الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


سلسلة حافية القدمين والبحر .. جزء 5 .

ميساء البشيتي

2012 / 12 / 6
الادب والفن


5
أنتَ أين كنت ؟
أنا لا أسألك بقصد الحساب أو المعاتبة ..لا .. لكنني أريد أن تحدثني عنك وعن رحلة غيابك الأخيرة .. هذه المرة شعرت بقسوة غيابك أكثر من كل مرة سبقتها .. ربما لأنك غبت في الوقت الخطأ .. أعلم أن غيابك كان غير مقصود .. وأنك لا تنوي أبداً هجري .. وأن هنالك من الظروف القاهرة ما يمنعك من الحضور الدائم في حياتي .. ومع ذلك فقد كان غيابك هذه المرة غياب في الوقت الخطأ .
أحياناً تبلغ حساسيتنا لبعض الأمور ذروتها فنفتقد أبسط الأشياء ونبكي لغياب أقلها حضوراً في حياتنا .. ربما لأن بساط الأمان سُحِب عنوة من تحت أقدامنا ..
أنا فقدت الأمان يا بحر في الآونة الأخيرة فأصبحت أتوجس خيفة من كل ريح عابرة حتى لو مرت عني مرور النسيم ..
كنت أخشى كثيراً أن أفقد قوة الجاذبية التي تربطني بهذه الأرض ..
لا أريد أن أصبح عائمة في الهواء ..
أتضحك يا بحر !
أضحكك لفظي " عائمة في الهواء " .. أنتَ تريدني فقط أن أعوم في محيط قلبك .. لكن صدقني أحياناً نعوم ورغماً عنا في الهواء .. ولأننا لسنا كالطيور نملك أجنحة التحليق والهروب إلى الفضاء .. نحن بلا أجنحة يا بحر.. ومن كان بلا أجنحة لا يطير وإن طار لا يحلق .. مهما خف وزنه .. ومهما كان ماهراً في اختراق الآفاق .. لذلك حين تلفظنا الجاذبية الأرضية نبقى معلقين ومتأرجحين في الهواء .. عندها لا بد من العوم .. لا بدَّ أن نتعلم فن العوم .. وفي الهواء .. في بحر من الهواء ..
أرأيت كيف أخذت الأمور تصعب عليَّ في غيابك .. حتى الأزهار يا بحر أخذت تنكمش على ذاتها .. هي أيضاً تسلل إليها الخوف .. كل شيء حولي تسربل بالخوف .. هذا الصباح الذي تراه وديعاً .. جميلاً .. هادئاً .. مستكيناً .. كانت أيضاً تبدو عليه علامات الذعر والخوف حين يفاجئه النهار بقدوم آخر غير متوقع ..
الحياة خارج هذا البحر صعبة الآن يا بحر .. اللغة التي ولدت معنا أو ربما قبلنا بقليل لم أعد أذكر بالضبط تاريخ مولدها .. هجرتنا جميعاً .. فما عدنا نقدر على النطق بها .. وإن قُدِّر إلينا ذلك ونطقنا بعض الحروف تكون حروفاً من رصاص .. تنزف دماً .. وليس حبراً على ورق ..
والموت أصبح زائرنا الدائم الذي لا يبارح ..
وأنا وسط كل هذه الفوضى وهذا الخراب كنت أشتاق إليك يا بحر .. وأفتقدك جداً .. ولا أخفي عليك أحياناً كانت تعلو وتيرة الحقد في داخلي عليك .. مع أنك كنت تغيب رغماً عنك !
لكنه الشوق يا بحر حين يتأجج وتعتريه فوضى الاشتياق تضيق الدنيا في وجهه ثم تصغر وتتلاشى حتى تصبح غير مرئية له .. ولا يبقى في ذاكرته مشتعلاً إلا طريق البحر .. الشوق لا يعرف له طريقاً إلا طريق البحر .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. شخصية أسماء جلال بين الحقيقة والتمثيل


.. أون سيت - اعرف فيلم الأسبوع من إنجي يحيى على منصة واتش آت




.. أسماء جلال تبهرنا بـ أهم قانون لـ المخرج شريف عرفة داخل اللو


.. شاهدوا الإطلالة الأولى للمطرب پيو على المسرح ??




.. أون سيت - فيلم -إكس مراتي- تم الانتهاء من تصوير آخر مشاهده