الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


لماذ يغيب دور حركة التحرر العربي ؟

جورج حزبون

2012 / 12 / 6
مواضيع وابحاث سياسية


منذ نهاية الحرب العالمية الاولى ، وبروز حركة التحرر العربي والقومي ، والسعي داءب وراء هدف وحدة الامة العربية ، باعتبار ذلك هو سبيل النهوض العربي نحو اقامة وطن حر وديمقراطي قادر على استكمال انتزاع الحقوق الوطنية العربية سواء كانت في فلسطين او لواء الاسكندرون ، او لواء عربستان ، او انهاء حالة الانتهاك للحقوق العربية التي قامت بها مجموعة الحلفاء الفرنسنين والبريطانين ،وقسمت الاوطان واستعمرت الشعوب ونهبت خيراتها ،وسجل هذا الانتهاك بداية لنهوض حركة التحرر العربي ، واتخذت تلك الخطوة النهضوية اشكال عديدة في الشعار او النضال ،سواء على صعيد الاحزاب او الانظمة ، اواطارات ثقافية او اجتماعية ،كل حسب موقعه الاجتماعي والطبقي ، مما اضعف تحقيق ذلك الهدف السامي ، وتكريس الانقسامات للبدان العربية ، ومع ظهور زعامات وطنية مناطفية ، اصبحت لا تجد افضل من صغية الجامعة العربية شكلاً لمفهومها الوحدوي ، مع الاعتبار ان الجامعة قامت بقرار بريطاني من انطوني ايدن وزير خارجية بريطانيا يومها ، بفعل مؤاثرات الحرب العالمية الثانية ونتائجها ، وضمان الاحتواء لتلك البلدان ، وعرقلة لتيارات الوحدة العربية ، فكان ان نشئ الخاص العربي بدل العام القومي ، وتبددت بذلك قدرات ، وتاهت امكانيات ، وضعفت كيانات ، فساد الاستبداد والقمع ، مستخدما شعارات ثورية ومتجها لفرض احكام عرفية ومنع الديمقراطية ، تحت ذريعة الاستعداد لتحرير فلسطين !!!
وتركزت الهجمات الاستعمارية والرجعية العربية على التيار القومي وخاصة نظام جمال عبد الناصر ، وبعض البلدان العربية ، فانهكت وهزم عام 1967 ، وشكل غيابه تبدد لقدرات الحركات القومية والديمقراطية العربية ، وتمادي للحركات الرجعية ، فظهرت القوى الاسلاموية مدعومة من الانظمة الرجعية التي كانت رأس حربة في محاربة جمال عبد الناصر والقومية العربية ، ويخطئ بعض الباحثين في القول ان هزيمة حزيران ، كانت سبب انطلاق الاسلام السياسي ،وان هزيمة القومية العربية كانت بسبب المؤمرات والدسائس التي فرضتها الانظمة العربية ، فقد بدأت بتايد مشروع ايزنهاور ، ثم حلف بغداد ، ثم الحلف الاسلامي ، ودعم الحركات السلفية والوهابية وتخريب داخلي وانهاك القوات المصرية في اليمن ، وحدوث الهزيمة اصبح تحصيل حاصل ،دون ان يعني ذلط-ك عدم مسؤولة تلك الانظمة عن الهزيمة ، عبر الافساد والقمع للقوى الثورية والتقدمية .
لقد وجدت تلك الانظمة في الحركة القومية الداعية الى الوحدة العربية اخطار محدقة على مستقبلها ، تماماً كما وجدت اميركا الوريث الشرعي لبريطانيا وفرنسا( الاستعمار القديم ) ، ان نجاح حركة التحرر العربي سيفقدها نفط المنطقة ويعرض مصالحها للخطر ، مما دفعها لتعزيز قدرات اسرائيل العسكرية ، وانشاء قواعد عسكرية اميركية في مختلف بلدان الخليج والانظمة التابعة ، حتى كانت الحلقة الاخيرة في ذلك الاستعدادت وهي حرب حزيران، لضرب وانهاء الشعار المركزي وهو تحرير فلسطين ثم انهاك حركة التحرر واضعاف قطبها جمال عبد الناصر.
وبالتأكيد كانت للهزيمة تأثيراتها ، فشعار تحرير فلسطين تحور حتى وصل الى دولتين لشعبين وعلى حدود الرابع من حزيران 1967 ، وغاب عبد الناصر وتم تنصيب السادات رجل السعودية المعروف منذ ايام المؤتمر الاسلامي في الستينات من القرن الماضي ، وكانت كامب ديفيد ، والاردن فك الارتباط مع الضفة وفي احسن الاحوال طرح مفهوم كونفدرالية ووقع اتفاقية وادي عربة ،وتفكك البعثيون والقوميون ،وغاب الشيوعيون سواء بالتناقض او الانشقاقات او اخيرا بالتراجع الغير منظم والحضور الغير مؤثر ! والحركات الاخرى وجدت نفسها في اطارت منظمة التحرير الفلسطينة مقاتلة ومهاجرة تحتاج المال والمكان ، وهما يتطلبان اثماناً قد تكون سياسية ، فتراجعت الشعارات حتى وصلت اوسلو واقامة السلطة الوطنية الفلسطينية ، وهكذا تمت اعادة صياغة الواقع العربي من حالة كفاحية هادرة الى حالة حوارية سياسية ، ولكن الامور لا تسير بشكل ميكانيكي ، وضماناً لعدم العودة لما سلف وحرصاً على المصالح ، تم تعزيز دور الاسلام السياسي ، الذي استخدم الارهاب بشقيه الجسدي والفكري ، وبدأت الحركات القومية واليسارية / بغض النظر عن المسميات اللفظية / في حالة انكفاء ودفاع عن النفس ، والجماهير ساعية نحو ضمان مستقبل آمن وعيش سعيد ، حتى جاءت موجات المد الثوري العربي العفوي وهنا لا بد من تأكيد هذه النقطة ، لان لها ما بعدها ،حيث اظهر واقعها ما تم لاحقا من يسر احتوائها من الاسلام السياسي الجاهز والمنتظم ، وتلك العفوية تتحملها الحركات التحررية ، كونها ظلت حبيسة خوفها وترددها وضعف رهانها على الجماهير ، التي انطلقت دون انتظار ، فكانت المفاجأة ، وعاد الاسلاموين لموقعهم ، بعد ان بدأ يهتز مع بداية الحراك السياسي .
وبفعل طبيعة تلك الحركات المتغلفة بالدين ، فانها تظل متعددة في الرؤى والفكر ، وحدتها خصومة اليسار والتقدم ، لكنها لا تقبل بالوحدة سواء وطنياً او فيما بينها ، بحكم طبيعة عقيدتها و محتواها ، فكانت قد اصبحت امارة قطر داعمة للاخوانجية ، والسعودية للوهابية سواهما يبحث عن دور ليكون له حضور ، فقد وفر اكتناز الثروة آفق للبحث عن دور سياسي ، وبعد ان غابت مراكز القرار العربي من القاهرة وبغداد ودمشق ، وهنا فان المنقطة مرشحة لجولات اخرى ، تظل فيها اسرائيل ذات دور متميز لكنه غير قادر على فهم طبيعة المتغير ، ومتحفز بطبيعة ذلك الكيان لاقتناص الفرصة لتحقيق طموحاته الاقليمية ، لكن اميركا والاوروبين ، يدركون واقع المتغير الراهن ، كما يدركون المهمة الراهنة لاسرائيل ، وهنا يبدو بعض الاشكال بينهم حتى حين اعتراف الجمعية العامة بفلسطين ، والتعارض هو مرتكز الى ضرورة عدم احراج التيارات الدينية وتركها تحقيق غايتها ، وهي في النهاية لا تتعارض مع المصالح الاميركية ، حتى وان تمكنت من اقامة الخلافة ، فقد سقطت الاندلس والخليفة في الاستانة غير مكترث ؟! مع العلم بانها سبيل لا آفق موضوعي له ، خاصة وانها جميعاً تحركات مرتبطة موضوعياً بالسعودية واموال الخليج ، وتملك داخلها تناقض اكثر مما تملك من توافق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تركيا: السجن 42 عاما بحق الزعيم الكردي والمرشح السابق لانتخا


.. جنوب أفريقيا تقول لمحكمة العدل الدولية إن -الإبادة- الإسرائي




.. تكثيف العمليات البرية في رفح: هل هي بداية الهجوم الإسرائيلي


.. وول ستريت جورنال: عملية رفح تعرض حياة الجنود الإسرائيليين لل




.. كيف تدير فصائل المقاومة المعركة ضد قوات الاحتلال في جباليا؟