الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


بؤس السياسي ويأس الثقافي

حميد المصباحي

2012 / 12 / 2
مواضيع وابحاث سياسية


تحرك المشهد السياسي العربي في القرن الحالي بعد ركود كاد يؤدي إلى اليأس,وربما انهيار تام وشلل يغرق هذه المنطقة من العالم في فوضى عارمة,حتما كانت ستنتهي بصراعات ومواجهات دامية,طبقية طائفية وحتى دينية,الكل كان يتوقع الفظاعات,وقد كان الروائيون سباقون حدسيا إلى التنبيه لخطورة الوضع في العالم العربي,ويمكن تقديم الكثير من النماذج,وكان أيضا بعض رجالات الفكر وعلم المستقبليات,والبحوث الإستراتيجية,وكل هؤلاء ينتمون للمنطقة العربية,غير أن رجالات السلطة ,و بحكم بساطة فكرهم,سخروا من هذه التحذيرات وتجاهلوها,بمختلف توجهاتهم الإيديولوجية,من اليسار إلى أقصى اليمين,بمن فيهم أيضا حركات الإسلام السياسي,وإن كان بعضها دائم التحذير ,من نهاية العالم ,وفي كل مرة يقدمون أحاديث عن علامات الساعة,حتى بدا هذا الطقس اعتياديا وتخويفيا لدرجة أن الناس تجاهلوه بلباقة دون إثار جروح الماض والتشكيك في تكهنات حامليه من أتباع الدعوة والسياسة الدينية,من هنا أتت أهمية تناول فكر الساسة ومدى قدرتهم على الإمساك بزمام المبادرات في ظل غياب اهتمام المثقفين بما يعرفه العالم العربي من تحولات,ربما هذه فقط مجرد مقدمات لما هو أعظم,فكيف يفكر ساسة العالم العربي,وما هي رهاناتهم الحالية ومدى إدراكهم لحساسية اللحظة التي يمر منها العالم العربي ودوله وحتى مجتمعاته؟
وأي دور للمثقفين ومدى قدرتهم على تمثل واقعهم؟وما هي العلاقة المفترضة بينهم والساسة؟وهل سيستمرون في التفرج على حيرة الساسة وهم يمارسون سياسة التيه والإغتراب عن المشهد التاريخي الراهن؟؟؟؟
1بؤس الساسة
بدا الواقع في تحوله متجاوزا لهم,سواء كانوا في الحكومات القائمة أو حتى المعارضة,التي حاول سياسيوها,التحكم في الأحداث في آخر اللحظات,بل حتى الذين التحقوا مبكرا,وجدوا أنفسهم منخرطين عمليا في ظبط تحركات الشباب,وتحميسهم وحثهم على الصمود,فانشغلوا بالهم اليومي داخل المعتصمات,وكانوا منتشين بفكرة التغيير أكثر من التخطيط لها وإدارة عجلات الحركات الإحتجاجية لتتحول إلى ثورات حقيقية,ببناء تحالفات واضحة,مع الأحزاب المؤهلة للفعل الثوري,وليس التحالف مع أية حركة تواجدت بالميدان,بل اضطرت للنزول بعد أن كانت قيادتها رافضة أصلا لفعل التغيير كما حدث بمصر مع الإخوان المسلمين,والذين اضطر الثوار إلى القبول بمشاركتهم,بل صوتوا على الرئيس الإخواني حتى لا يفوز أحد أتباع النظام القديم,وهو محمد شفيق,وهنا كانت قوى اليسار السياسي بالخصوص والقومي وحتى بقايا الحركات الشيوعية,متدبدبة في مواقفها وحذرة من بعضها,لأن جل تحالفاتها كانت مبنية على التفاعل اليومي,وبدون تأكيدات مدنية على أهمية معركة الرئاسة,فالناس والمناضلون ابتهجوا بسقوط النظام,ولم يعدو لأساس البناء السياسي,وكانت تلك دلالة على بؤس السياسي,وعدم قدرته على قراءة الوضع سياسيا,وتحليل رهانات مختلف القوى المشاركة في التحولات التي عرفتها بعض المجتمعات العربية,وما ينطبق على مصر,ينطبق على كل المجتمعات العربية,باستثناء ليبيا وإلى حد ما اليمن,الذي عرفت القوى السياسية كيف تصارع حد الإنهاك,,غكرة تسليح الثورة والوقوف ضدها,وهو إنجاز تاريخي,لعبت فيه المعارضة السياسية دورا مهما لا يمكن إنكار أهميته,نظرا للرهانات التي غامر النظام اليمني لإيقاع المعارضة السياسية فيها.
2يأس المثقف
كان المثقفون غير مرتاحين بشكل عام,للحركات الإحتجاجية التي بدأت تعرفها المنطقة العربية,وزادهم يأسا تواجد الساسة,الذين راكموا صراعات مع رجالات الثقافة,وخصوصا المنحدرون من قوى اليسار والفكر التقدمي بشكل عام,كما أن وجود الحركات الدينية,كان عاملا محبطا لتطلعات المثقفين ورهاناتهم,فوجود حركات الإسلام السياسي,بتلك القوة,وتلك التاكتيكات المعرروفة,زرع الكثير من الشكوك,في نفوس هذه الفئة,التي كانت لها تصوراتهاالخاصة لكيفيات إدارة الصراعات,فكريا,ثم تتويجها بما هو عملي وفعلي,لكن الساسة,المباشرين,والذين كعادتهم,يعطون الأولوية للفعل على الفكر,تجاهلوا منتجي النظريات,واعتبروهم غير عمليين,وأن اللحظة لحظة ثورة,لا قابلية فيها للنقاشات والجدالات الإستراتيجية,وحتى الإيديولوجية,و هو ما سمح للحركات الدينية,بتديين المعركة,ونشر اعتبارها معركة للمسلمين ضد الكفرة والملحدين,وهو استباق لمعركة أخرى,كانت الحركات الدينية وأحزابها تعد لها منذ البداية.
3الثورة سياسة وثقافة
كل الثورات التي عرفها العالم,لم تنجز كلها مرة واحدة,بل تم التأسيس التدريجي لها,باختلاف وتيرة سرعة تحولات المجتمعات,مدى نضج البناءات الإقتصادية والثقافية والتربوية,فالثورة صيرورة تاريخية,لها آليات ومحركات,وتعرف عوائق,كما أن رجالات الثورة المضادة لا ينامون,فهم يتحركون في الظل,و يتخذون وجوها متعددة,ويؤسسون تحالفات هجينة وغير متوقعة,وهنا فإن تلازم الثقافي والسياسي,شرط أساسي لإنجاح أية ثورة وتحصينها,وهو ما لم يتحقق لحدود اللحظة بالكيفية التي ينبغي أن يكون عليها,كما حدث في كل التحولات الكبرى التي عرفها العالم,فالمعارك الدستورية تبدو سياسية,غير أن للمثقف القدرة,على إدراك أبعادها والكشف عن مختلف الجعات التي تتحصن بها للإجهاز على الثورة,وهو ما تعرفه الجمهورية المصرية,فمنذ متى كانت حركات الإخوان تهتم بالدستور,وهم يحملون القرآن منذ نصف قرن ويهتفون هذا دستورنا,إن معركتهم الحالية ليست الدفاع عن الدستور,بل هي مرحلة للتخلص من كل الدساتير.
حميد المصباحي كاتب روائي








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تغطية حرب غزة وإسرائيل: هل الإعلام محايد أم منحاز؟| الأخبار


.. جلال يخيف ماريانا بعد ا?ن خسرت التحدي ????




.. هل انتهت الحقبة -الماكرونية- في فرنسا؟ • فرانس 24 / FRANCE 2


.. ما ردود الفعل في ألمانيا على نتائج الجولة الأولى من الانتخاب




.. ضجة في إسرائيل بعد إطلاق سراح مدير مستشفى الشفاء بغزة.. لماذ