الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستبداد الديني _ مصر نموذجاً

زهير مبارك

2012 / 12 / 3
مواضيع وابحاث سياسية


تمركز الحديث في العقود الاخيرة حول تفسير التيارات الاسلامية، وتعداد مشاربها، ومواقفها من كثير من الامور السياسية والحياتية، وقد عرف عن هذه التحليلات تقسيمها الى متشددة ومعتدلة ولينة. اليوم وبعد خروج الحالة من التنظير الفكري الى حيز الوجود العملاني نستطيع القول: أن كل هذه التحليلات سقطت بسقوط القناع وظهور "الوجه القبيح" عن ما يمكن تسميتهم _ بدون استثناء احد _ (الاسلام السياسي المكلس)، وهنا نود التوضيح أن الاسلام السياسي بتعدد تفرعاته ( الافتراضية ) كانت إما مع الديمقراطية أو ضدها أو معها، ولكن بشروط، والتي غالباً ما تركز على محاولة المقاربة بين الشورى والديمقراطية. يأتي ذلك بصرف النظر عن المواقف لتحيقيق المهمة الاساس، والمتمثلة بالانقضاض على السلطة _ وليس الوصول اليها _ من خلال صندوق الاقتراع، وانهاء مهمته بعد سيطرتهم على الحكم، وتبرير ذلك (اقامة الدولة الاسلامية ) _ هذا المفهوم الهلامي الميتافيزيقي_ ، ولهذا كل شيء مباح متاح، ما دام الهدف "مقدس"، فالغاية تبرر الوسيلة حسب الهوى الميكافيلي.
طوال العقود الماضية، وبعد التحرر "المفتعل" المفترض "للدول" العربية تعزز "موروث " الاستبداد السياسي بما حمل من مفاهيم غلفت بوجوب التنمية مروراً بتحرير فلسطين ، فلا تمت الاولى ولا فك قيود الثانية ، فظهر عجز الانظمة الاستبدادية المدعومة غربياً _ وما تزال _ واخذت تواري عجزها وفراغها بالقمع والترهيب وزرع الخوف في النفس العربية حتى اصبحت سمة العربي الخوف والشعور بالعجز . هذا حال كل الانظمة العربية الاستبدادية والنظام السوري بما يحمل من طغيان قبيح ولا جمال مع الطغيان أكبر مثال على ذلك ، والحالة المصرية لا تبعد كثيراً من حيث بذرة الفكرة الاستبدادية مع اختلاف الدرجة القمعية رصدناها في النظام العتيق، وما يزال حاضراً في كل تمفصلات الدولة المصرية.
نجمل فنقول الاسلام السياسي كمجموعات منظمة على اختلاف الرؤى السطحية وتلاقحها العميق هي التي تقف على ابواب بديل الاستبداد العربي السياسي. فهل برنامجها العميق الخفي يحمل الحرية التي هي ضد الاستبداد أم انها تحمل مكونات تعزز الاستبداد لدرجة يصعب اقتلاعها لاحقاً.
الاسلام السياسي المصري ( تفعيل الاستبداد الديني )
من حيث المبدأ الديمقراطية لا تعني الحرية في الاختيار فقط . الديمقراطية = الحرية وتعزز مفهوم المواطنة الحقة بما تحمل من حقوق وواجبات، خلاف ذلك لا تعني الديمقراطية الا شرعنة الاستبداد أيا كان المسمى . ولهذا لا يساوي صندوق الاقتراع اكثر من حالة تزييف للحقيقة ولا تعدو هنا الديمقراطية شهادة ميلاد لاستبداد جديد متجدد، والدليل الحي على ذلك ما يحدث في مصر بصورة متسارعة لحسم الصراع بين الحرية والاستبداد . فبعد صعود الاسلام السياسي للحكم لم يستطع اصحابه تمالك أنفسهم حتى لتلميع استبدادهم الديني فلهفة تطبيق ايديولوجيتهم القائمة على الاقصاء تحت شعار تطبيق الشريعة ( أي شريعة ) الشريعة التي تفسر حسب فقههم السياسي. من هنا، بدأت رحلة التكفير والتخوين لكل التيارات العلمانية والليبرالية في مصر، وبدأت رائحة الفكر القطبي تعبق اجواء مصر بسمومها خرج العفريت الفكري القطبي من جحره تلاقح مع افكار حسن البنا القائم على وأد التجربة المصرية بعد الوصول للحكم . كيف يتم ذلك وما الهدف الرئيس من ذلك ؟
الفكرة في الاسلام السياسي وخصوصاً الاخواني، ومن خلال مراجعة أديباتهم يجد بشكل جلي وواضح القبول بالديمقراطية كمطية للوصول للحكم، وبعدها يتم ركنها ( الديمقراطية ) ولفظها، والسعي بكل الطرق لفرض مشروع اوحد هو مشروع الاسلام السياسي، وهذا يتطلب حل كل الاحزاب السياسية في مصر، وتقييد الحرية، وفرض مفهوم الحاكمية القطبي الذي ينبع من الحكم الالهي، وبما انهم ارادة الله على الارض فهو حكم مقدس لا يجوز معارضته والا سوف يجرم ويكفر .
إن ما يحدث في مصر ليس غريباً لأنه ليس المهم التغيير من خلال صندوق الاقتراع ما لم يتم تغيير ما في جمجمة الرأس، وليس المطلوب من قبل الاسلام السياسي تغيير ما بداخلها . قبح السياسة الاخوانية أنها كما هو حال كل الاسلام السياسي انها تخلط الدين بالسياسة . الدين بما هو مطلق من عند الله والسياسة بما تحمل من نسبية. كيف يتم خلط النسبي بالمطلق وتقديم ما هو نسبي مصلحي على مطلق ودمج مقاصد الشريعة بمبررات السياسة وممكناتها.
بقي أن نقول في هذه العجالة أن كثير من الباحثين كانوا في حالة ترقب لوصول الاسلام السياسي بعد التجارب المريرة للاشتراكية والركوب عليها، والقومية واعدامها ، ما تبقى هو وجود الاستبداد السياسي كمنافس قادر هو الاستبداد الديني، ولكن سرعان ما سوف يتم كشف زيف المشروع وكذبه في تحقيق العدالة والمساواة والحرية بين الناس لأنهم مواطنين لن يقبل احداً بان يكون رقماً من الرعايا . ولكن كيف ومتى هذا يتوقف على عدم التسليم بأنهم ارادة الله على الارض وأنهم بشر يغلفون أفكارهم بالدين لتمرير أفكارهم المسمومة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. البرازيل.. سنوات الرصاص • فرانس 24 / FRANCE 24


.. قصف إسرائيلي عنيف على -تل السلطان- و-تل الزهور- في رفح




.. هل يتحول غرب أفريقيا إلى ساحة صراع بين روسيا والغرب؟.. أندري


.. رفح تستعد لاجتياح إسرائيلي.. -الورقة الأخيرة- ومفترق طرق حرب




.. الجيش الإسرائيلي: طائراتنا قصفت مباني عسكرية لحزب الله في عي