الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أزمة الإعلان الدستوري المحصن

اسلام احمد

2012 / 12 / 4
مواضيع وابحاث سياسية


تسارعت الأحداث بشكل سريع جدا على مدار الأسبوعين الماضيين فقد وقعت كارثة قطار أسيوط التي راح ضحيتها أكثر من خمسين طفلا في الوقت الذي شنت فيه إسرائيل غارات جوية على قطاع غزة وبالتزامن مع أزمة نشبت بالجمعية التأسيسية نتج عنها انسحاب القوى المدنية والكنيسة منها فضلا عن تزايد حركة الاحتجاج بالشارع المصري بشكل مخيف في أول ذكرى لأحداث محمد محمود

وفي الوقت الذي انتظرت فيه قرارات حاسمة من الرئيس محمد مرسي تعيد التوازن إلى الجمعية التأسيسية وتحسن من مستوى معيشة المواطنين فقد فوجئت به يصدر إعلانا دستوريا ينص على :

١_إعادة محاكمة قتلة المتظاهرين وفق قانون حماية الثورة

٢_تحصين قرارات الرئيس الرئيس من الطعن عليها بأى طريق وأمام أى جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراته بوقف التنفيذ أو الإلغاء وتنقضى جميع الدعاوى المتعلقة بها والمنظورة أمام أية جهة قضائية!

٣_إقالة النائب العام عبد المجيد محمود وتعيين نائب عام جديد من بين أعضاء الهيئة القضائية بقرار من رئيس الجمهورية لمدة أربع سنوات، ويسرى هذا النص على من يشغل المنصب الحالي بأثر فوري

٤_على تعديل المادة ٦٠ من الإعلان الدستورى الصادر فى ٣٠ مارس ٢٠١١، لمنح الجمعية التأسيسية مهلة شهرين إضافيين لإنهاء مشروع الدستور، لتنتهى مدة عملها فى ١٢ فبراير المقبل

٥_لا يجوز لأى جهة قضائية حل مجلس الشورى، أو الجمعية التأسيسية لوضع مشروع الدستور

٦_لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة ٢٥ يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها، أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذى ينظمه القانون

والواضح أن الرئيس قد أراد بهذا الإعلان الدستوري أن يحقق عدة أهداف تتمثل فيما يلي :

١_ تهدئة غضب الثوار نتيجة أحكام البراءة التي نالها رموز النظام السابق في قضايا قتل المتظاهرين

٢_ أراد الرئيس أن يستبق حكم المحكمة الدستورية العليا التي تنظر دعاوى حل مجلس الشورى والجمعية التأسيسية فقام بتحصينهما من الحل كي يتسنى للجمعية التأسيسية ذات الأغلبية الإسلامية سلق الدستور على هواها!

٣_تصفية حسابات قديمة مع النائب العام عبد المجيد محمود ولكي يتسنى له تحقيق الهدفين الثاني والثالث فقد أصدر مادة في الإعلان الدستوري تحصن قراراته من الطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة!

والحاصل أن الرئيس قد خالف بذلك الإعلان الدستوري القواعد الدستورية والقانونية التي أنتخب على أساسها فالإعلان يمثل تعديا صارخا على سيادة القانون والدستور إذ لا يجوز لأي شخص أن يكون فوق الدستور والقانون حتى لو كان رئيس جمهورية منتخب كما أنه يمثل انتهاكا صارخا لأبسط مبادئ الديمقراطية وهو مبدأ الفصل بين السلطات إذ تم بموجب هذا الإعلان الاعتداء على السلطة القضائية من جانب السلطة التنفيذية ومنعها من ممارسة دعاوى منظورة أمامها بالفعل!

الغريب أنه قام بتحصين مجلس الشورى الباطل دستوريا من الحل فقد انتخب على أساس نفس قانون انتخاب مجلس الشعب الذي قضت المحكمة الدستورية العليا بعدم دستوريته وعليه حلت مجلس الشعب!

الأخطر من ذلك هو المادة السادسة التي لم ينتبه إليها أحد فهي تنص على " لرئيس الجمهورية إذا قام خطر يهدد ثورة ٢٥ يناير أو حياة الأمة أو الوحدة الوطنية أو سلامة الوطن أو يعوق مؤسسات الدولة عن أداء دورها، أن يتخذ الإجراءات والتدابير الواجبة لمواجهة هذا الخطر على النحو الذى ينظمه القانون" وهي نفس صيغة قانون الطوارئ الواردة بدستور 1971! , مما يعني باختصار أننا عدنا إلى عصر الديكتاتورية والاستبداد ولكن بصورة أبشع فمبارك رغم استبداده لم يجرؤ يوما على تحصين قراراته من الطعن عليها أو جعل نفسه فوق القانون والدستور!

المؤسف أن الرئيس قد أثبت بتحصينه الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى الذي لا يضم سوى جماعته أنه رئيس جماعة الإخوان وليس رئيس كل المصريين كما يدعي!

ولكي يبرر الرئيس مرسي قراراته فقد خرج في حشد من أنصاره بقصر الاتحادية يطمئن الجميع بأنه فعل ذلك لمصلحة مصر الثورة ويتعهد بأنه لن يستخدم السلطة المطلقة التي منحها لنفسه إلا في أضيق الحدود ومن ثم يطالب الجميع بإحسان الظن به!

ولأنه لا يوجد ملائكة على الأرض فلن يصدق الرئيس أحد خاصة أن ثمة ميراث ثقيل من عدم الثقة المتبادل بين مختلف القوى السياسية لذا فما إن انتهى الرئيس من خطابه حتى اندلعت التظاهرات في جميع أنحاء مصر منددة باستبداد الرئيس ومطالبة بإلغاء الإعلان الدستوري المحصن , الأمر الذي أدى إلى اندلاع أحداث عنف شديدة احترق على إثرها بعض مقرات حزب الحرية والعدالة كما نتج عنها عشرات القتلى والجرحى!

في سياق ما سبق فأتوقع أن تزداد أحداث العنف والفوضى في البلاد خلال الأيام المقبلة مما قد يفضي في النهاية إلى انقلاب عسكري ومن ثم العودة إلى نقطة الصفر! , ولأن الرئيس هو المسئول الأول عن الأزمة فضلا عن مسئوليته السياسية بصفته رئيسا للبلاد فعليه أن يخرجنا منها , وفي تقديري أن الخطوة الأولى لحل الأزمة تتمثل في إلغاء ذلك الإعلان الدستوري والشروع في حوار وطني جاد مع مختلف القوى الوطنية يفضي إلى خطة واضحة لإدارة البلاد على أن يتم حل الجمعية التأسيسية الحالية أو على الأقل إعادة التوازن إليها بما يضمن وضع دستور يؤسس لدولة مدنية حديثة








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شبح -الحي الميت- السنوار يخيم على قراءة الإعلام الإسرائيلي ل


.. الحركة الطلابية في الجامعات : هل توجد أطراف توظف الاحتجاجات




.. جنود ماكرون أو طائرات ال F16 .. من يصل أولاً إلى أوكرانيا؟؟


.. القناة 12الإسرائيلية: إسرائيل استخدمت قطر لتعمّق الانقسام ال




.. التنين الصيني يفرد جناحيه بوجه أميركا.. وأوروبا تائهة! | #ال