للدولة على القدرة على التجييش الشعبي لصالحها ، بل كانت رسالة لكل الاطراف المختلفة انها هي الامر الناهي في المغرب. . 
     و اذا كانت تلك التظاهرتين هما الوحيدتين التي اخذت طابع الوطنية رافعة شعارات لقضية داخلية ( مدونة الاسرة و موقف المبعوث الاممي) ، فان كل المسيرات التضامنية مع الشعبين الفلسطيني و العراقي لم يكن هدف السلطات منها سوى التنفيس على الشعب من احتقانه و فتح الباب امامه للتظاهر للتضامن مع شعوب ربما وضعية الشعب المغربي لا تختلف عنها الا قليلا.
. و غرض السلطات من الترخيص لهذه المسيرات هو اظهار الشعب في الشوارع و كانه يعيش في عز الدمقراطية . لكن الواقع ان العصى الغليضة و الاعتقالات هي نصيب كل المتظاهرين قل عددهم او كثر. و هذا له مضمون واحد و هو ان التظاهر لا يشرعن في نظر السلطات المغربية الا اذا كان يخدم اجنداتها الداخلية كما هو حال مسيرتي الرباط و البيضاء حول مدونة الاسرة او اجنداتها الخارجية كما هو حال مسيرات التضامن مع الشعبين الفلسطيني و العراقي . فهل مسيرة 25/11/2012 تخرج عن هذا السياق. و من المستفيد منها . 
يتبع بجزء ثان








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فيديو: هل تستطيع أوروبا تجهيز نفسها بدرع مضاد للصواريخ؟ • فر


.. قتيلان برصاص الجيش الإسرائيلي قرب جنين في الضفة الغربية




.. روسيا.. السلطات تحتجز موظفا في وزارة الدفاع في قضية رشوة| #ا


.. محمد هلسة: نتنياهو يطيل الحرب لمحاولة التملص من الأطواق التي




.. وصول 3 مصابين لمستشفى غزة الأوروبي إثر انفجار ذخائر من مخلفا