الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


واقع الإعلام المغربي

إدريس الغزواني

2012 / 12 / 6
الصحافة والاعلام


عندما يضيء الصباح بنوره, الذي شهد له النهار أنه كنه الحقيقة ,يتوارى الليل خجلا مما خبأه تحت سواد عباءته.فدعونا نجعل من كل نهار فرصة للتقصي عن الحقيقة و تعالوا معنا نزيل عتمة الليل عن كل ما من شأنه أن يعيق حركتنا و يقيد روح الشباب فينا.إن الثمن غال جدا, غال إن لم نخطئ من أخطأ و نصوب من أصاب دون محاباة أو مواربة .و إن لم نفعل فانه سيأتي من بعدنا جيل جديد لا ذنب له و لا حول ولا قوة له إلا أنه جاء بعد جيل لا يحرك ساكنا, و كثير التسويف يوما بعد يوم و الفاتورة تزداد, لكنها ستسدد يوما ما على حساب أحد الأجيال القادمة. إن واقع الإعلام المغربي اليوم مؤلم و مريب بسبب سياسته التدجينية و أسلوب الاحتواء و الدمج الذي يلعبه, بل أكثر من ذالك الرسائل الجنسية التي تتضمنها قنواته,خاصة أثناء هذه الموجة الدنيئة للأفلام التركية -والكل يعلم الثقافة التركية العلمانية التي لا تمت للتعاليم الإسلامية بصلة لا من بعيد و لا من قريب-و التي خربت بيوت الأمة العربية,حيث بدا الانحلال الأخلاقي و التحرش الجنسي و الحمل من خارج مؤسسة الزواج و الإجهاض...إذن فما الذي نريده من قنواتنا المغربية ؟وما هي البدائل التي نتوفر عليها لنقول للجيل الجديد إننا نحن أفضل من الغرب ؟ إن الهدف الأساس للأعلام في كل أقطار العالم هو قبل كل شيء تشخيص الواقع و فضحه و تبيان مكامن الخلل و محاولة خلع النقاب عن الواقع المكهرب, حتى يتسنى للسياسي اقتراح مخططات لمعالجته.هل الإعلام المغربي يقوم بهذا الدور ؟ أم إننا نحن نتوفر على إعلام محافظ, بعيد عن الحيادية, ويحتفظ بالسائد و يتركه كما هو تنفيذا لأوامر عليا مفتقدا لأدوات الخلخلة و السؤال.إنني أكاد أجزم إن حاولنا تربية الأجيال القادمة على نحو ما تربينا عليه فإننا سنفشل لأنه جيل جديد يؤمن بالحرية والكرامة وله أفاق و طموحات ومطالب أخرى ويؤمن كثيرا بالمادية النفعية لأنه في عصر العولمة و عصر البراغماتية. إن التلفزيون المغربي يحتاج إلى إعادة نظر و الإعلام المغربي برمته في حاجة إلى عصرنة و تجديد ليتواكب مع الحداثة و ليس التحديث,و يكون قادرا على المنافسة و إلا ستزيد كثيرة هي القنوات الفضائية في غزونا ,و فقد الثقة في إعلامنا من طرف العامة .إن "رولان بارت" قال بأننا مخدوعون و يخدعوننا باستمرار و نعرف ذالك ,لكن علينا على الأقل أن نعرف كيف نخدع .إنهم يخدعوننا بالأنساق و القوالب التي تستوي فيها برامجهم و أخبارهم و إشهار اتهم التلفزيونية .إن أغلب الدراسات تتفق على أن البث التلفزيوني للأخبار و البرامج و الإشهار لا يقتصر على مجرد الوصف الموضوعي للأحداث, و إنما يحمل في طياته مواقف و اديولوجيات معينة, وفي غالب الأحيان تدعو إلى الرأسمالية .ولكي لا نبقى في متاهات التعميم ,يجب أن نخصص القول في جانب من جوانب البث التلفزيوني المغربي ,ألا و هو الإشهار الذي ما فتئ الإعلان عن الأشياء حتى أصبح يمرر ميساجات تطويعية يمكن أن تغيب الجانب الحيوي في المشاهد . للأسف لم يعد الإشهار يؤدي وظيفته التربوية و الجمالية و لكن أصبح يقدم نسقا و نمطا للحياة في فسيفساء من القواعد و القيم الثقافية التدجينية, متبنية من طرف منتوج معين ,و بطريقة أذكى. إذن كيف ينجح صانع الإشهار في فرض أفكاره على المتلقي و تعطيل الحس النقدي الذي يتوفر عليه كل إنسان ؟ إن الاشهاري يعتمد في تمرير فلسفته الاشهارية على اللاشعور عند المتلقي و يحاول مخاطبته بشكل من الاحترافية و الخدعة الفنية التي يتقنها هذا الاشهاري,و بطريقة فيها نوع من الشاعرية و الذوق الجمالي من أجل غرس مجموعة من الأفكار و المواقف في ذهن هذا المشاهد الذي يفتقد لذلك الحس النقدي و أدوات الرقابة الفكرية التي يتوفر عليها كل إنسان . حيث أن الإشهار كما قال السيميائي المغربي "سعيد بن كراد" لا يقدم لنا منتوجا على أساس أن هذا المنتوج يصلح فقط لشيء أو وظيفة معينة بمعنى أنه يقدم منتوجا جافا ,و إنما يقدم سياقا و قالبا قيميا معينا .و الخلاصة التي يمكنني أن أستشفها ها هنا هي أن الإشهار ما زال في نفس الدائرة الراكدة ,إذ يستعمل و يجتر نفس الأساليب و الخطابات التي لا علاقة لها بواقعنا الحداثي و لا تمت بصلة لتطلعاتنا ,و كأن هذا الإشهار و الإعلام المغربي عامة لا يخضع لصيرورة التاريخ و تغير المجتمع . إنه موضوع ثابت لا يحتمل أي تغيير في التصور و أسلوب المعالجة ,فالعوامل التي تحيط به و المثيرات التي تؤثر فيه تبقى هي هي حتى و إن تطور الواقع المغربي .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. تحذير من إدارة الطيران الأميركية بسبب -عيب كارثي- في 300 طائ


.. استشهاد 6 فلسطينيين بينهم طفلتان إثر قصف إسرائيلي على منطقة




.. كيف سيكون رد الفعل الإسرائيلي على إعلان القسام أسر جنود في ج


.. قوات الاحتلال تعتقل طفلين من باب الساهرة بالقدس المحتلة




.. شاهد: الأمواج العاتية تُحدث أضراراً بسفن للبحرية الأمريكية ت