الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الهدف: تفريق اعتصام الوسيلة: تحريض -مدنيين- على العنف

ناهد بدوي

2005 / 3 / 14
اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي


في سابقة خطيرة في سورية قام "مدنيون" بالتهجم على معتصمين بشكل سلمي أمام قصر العدل تبعها ضرب بالعصي والهراوات. وقد كان هناك إصرار على ممارسة العنف بحيث أنه عندما حاول المعتصمون الابتعاد عن المكان لتجنب الاشتباك، تبعهم المتهجمون وأنزلوا أحد المعتصمين من سيارة الأجرة التي حاول الخروج بها من المنطقة، ليعاودوا هجومهم وشتائمهم واعتداءاتهم. والحصيلة كانت كسر كتف أحد المعتصمين وجرح آخرين.
لا يهم الآن الحديث عن المطالب التي كان يطالب بها المعتصمون، ولا يهمنا ماهي وجهة نظر المهاجمين (هذا فيما إذا كانوا يمتلكون وجهة نظر، إلى جانب العصا!). المهم أنه كانت هناك ممارسة للعنف بطريقة بشعة اتجاه معتصمين مسالمين من قبل أفراد مدنيين. والمهم أيضا أن هؤلاء جاؤوا بمهمة من قياداتهم التي حرضتهم على القيام بأعمال عنف. والأهم من هذا كله أن الشرطة كانت تتفرج وسعيدة بما يحصل.
إن شوارع دمشق لم تشهد أعمال العنف منذ أواسط الثمانينات. وهذه من الايجابيات التي يتفق عليها المختلفون على كل شئ. وهي من الايجابيات التي تجعل المرء يطيق العيش في هذا البلد الحبيب الخانق.
الحقيقة، هذه هي المرة الثانية التي تحصل فيها أعمال عنف في دمشق. المرة الأولى حصلت في سياق ردود الأفعال على مشاكل القامشلي. حينما قام بعض الأكراد بتكسير ممتلكات عامة وخاصة. وقد حوسبوا من قبل أحزابهم الكردية على أفعالهم تلك. ولكن الأهم من ذلك أن السلطة اعتقلت المئات من الأكراد بتهمة القيام بأعمال تخريب وعنف. وحوكم البرئ والمذنب بأحكام جائرة. وكانت المطالب ترتفع دائما بمحاكمة عادلة للمخربين وإطلاق سراح البريئين من أعمال العنف.
والآن يجب عدم الكيل بمكيالين (هذه الجملة يحبها القائمون على أمننا) ويجب القيام بمحاكمة عادلة لجميع الذين قاموا بأعمال عنف في ذاك اليوم. والأهم من ذلك محاسبة المحرضين على العنف وكذلك محاسبة الشرطة التي لم تقم بواجبها في الدفاع عن مواطنيها.
إن الذي حصل في ذاك اليوم هو تحريض واضح وصريح على ممارسة العنف، ورمي لبذور خطيرة تشجع عل الاقتتال الأهلي. إن هذا السلوك لايجوز السكوت عنه من قبل جميع المعنيين بالوطن والقانون في القضاء ونقابة المحامين وكذلك الأحزاب السياسية الموالية والمعارضة ومنظمات المجتمع المدني. إذ أنه بدون الإيمان العميق بضرورة السلم الأهلي من كافة الأطراف لا يمكن بناء شئ من الديمقراطية والاقتصاد والإدارة.
يبدو أننا يجب أن نتعلم مرة أخرى من لبنان وذلك، أولا: لأنهم عاقبوا الأفراد الذين قاموا بالاعتداء على العمال السوريين في لبنان. وثانيا: لأن القوى المختلفة مع المعتصمين في ساحة الشهداء دعت إلى تجمع في ساحة أخرى هي ساحة رياض الصلح، مع حرص القيادات جميعها على التأكيد على الشكل السلمي للتعبير والدعوة إلى نبذ العنف. وهكذا حصل. كان هناك تجمعان كبيران وقريبان في المكان ومختلفان تماما، ولم تحدث أي أحداث عنف. وقد كان تأثير هذا التجمع السلمي على المعادلة السياسية في لبنان أقوى من أي عصا وأمضى من أي سلاح.
لقد اكتوى اللبنانيون من الحرب الأهلية ولذلك حفظوا الدرس جيدا. ونحن لا نريد أن نكتوي بالحرب الأهلية حتى نستطيع أن نتعلم التعبير السلمي عن مطالبنا وآراءنا كما نريد حماية أولادنا وطلابنا من دروس العنف من أي جهة كانت. إذ أن خبرة العالم كله وأمريكا تحديدا تشير إلى أن العنف الذي تصنعه جهة ما وتتحكم به اليوم، سوف ينقلب ضدها غدا.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. فرنسا تلوح بإرسال قوات إلى أوكرانيا دفاعا عن أمن أوروبا


.. مجلس الحرب الإسرائيلي يعقد اجتماعا بشأن عملية رفح وصفقة التب




.. بايدن منتقدا الاحتجاجات الجامعية: -تدمير الممتلكات ليس احتجا


.. عائلات المحتجزين الإسرائيليين في غزة تغلق شارعا رئيسيا قرب و




.. أبرز ما تناولة الإعلام الإسرائيلي بشأن تداعيات الحرب على قطا