الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


ثلاثة مشاهد في اسبوع واحد

خالد قنوت

2012 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


المشهد الأول: في أمسية سياسية أقامها بعض الناشطين الشباب السوريين في متحف الملكي في تورونتو - كندا الأسبوع المنصرم, تحدث أحد الاساتذة الجامعيين الكنديين و هو المتخصص بالشؤون الشرق أوسطية عن الأزمة السورية و مخاوفه من المستقبل. استفاض الاستاذ في إعرابه عن توجساته على مسيحيي سورية و من خوف المسيحيين من المسلمين السنة و أكد ذلك من خلال تجربته التي لا تتعدى الشهر التي عاشها زائراً لبعض المناطق السورية قبل الثورة. عند كل سؤال يسأله الحضور كان يقول: (أنا لست متأكد لأجيب بدقة عن هذا الموضوع). ساد جو من الاستنكار بين الحاضرين الذين بمعظمهم سوريون. إحدى المتحدثات في المحاضرة و بكل بساطة و عفوية سألته بعد أن أنهى طرح مخاوفه: هل أنت تتحدث عن المسيحيين في سورية أم أنك أخطأت بي سورية و لبنان أو العراق؟ قالت له: أنا مسيحية و من أعرق العائلات الدمشقية, لم نشعر يوماً بأننا نتوجس أو نخاف دخول بيوت أهلنا و أصدقائنا المسلمون السنة كما تقول.
رد عليها أحد الحضور: إنه لا يعرف شيئاً عن سورية و السوريين.
أشير هنا, إلى أن معظم السياسات الغربية تعتمد على عدة مصادر من أهمها دراسات المختصين في جامعاتها, كما هو حال صاحبنا المتخصص بالشرق الأوسط.

المشهد الثاني: في نفس الأمسية, إلتقيت في فترة الاستراحة, بالمتحدثة الأخرى في المحاضرة و هي من أعضاء المجلس الوطني. شخصية معارضة ذات كاريزما و واثقة و يزيد من ثقتها طلاقة التحدث باللغة الانكليزية التي يفهمها الغربيون بحكم دراستها الجامعية في كندا. كانت الأكثر إقناعاً و قبولاً و هذا كان مدعاة لاحترام الحضور لها. خلال الدقائق القليلة لفترة الاستراحة, عرفتها عن نفسي و سألتها عن آخر الأخبار و عن المجلس الوطني, فأخذت تتحدث عن الإخفاقات و عن الأخطاء و تعثر أفقد المجلس المصداقية. كنت متفقاً معها و أضفت إن تعطش البعض في المجلس للسلطة و انكشاف ذلك أمام الحراك الداخلي, الذي يزداد وعياً سبقه تفان و تضحية أسطوريين, أصاب الكثيرين بالخيبة من هذا المجلس. سألتها عن بعض الشخصيات الخلافية و عن كتلة الإخوان المسلمين و تسلطها على المجلس. كانت تجاوبني بكل صراحة و هذا ما دعاني لأقول لها: (أنا لست خائفاً على الثورة كثيراً من الإخوان المسلمين و لكني أسألك عن كتلة الأربع و السبعين). قالت لي بكل صراحة: (أنا من كتلة الأربع و السبعين و أكدت لي أن فيهم العديد من الشرفاء و المعارضين الجيدين). لكنها لاحظت عدم ارتياحي عندما قلت لها: (نحن السوريون, و قبل أن نكون معارضين و نعرف الشخصيات المعارضة السورية منذ السبعينات و الثمانينيات بالاسم و بالتاريخ, نريد لكل واحد يدعي أنه قيادي في المعارضة في الائتلاف أو المجلس أو غيرها و غيرها, أن يتقدم للشعب السوري بسيرته الذاتية كاملة و واضحة قبل أن يتحدث باسم الثورة و السوريين). أضفت لها: (الثورة السورية ستنتصر و لكننا و أؤكد لك, بأننا سنعمل, بعد القصاص من النظام و رموزه في المحاكم السورية العادلة, على المطالبة بمحاكمة كل من ساهم و حرض شباب بابا عمرو و أهل حمص الأبطال على حمل السلاح مؤكداً و واعداً لهم بأن أساطير الناتو بانتظار إشارة منه للتدخل العسكري و الحظر الجوي و فرض المناطق العازلة. لقد ساعد هؤلاء النظام على ما عجز عنه أكثر من ستة أشهر لإجبار الحراك السلمي إلى التحول إلى العسكرة دون تخطيط و عمل ثوري واعي و محترف. كان نتيجة ذلك خسارةً لأروع شباب في معركة غير متكافئة و انحساراً للحراك المدني العظيم الذي هز النظام في اركانه).
جاوبتني و بكل عفوية و صدق: (أنا كنت ضد التسلح و العسكرة منذ البداية و لكن لم يستمع أحد لي..) انقطع الحديث بتدخل غبي من بعض المعجبات بالسيدة الفاضلة و بدأت موشحات المديح و أيات الافتخار بها, فغبت في ضباب أحاديث الحضور و ضحكاتهم المتبادلة.

المشهد الثالث: تم دعوة عدد من الفعاليات المعارضة في مقاطعة أونتاريو من قبل موظفين من الخارجية الكندية في لقاء تعارف و تبادل أفكار عن الأزمة السورية. منح الممثلين عن المكونات السورية الكندية الناشطة فترة من الزمن للتعريف عن مكوناتهم و عن نشاطاتهم و عن مطالبهم من الخارجية الكندية.
في البداية تحدثت مندوبة الخارجية الكندية عن برنامج مساعدات كندي للاجئين السوريين في المخيمات و عن إمكانيات التواصل لإيصال المعونات للداخل و عرفت الأزمة السورية من وجهة نظر الخارجية الكندية بالحرب الأهلية.
تحدث كل مندوب عن منظمته و عن نشاطها و عن أهدافها و التي كانت قاسماً مشتركاً بين الجميع و تحدث البعض عن تجاربهم في الإغاثة و المساعدات الطبية و تطوع العديد من الأطباء و الناشطين السوريين في الخارج للعمل في المخيمات و في المشافي الميدانية في الداخل و إجراء العمليات الجراحية تحت القصف و في أصعب الظروف.
في مداخلتي تحدثت عن القصة السورية القصيرة التي نعيشها منذ آذار 2011 و حتى الآن و عن التهديد الذي يتعرض له السوريون جسدياً و معنوياً و حياتياً و تتعرض له الثقافة و التاريخ السوري للتدمير و الخريب.
في نهاية حديثي, توجهت للسيدتين المندوبتين عن الخارجية الكندية, و قلت لهما: (نحن هنا كسوريين نعتقد أن من واجبنا أن ننقل لكم الرؤية الحقيقية لما يحدث في وطننا الأول, في سورية ثورة إنسانية يقوم بها السوريين ضد نظام استبدادي دكتاتوري من أقسى و أعنف الأنظمة الدكتاتورية في العالم و هذه الثورة فيها مسلمون من كل الطوائف و مسيحيون و عرب و أكراد. إن تعريفنا للحرب الأهلية هي إقتتال مجموعات أهلية ضمن المجتمع ضد مجموعات أهلية أخرى و هذا ما لا يحدث في سورية بالمطلق. إن تصنيفكم للأزمة السورية بأنها حرب أهلية يسيء للثورة و لسورية و يعطي هذا النظام المبررات القانونية لقمع الشعب بحجة أنها حرب أهلية و يجب السيطرة على البلد. لو حدثت حرب أهلية في كندا أليس من واجب الحكومة الكندية أن تقف و تضرب بيد قوية لتوقف هذه الحرب؟ إنكم من دون أن تدروا تساهمون في قتل السوريين الذين يخضون ثورة عظيمة و حقيقية من أجل الحرية و الكرامة و الديمقراطية).








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تأجيل تعديل المرسوم 54 في تونس: التضييق مستمر حتى الانتخابات


.. محور فيلادلفيا ومعبر رفح...كيف تفاقم التوتر بين مصر وإسرائيل




.. القسام تبث مقطعا يطرح تساؤلا بشأن مصير قائد اللواء الجنوبي ف


.. المستشار| ماذا سيحدث إذا لم تحكم العدل الدولية لصالح جنوب إف




.. ماذا يعني إلغاء إسرائيل فك الارتباط بشمال الضفة الغربية؟