الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


فلسطين - دولة غير عضو - إنجاز كبير ..ولكن ؟

عليان عليان

2012 / 12 / 4
القضية الفلسطينية



احتفل الشعب الفلسطيني ، بالإنجاز الذي تحقق في الجمعية العامة للأمم المتحدة ، بقبول فلسطين " دولة غير عضو " في الأمم المتحدة بوصفه إنجاز رمزي ومعنوي كبير ، وضع فلسطين مجدداً على الخارطة السياسية للعالم ، حيث رفرف العلم الفلسطيني ولأول مرة ، على مبنى الأمم المتحدة أسوة ببقية أعلام دول العالم.
إنه إنجاز كبير ، لكن هذا الانجاز شابه ثغرات كبيرة ، لا يجوز إغفالها .. فعلى صعيد المزايا ، التي تحققت عملياً ، ونظرياً ، يمكن الإشارة إلى ما يلي :
أولاً: عكس هذا الانجاز، تحدي الجانب الفلسطيني ، للضغوط والتهديدات الإسرائيلية بعزل السلطة الفلسطينية ، ومحاصرتها مالياً ، وكذلك تحدي الضغوط الأمريكية ، بشأن التهديد بحجب المساعدات عن السلطة الفلسطينية ( نصف مليار دولار سنوياُ " إذا ما أقدم الرئيس الفلسطيني محمود عباس، على خطوة تقديم طلب " الدولة غير العضو " للأمين العام للأمم المتحدة.
ثانياً: جرى تفتيت وحدة الموقف الأوروبي والغربي حيال القضية الفلسطينية ، حيث صوتت معظم الدول الاوروبية لصالح القرار.
ثالثاً : كشف القرار عن تأييد معظم دول العالم ، لنضال الشعب الفلسطيني ولحقوقه الوطنية المشروعة ، وعن العزلة التي باتت يعيشها الكيان الصهيوني.
رابعاً : كشف بالملموس ، تراجع الهيمنة الامريكية على دول العالم إذ لم تستجب معظم دول العالم ، وخاصةً دول العالم الثالث للتهديدات والإملاءات الامريكية ، بشأن التصويت ضد القرار.
خامساً : إن التصويت على قبول فلسطين " دولة غير عضو " على الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1967 ، يجعل من فلسطين - نظريا وقانونياً - دولة تحت الاحتلال ما يصحح جريمة أوسلو ، التي اعتبرت الأراضي الفلسطينية أراض متنازع عليها وحيث لم يرد نص فيها يشير إلى الانسحاب الإسرائيلي منها ، بل ورد نص يقول فقط بإعادة انتشار الجيش الإسرائيلي فيها.
سادساً: وقبول فلسطين " دولة غير عضو " يتيح لها الانضمام لمحكمة الجنايات الدولية ، ما يمكن الجانب الفلسطيني من تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين للمحاكمة .
سابعاً : وقبول فلسطين " دولة غير عضو " يمكنها من تغيير وضعية المعتقلين الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية ، بحيث يصبحون وفق اتفاقية جنيف الرابعة " أسرى حرب " يجب الإفراج عنهم ، ومعاملتهم معاملة أسرى الحرب ، بوصفهم مناضلين من أجل الحرية.
ثامناً : وقبول فلسطين " دولة غير عضو " يمكن الجانب الفلسطيني من التوقيع على اتفاقية جنيف الرابعة ، وأن تطالب بموجبها المجتمع الدولي بتوفير الحماية للشعب الفلسطيني تحت الإحتلال.
هذه إنجازات عملية ونظرية مهمة ، يمكن البناء عليها باتجاه الحصول على العضوية الكاملة لدولة فلسطين ، في الامم المتحدة ، ولكن العديد من هذه الانجازات جرى ضربها ، وخلخلتها ، وتفريغها ، من خلال مجموعة من المواقف والتصريحات ، الصادرة عن قيادة السلطة الفلسطينية ... كيف ؟؟
أولاً : تصريحات الرئيس الفلسطيني ، بشان الالتزام باتفاقات اوسلو حيث صرح بعد عودته من نيويورك ، وإثر لقائه مع العاهل الأردني الملك عبدالله الثاني ، بما يلي " أوسلو موجودة ، الإسرائيليون حاولوا خرقها وإلغاءها ، أوسلو موجودة ، نبني عليها ولا تلغى " ما يعني أن المفاوض الفلسطيني ، سيظل ملتزماً بمرجعية اتفاقية اوسلو ، التي استثمرها العدو الصهيوني على مدار اكثر من عقدين من الزمن ، كغطاء لعملية تهويد القدس ، ومصادرة الأرض والإستيطان ..وبالتالي العودة إلى ذات الحلقة المفرغة .
ثانياً: ما ورد في خطاب الرئيس الفلسطيني في الجمعية العامة للأمم المتحدة بشأن قضية اللاجئين ، حيث أكد على حل قضية اللاجئين ضمن منطوق المبادرة العربية للسلام .
فالمبادرة لا تنص على تطبيق قرار 194 ، الخاص بالعودة والتعويض معاً ، بل تنص على " حل عادل ومتفق عليه لقضية اللاجئين الفلسطينين وفق القرار 194 " أي متفق عليه مع الجانب الإسرائيلي ، ما يعني إخضاع هذا الحق للمساومة والتبديد !!
ثالثاً: دولة فلسطين " غير العضو " كما أسلفت تمكن الجانب الفلسطيني من تقديم مجرمي الحرب الإسرائيليين ، لمحكمة الجنايات الدولية .. لكن تصريح الرئيس الفلسطيني " بأن الجانب الفلسطيني لن يقدم على هذه الخطوة ، إلا عند حصول اعتداء إسرائيلي " والسؤال هنا : هل توقفت الاعتداءات الإسرائيلية لحظة واحدة منذ عام 1967 ، إن على صعيد الاستيطان ، أو الإعتقالات ، او الإغتيالات ، او الحواجز او القصف ألخ .
وكما قال خبير القانون الدولي د. أنيس قاسم : " إن حسم الرئيس عباس بعدم التوجه لمحكمة الجنايات الدولية ، إلا في حال حصول اعتداء إسرائيلي قلل من مساحة التحرك ، وحبسه ورقياً " .
رابعاً: ما ورد في خطاب الرئيس الفلسطيني بشأن " الالتزام بالمقاومة الشعبية السلمية ، لإنهاء الاحتلال " علماً بأن ميثاق الأمم المتحدة يتيح للجانب الفلسطيني ، ممارسة المقاومة بكافة أشكالها ، بما فيها الكفاح المسلح .
فبوسع الجانب الفلسطيني ، أن يحدد شكل وطبيعة المقاومة بالتوافق بين فصائل المقاومة ، وفقاً لمتطلبات كل مرحلة ، دون إغفال أي شكل من أشكالها... فلماذا حصر المقاومة بالطابع الشعبي السلمي رغم أهميته ؟ ولماذا منح هذا الإلتزام للمجتمع الدولي ؟ ولماذا إغفال المقاومة المسلحة التي أثبتت جدواها ، في مرحلة انطلاقة الثورة الفلسطينية المعاصرة وإبان انتفاضة الاقصى ، وإبان حربي 2008 و2012 حين دكت المقاومة مؤخراً بصواريخها المتطورة ، معاقل العدو في تل أبيب والقدس وإيلات وهرتزيليا ، خالقةً توازناً جديداً للرعب والردع .
باختصار شديد يمكن القول أن حصول فلسطين على وضعية " دولة غيرعضو مراقبة " في الأمم المتحدة ، إنجاز مهم ، ويمكن المراكمة عليه لتحقيق إنجازات مشتقة ، في حال تلافي المواقف سالفة الذكر التي تسببت في إضعاف هذا الإنجاز ، وفي حال توفر الإرادة السياسية للقيام بما يلي :
أولاً: عدم العودة للمفاوضات المباشرة مع العدو الصهيوني.
ثانياً: نبذ اتفاقات أوسلو بمشتقاتها المختلفة " واي ريفر ، خارطة الطريق ، أنا بوليس ، التي شكلت بمجملها غطاءً للتهويد والاستيطان ، والتي اعتبرت الأراضي الفلسطينية المحتلة أراض متنازع عليها ، والتي لم تسند أي من قضايا الصراع الرئيسية " القدس ، اللاجئين ، المستوطنات " بأي قرار من قرارات مجلس الأمن ذات الصلة ، وتركت المفاوضات رهينةً لميزان القوى .
ثالثاً: الإلتزام بنهج المقاومة بكافة أشكالها .
رابعاً: إعادة الاعتبار للوحدة الوطنية ، وإنجاز المصالحة الفلسطينية بعيداً عن الحسابات الفصائلية الضيقة والمحاصصات ، وعلى أن تستند إلى برنامج سياسي وطني يحصن الثوابت الوطنية ، ويرتكز بشكل رئيسي على المقاومة ، كآلية رئيسية لتحقيق أهداف النضال الوطني الفلسطيني.
خامساً :تثمير الفعل المقاوم سياسياً ، عبر الدعوة إلى عقد مؤتمر دولي يستند إلى قرارات مجلس الأمن ، والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة بالقضية الفلسطينية ، من اجل وضع آلية وجدول زمي لتطبيقها وليس المساومة عليها ، خاصةً تلك القرارات التي تؤكد على حق تقرير المصير للفلسطينيين وعلى العودة ، والتي تعتبر الاستيطان والجدار وضم القدس باطلة قانونياً وشرعياً .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. إيران.. صلاحيات وسلطات المرشد والرئيس


.. أمم أوروبا.. إسبانيا تكرس عقدة ألمانيا على أرضها | #هجمة_مرت




.. إغلاق مراكز الاقتراع في جولة الإعادة للانتخابات الرئاسية الإ


.. توقيف مسؤولين سابقين بالكرة الجزائرية في قضايا فساد.. هل هو




.. مراسل الجزيرة يرصد سير المفاوضات بين حماس وإسرائيل في العاصم