الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


عن الطائفة العلوية أيضا

رياض خليل

2012 / 12 / 5
الثورات والانتفاضات الجماهيرية


رياض.ن.خليل :
عن الطائفة العلوية أيضا .. و :
الموقف من العلويين بعد سقوط النظام
1
تعقيبا على مقال الأستاذ : طريف يوسف آغا في رابطة كتاب الثورة السورية
المقال يتناول العديد من الجوانب الصحيحة ، ولكنه أغفل بعضها ، وهذا أمر طبيعي . لذلك أضيف : إن العلوي الصالح الذي تحدثت عنه وصنفته هو في خانة وخندق الطغيان والاستبداد والديكتاتورية ولو كان على عداء مع الأسدية البغيضة . والآن هم أيضا معه : ( قدري جميل ، فاتح جاموس ، الأغلبية الساحقة من أحزاب وتكتلات هيئة التنسيق العميلة للاستعمار الروسي والإيراني . لقد اتحدوا ضد الثورة : ثورة الحرية والكرامة والعدل والحق .
2
وأضيف شيئا هاما بالنسبة لي على الأقل : هو أن الطغاة الذين جاء بهم السياق التاريخي كما جاء بغيرهم من غير العلويين في البلدان العربية ، يحملون ذات الصفات ، ويمارسون نفس الممارسان ، فلايعتد بدينهم وطائفتهم وانتماءاتهم من أي نوع ، لأنهم لا انتماء لهم سوى للجهل والبربرية والحقد والعنصرية والإجرام ، هم مجرمون ضد كل شيء .. حتى ضد طائفتهم . يكفي أن الأسد قد تمكن من خداع وتوريط الطائفة لمصالحه الأنانية ، وقطع عليهم طريق المستقبل والحياة الطبيعية مع المكونات السورية الأخرى ، واستطاع خلال عقود مصادرة الطائفة ، بشكل عام ، وقمع معارضيه منها ليس ممن ذكرتهم وحسب ، بل ومن كل البنى والمظاهر الديمقراطية الليبرالية التاريخية التي كانت قائمة . وجعل من الطائفة بأغلبيتها الحاضن القوي والرئيس للشبيحة والمؤيدين والمجرمين ، مما أدى إلى استحالة قيام أو ظهور أي شكل من أشكال الاعتراض والثورة كما يحدث في الحاضنة السنية التي تحتضن الثواروالناشطين والجيش الحر ، ويدعمونهم يكل الوسائل والإمكانيات . وهو مالايوجد في الطائفة العلوية ، حيث المعارض الليبرالي الديمقراطي متهم وملاحق ومعرض لكل أشكال التنكيل والقتل هو وعائلته ومن يمت له بصلة ، ليس من قبل الأمن وحده ، بل وبدرجة أكبر من الحاضنة العلوية نفسها من الأقرباء والجيران الذين يشكلون الأغلبية الساحقة من الطائفة . لذلك كان من شبه المستحيل ان تنمو أو تنطلق ثورة ولو في الحد الأدنى في المناطق العلوية في الريف أو في المدن . العلوي الثائر ملاحق ممن حوله أكثر مما هو ملاحق من الأمن والنظام .وتلك مصيبة مابعدها مصيبة . وأؤكد أنه يوجد علويون مع الثورة ومع ثقافة الثورة ، وضد الثقافات الشمولية الدينية والدنيوية ، وخصوصا تلك التي أفرزتها الحرب الباردة ، ولاتزال ذيولها قائمة في العديد من مناطق العالم ، وتحميها الشوفينية الروسية والصينية وسائر البلدان التي تدور في فلكها .. وبشكل سافر ووقح .

3
إن التصنيف الذي اعتمدة الاستاذ طريف الآغا ، هو تصنيف مبتور .. ناقص .. غير ناضج بما فيه الكفاية ، وربما السبب يعود لبعده عن الواقع الداخلي العام من جهة ، وعن الواقع الداخلي للطائفة العلوية التي يجهل الكثير عنها ، وعن تفاصيلها ومكوناتها وتناقضاتها وصراعاتها الكامنة بسبب القمع المفرط للنظام الاستبدادي الأسدي ، الذي قضى على أية بوادر معارضة علوية في المهد ، وبأساليب متناقضة ومتنوعة ومختلفة ، ومنها سياسة العصا والجزرة . وتمكن الأسد من إفساد القسم الأكبر من أبناء الطائفة العلوية ، ورشوتها ، وزجها بالإجرام من كل صنف ونوع ، ضد المجتمع السوري عموما ، وحتى ضد أبناء الطائفة العلوية نفسها ، والتي همش قسم كبير منها اقتصاديا وطبقيا وسياسيا
أن الطائفة العلوية ليست لونا واحدا ، ولاكتلة متجانسة ، ولا يصح النظر إليها من زاوية محددة ، بل المشهد العلوي أعقد من ذلك بكثير وأوسع . ولايمكن التعامل معها بتلك الطريقة التي طرحت . ولابد من إعادة القياس بشكل منطقي ، والتأسيس عليه ، بما يكفل تطبيق العدالة والقانون ، والمنطق السليم ، والثورة قامت لتبني دولة الكرامة والحرية والقانون ، دولة مدنية عصرية تحترم التعددية وحقوق الإنسان والحريات المدنية والعقائدية والسياسية . دولة كهذه هي التي ستحكم ، وتحاكم وتحكم القضاء في كل ماتفعل وتمارس تجاه الأفراد والجماعات من كل نوع ومكون .
ولنعلم أن الطائفة العلوية منقسمة بأكثر من معيار : ديني ومذهبي وعشائري وسياسي ، هم يتكونون مذهبيا من الكلازية والمرشدية والحيدرية . وعشائريا من الكثير من العشائر المتنابذة نسبيا : كعشائر الكلبية والحدادية والمتاورة والخياطيون والعمامرة والمهالبة والدراوسة والمحارزة والنواصرة .والنميلاتية ..الخ ، وهم أيضا – مثلهم في ذلك مثل سائر المكونات السورية مختلفون أشد الاختلاف حزبيا وسياسيا منذ عقود طويلة . ومتناحرون سياسيا وحزبيا : حيث نجد تيارات وأحزاب وقوى وحركات من أقصى اليسار (شيوعيون وقوميون ) إلى أقصى اليمين والمحافظين . وعلينا أن ننظر إلى الطائفة العلوية كمكون من مكونات المجتمع السوري ، ينطبق عليه ماينطبق على سائر المكونات من أكثرية أو أقلية ، من معايير وتصنيفات وتنوعات واختلافات وصراعات مركبة ومعقدة .
أحيل القارئ إلى مقال من مقالاتي المناهضة للنظام الأسدي ، وهي حديثة جدا ، وهي بعنوان : الدولة العلوية الثانية بين الممكن والمستحيل ، وماهية الطائفة العلوية . ونشر في موقع الحوار المتمدن ومواقع أخرى . لتعرف أكثر عن تلك الطائفة ومكوناتها وتفاصيلها وتناقضاتها ووضعها الديمغرافي في الساحل السوري وخارجه .
4
والآن لنقف على كيفية التعاطي والتعامل مع الطائفة العلوية ، بعد انتصار الثورة وسقوط النظام الأسدي : العدو المشترك لكل سوري حر ، بغض النظر عن انتماءاته التقليدية .
كيف ستتعامل السلطة الديمقراطية في سوريا الجديدة مع أبناء الطائفة العلوية ؟ ماهو الموقف المنطقي والعادل منها ؟ وهل يشذون عن سواهم من المكونات الاجتماعية السورية كالمسيحيين على سبيل المثال لا الحصر ؟
صحيح أن العلويين هم أقل مكونات المجتمع السوري تعرضا للأذى خلال الثورة ، ولم يصبهم ماأصاب المكون السني وغير السني من كوارث ومجازر وفظائع .. لأنهم في أغلبيتهم ولأسباب مختلفة انجروا وراء جرائم النظام وخداعه وغشه واستغلاله لهم ، وصدقوا إشاعاته وتبريراته وكذبه ، وانساقوا وراء الشيطان الأسدي كالقطيع . ولكن مع كل ذلك لابد من تبيان الطريقة الصحيحة للتعامل مع هؤلاء ، وبالشكل الذي يتناسب مع مبادئ الثورة والدولة المدنية التعددية الديمقراطية : دولة القانون والعدالة والمنطق والكرامة وحقوق الإنسان وحرياته . دولة تحكيم وتفعيل دور القضاء المستقل النزيه العاقل ، ولو افترضنا أن الحكومة الجديدة تسيطر على الواقع ، وتتحكم في مساراته ، وأنها قادرة على ضبط الأمن والاستقرار ، وأنها ستعمل كما يرد في مبادئها وتعهداتها على حماية الأقليات والحقوق من التعديات والانتهاكات التي قد تحصل ، لو أن حكومة منتخبة ديمقراطية ستسود وتسيطر وتقوم بكل الإجراءات الضرورية لحماية الأفراد والأقليات . فإن هذا يتطلب مراعاة الكثير من المعايير والقواعد الديمقراطية التي يكفلها القانون والدستور .
وفقا للقانون الديمقراطي لايمكن محاسبة .. أو مساءلة .. الناس على حرية العقيدة ، وحريات الانتماء والتعبير بأشكاله : (بالكتابة والقول والتظاهر) والاجتماع والتحزب ، وأشكل العمل السياسي السلمية التي يحميها ويكفلها القانون الديمقراطي . وأيضا لايمكن مساءلة الناس على جهلهم وأميتهم وسفاهاتهم وتعصباتهم العمياء للأفكار والإشاعات ووقوعهم فريسة للخداع والتضليل السياسي بالوسائل كافة من قبل أي جهة . فأغلبية الناس من العامة الذين يراهن الديكتاتور على كسبهم لصفه ، واستغلالهم وزجهم في معركته ضد معارضيه . وهو ماحصل ويحصل في كل الطوائف السورية ولاسيما العلويين والمسيحيين وغيرهما من الأقليات التي ظلت عرضة للتضليل الإعلامي من قبل العصابة الأسدية الحاكمة والمجرمة .
فمن من هؤلاء متهم ومدان ؟ من من هؤلاء يصح ملاحقته ومساءلته ومعاقبته ؟
من أيد ووالى النظام الأسدي بالكلام والأقوال ، وصدقوه ، ليسوا مجرمين بالقانون الديمقراطي ، ولهم الحق في ظل الدولة السورية المدنية الديمقراطية أن يستمروا في فعل ذلك ، طالما كفل القانون لهم تلك الحقوق .
أما من يقع تحت طائلة المحاسبة والمحاكمة والملاحقة القضائية من العلويين ، فهم لايختلفون في شيء عن نظرائهم من السنة وغير السنة من باقي الطوائف ، ممن ارتكبوا ما يعاقب عليه القانون من أفعال شنيعة ، وانتهاكات فظيعة لحقوق الانسان العامة والخاصة . ولايهم ماهي نسبتهم بالنسبة لكل طائفة ، ولايعتد بالنسبة مهما كبرت أو صغرت هنا أو هنالك . والعبرة هي بالجرم المرتكب ضد الناس والمواطنين من السوريين . كل من قتل أو عذب أو اغتصب أو سرق ونهب وسلب ووشى .. كل من ارتكب جرما ضد الناس من السوريين تجب محاسبته ومقاضاته ومعاقبته بالحق الشخصي والحق العام . ولايعتد بانتماءاته التقليدية . إذ لايمكن أن تكون عقوبة القاتل السني أقل من القاتل العلوي والمسيحي والدرزي والكردي ، فكلهم مجرمون ، والانتماء لايمكن أن يكون عامل تخفيف أو تشديد للعقوبة المتخذة ضد المجرم . فالضابط السني الذي انحاز للأسد وإجرامه ( وهم كثر) ليس أقل إجراما من الضابط العلوي ، أو المسيحي وكلهم سيان في نظر القانون ، وفي نظر الثورة والثوار. وعلى سبيل المثال : ليس هشام بختيار وفهد الجاسم وعلي مملوك وهم من السنة ، ليسوا أقل إجراما من آصف شوكت وماهر الأسد وحافظ مخلوف العلويين ، ولامن داوود راجحة المسيحي ، وكلهم سواء في نظر القانون والثورة ، كلهم مجرمون ومشاركون في الجريمة التي يرتكبها النظام ضد سوريا والسوريين . والعلوييون بالتالي ليسوا استثناء من القاعدة ، بالرغم من أن النسبة الإجرامية هي أكبر لدى العلويين . حيث لايعتد بالنسبة ، بل يعتد بالفعل الجرمي وجوهره . وتأكيدا أذكر بأن الديكتاتور المجرم عبر التاريخ ، وفي أي بلد يرتكب الجرائم نفسها ، وضد أبناء جلدته وطائفته ، ولايعتد بصفته الدينية والطائفية ، لأن الديكتاتور لايهتم لابالطائفة ( إلا بقد ماتمثل له مصلحة ) ولا بالدين ولا بالقومية والوطنية والإنسانية ، ولا حتى بأقرب الأقرباء والأنسباء والأصدقاء . الديكتاتور لايؤتمن على شيء ، وليس محل ثقة وأمانة . إنه لابوصلة أخلاقية له ولاضمير ولا منطق . وهو مستعد للتضحية بكل شيء من أجل الكرسي والسلطة الغاشمة . والتاريخ يشهد بالكثير من الأمثلة على قتل المستبدين لأقربائهم من أجل السلطة مهما بلغت درجة قرابتهم منه : أب ، أخ ، زوجة . الخ . وهذا يحيلنا إلى أن المشكلة بالتحديد هي مشكلتنا جميعا مع الديكتاتور بشار الأسد ، إنها مشكلة كل السوريين الأحرار ضد الديكتاتور والديكتاتورية الأسدية المجرمة . ولاأهمية لفكرة أن الكثيرين من الغوغاء والرعاع والسفهاء مغرر بهم وبشدة من قبل العصابة الأسدية الحاقدة والمجرمة ولاسيما في أوساط الأقليات وفي مقدمتهم العلويين . هؤلاء كالغبار ، يتحركون وفقا للريح وجهتها وتغيراتها ، وليسوا فاعلين بالمطلق ، وليسوا مجرمين بالمطلق وبالكامل وبالفعل . ويجب التعامل مع هذا التشريح للوضع والواقع الطائفي والسوري ، بكل حكمة وعقلانية وموضوعية ، بعيدا عن العاطفة ، والمشاعر الثأرية العمياء ، التي قد تسقطنا في التعميم الخاطئ والذي يعقد المشكلة والصراع بدلا من حله وإيقافه والتحكم به ، وضبطه ضمن حدود السلمية والقانونية الديمقراطية . بمعنى التأطير الديمقراطي للصراع المعقد الجاري ، والذي لن ينتهي آليا بسقوط النظام ، بل سيستمر إلى حين ، إلى فترة قد تطول وتقصر وفقا لأدوات التعامل معه في المستقبل السوري الجديد .
وعلينا جميعا أن ندرك أننا جميعا متضررون من الاستبداد ، وأن حريتنا هي في التوحد ضد الاستبداد ، الذي لامبدأ له سوى الأنانية والوحشية ومحاربة الحياة ومقوماتها الطبيعية في سبيل المصالح الخاصة الجشعة للديكتاتور وعصاباته الإجرامية .
الخلاصة : إن الدولة السورية الجديدة ، دولة القانون وحقوق الإنسان سوف تتعامل مع العلويين كسائر المكونات السورية الطائفية والإثنية والدينية والسياسية . وبكل موضوعية . ولن يحاسب ويساءل سوى من خرق القوانين والحقوق العامة والخاصة والإنسانية . وعلى هذا المعيار يجب التركيز وبذل الجهود من أجل التحكم بالواقع والصراع ، كي لايتخذ المنحى الذي أراده الديكتاتور ، وهو القضاء على الجميع من المعارضين والمؤيدين . ودفعهم إلى الاقتتال وتدمير بعضهم البعض ، وهي الغاية المرتجاة والمعلنة للنظام الأسدي الحاقد .
لانبرئ من أجرم .. لامن العلويين ولامن السنة والمسيحيين وغيرهم ، ولايصح أن نقع فريسة الفوضى وتصفية حسابات ليست في محلها ، ولاطائل منها ، ولايقرها منطق وقانون . ولابد من التمييز والفرز ، لتحديد من تجب معاقبتهم ، ومن لاتجب . ومن جميع الانتماءات والمكونات .
المجرمون هم من كل الانتماءات ، والمعارضون هم من كل الانتماءات . وهنالك كم لايستهان به من السنة الداعمين للأسد ، والكل يعرفونهم في الحكومة والجيش وسائر مستويات السلطة .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. ??مجلس النواب الفرنسي يعلق عضوية نائب يساري لرفعه العلم الفل


.. الشرطة الإسرائيلية تفرق المتظاهرين بالقوة في تل أبيب




.. مواجهات بين الشرطة والمتظاهرين في تل أبيب وسط مطالبات بإسقاط


.. نقاش | كيف تنظر الفصائل الفلسطينية للمقترح الذي عرضه بايدن؟




.. نبيل بنعبد الله: انتخابات 2026 ستكون كارثية إذا لم يتم إصلاح