الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الحكم بالاعدام.. عقوبة لا تعرف الموت

دلال جويد
(DALAL JWAYYED)

2012 / 12 / 7
الغاء عقوبة الاعدام


الجدل العالمي مستمر
الحكم بالاعدام.. عقوبة لا تعرف الموت

* الحضارات الفرعونية والبابلية والرومانية قننت الاعدام وحددت أنواعاً كثيرة من الجرائم عقوبتها الموت
* الصين: في عام واحد بلغت احكام الاعدام 3 اضعاف مثليتها في العالم كله!
* امريكا: اعلى معدل لنسبة احكام الاعدام الخطأ
* بريطانيا: تاريخ طويل للاعدام المصحوب بالتعذيب

دلال جويد

الموت هو أقسى عقوبة عرفتها البشرية، فحين يصدر حكم الاعدام وينفذ يكون كل شيء قد انتهى، واذا حدث خطأ في الحكم فلن ينفع الندم، ولن يكون بمقدور اي انسان اعادة المحكوم الى الحياة.
ومع ذلك فإن عقوبة الموت تنفذ بشكل واسع وغير مدروس في بعض بلدان العالم حتى اصبح الامر مرعبا ويثير قلق منظمات العفو الدولية ومنظمات حقوق الانسان، وكان الروائي الفرنسي فيكتور هوجو من اوائل من دعوا الى الغاء تلك العقوبة وتبعته اصوات كثيرة ساهمت في الحد منها حتى قام اكثر من نصف بلدان العالم بالغاء الاعدام من قوانينها او الغت تنفيذ العقوبةوان وجدت في القانون.

وعقوبة الاعدام ليست مستحدثة فقد عرفها البشر منذ عصور قديمة، واقدم النصوص القانونية التي وصلت من الحضارات القديمة تؤكد وجود الاعدام ضمن قوانينها، ففي القرن الثامن عشر قبل الميلاد "1790 ق.م" صنف حمورابي ملك بابل القديمة في مسلته المشهورة عقوبة الاعدام لخمس وعشرين جريمة مختلفة.
وأقدم تنفيذ لعقوبة الموت وصلت الينا اخباره كان في القرن السادس عشر قبل الميلاد في مصر القديمة، حيث كان المخطئ احد ابناء طبقة النبلاء وأتهم بالسحر فحكم عليه بالموت، ويبدو ان الحكم نفذ بقطع الرأس بالفأس.
وفي القرن الخامس قبل الميلاد صنف القانون الروماني اثنتي عشرة جريمة عقوبتها الموت، ولكن العقوبات كانت تختلف بين طبقة النبلاء والاحرار والعبيد فأشد العقوبات هي التي تنزل بالعبيد بينما يمكن تجاوز مثيلاتها عند النبلاء.
وفي القرن السابع قبل الميلاد عرفت أثينا بتشددها وكانت عقوبة الموت تنفذ في جميع الجرائم وبشتى الطرق مثل الصلب او الضرب حتى الموت او الحرق.
اما الاعدام الاكثر سوءً فقد كان اعدام الفيلسوف اليوناني سقراط الذي حكم عليه بشرب السم.
واستخدم اليهود طرقا كثيرة للاعدام منها الشنق وقطع الرأس والصلب والرجم ورمي المحكوم بالاعدام من صخرة او تقطيع أوصاله.

بريطانيا: تاريخ من عقوبات الموت

ولبريطانيا تاريخ طويل من عقوبات الموت، ففي القرن العاشر الميلادي كان الشنق هو الطريقة السائدة في تنفيذ العقوبات وكان حكم الاعدام مصحوبا بالتعذيب.
وكانت العقوبات تنفذ لأقل الاسباب ففي عام 1279 نفذ حكم الاعدام بحارسين هرب منهما سجين. واختلفت طرق الاعدام فكان الحرق عقوبة الخيانة العظمى بينما كان قطع الرأس العقوبة المميزة للطبقة الراقية.
وعرفت عقوبات تصل حد الموت لمن لا يعترفون بجرائمهم، فتوضع الاوزان الثقيلة على صدر المحكوم، ويعطى في اليوم الاول كمية صغيرة من الخبز ثم يعطى في اليوم الثاني قليلا من الماء القذر، وهكذا الى ان يعترف.
وفي عهد هنري الثامن ابتدعت طريقة جديدة للاعدام هي رمي المحكومين بالماء المغلي حتى الموت.
وكانت احكام الموت مجانية يمكن ان تشمل حتى الجنايات الصغيرة وبدأت الاصلاحات عام 1823 فشرعت خمسة قوانين تم فيها اعفاء مرتكبي حوالي مائة جريمة من عقوبة الموت.
وفي عام 1840 كانت هناك محاولات فاشلة لالغاء حكم الاعدام، وخلال القرن التاسع عشر والقرن العشرين بدأت دول اوروبا بالتخلي عن عقوبة الموت ولم تحتفظ بها الا بعض دول.

امريكا بين التحضر..والموت المجاني

اما في امريكا فأول اعدام مسجل كان عام 1608 حين أعدم المسؤولون "جورج كيندل" من فرجينيا لاتهامه بالخيانة وفي عام 1612 طبق حاكم فرجينيا الاحكام العرفية التي جعلت الموت عقوبة الجرائم حتى الصغير منها مثل سرقة الثمار او التجارة مع الهنود.
وبعد سبع سنوات بدأت هذه القوانين بالتغير لأن الناس صاروا يهجرون الولاية.
وفي عام 1622 كان الاعدام القانوني الاول الذي نفذ في المجرم دانيال فرانك في فرجينيا، وطبقت عقوبة الاعدام في بقية الولايات ابتداء من عام 1630 وكانت تشمل جرائم القتل والزنا والكفر والاغتصاب والقتل غير المتعمد والسرقة.
وفي القرن الثامن عشر شاعت طريقة الاعدام من دون محاكمة في بعض ولايات امريكا على يد جماعات كانت تتحدى القوانين والأنظمة وتستخف بها، وضحايا هذا النوع من الاعدام يحرمون فرصة الدفاع عن انفسهم، فهم يعدون مذنبين سواء عقدت لهم محاكمة ام لا.
ويرتبط اسم هذا النوع من الاعدام بتاريخ امريكا فقد بدأ مع المستعمر الامريكي تشارلز لنشن، الذي عاش في فرجينيا في القرن الثامن عشر وتلاعب بالقوانين مع اتباعه فكان يحارب اصحاب الافكار التقدمية ويسلبهم ممتلكاتهم ويعذبهم بالجلد بالسياط او صب القطران عليهم، بحجة تنفيذ القانون، وقبل عام 1890 كان معظم ضحايا هذا النوع من الاعدام من البيض، ثم اصبح يمارس ضد السود، وقد بلغ ضحايا هذا النظام 4752 شخصا بين عامي 1882 و1968 بيهم 1307 من البيض و3445 من السود، وكان عام 1892 هو العام الذي شهد اعلى معدل للاعدامات اذ بلغ عدد من اعدموا بدون محاكمة هذا العام 230 ضحية.

تراجع وانخفاض

وعلى الرغم من توجه بعض الولايات الامريكية الى الغاء عقوبة الموت في منتصف القرن التاسع عشر، فإن النصف الاول من القرن العشرين شكل تقدما في صالح الغاء عقوبة الموت ففي المرحلة من عام 1907 الى عام 1917 منعت ست ولايات عقوبة الموت بالكامل وحددت ولايات اخرى الجرائم التي تستحق هذه العقوبة ولكن الحرب العالمية الاولى والاضطرابات الواقعة في امريكا آنذاك جعلت خمسا من الولايات الست تعيد عقوبة الموت مرة اخرى في قوانينها.
وفي عام 1924 استخدم غاز السيانيد في الاعدام، وفي الثلاثينات وصلت احكام الاعدام الى اعلى نسبة لها في تاريخ امريكا حيث اعدم 167 شخصا في السنة تقريبا.
وبدأت عقوبات الاعدام بالانخفاض خلال العقود اللاحقة، لكنها كانت في امريكا تتجاوز حدود القانون الانساني فالاعدام يمكن ان يشمل القاصرين والمتخلفين عقليا، وقد اصدرت محكمة اوكلاهوما عام 1987 حكما باعدام قاصر يبلغ من العمر 16 سنة، وفي عام 1989 صدرت عقوبات اعدام بحق متهمين شخصهم الاطباء بأنهم متخلفون عقليا.
والنظام الامريكي اقدم على اعدام مواطنين اجانب حيث حكمت محكمة العدل الدولية لصالح المانيا ضد امريكا بسبب انتهاكها القوانين والمعاهدات الدولية بحرمان المحكومين الالمان من حقهم بتبليغ القنصل الالماني ولم تعلم السلطة الالمانية باعدامهم الا بعد عشر سنوات من تنفيذ الحكم.
واكدت الجمعية البرلمانية لمجلس اوروبا التابعة لمنظمة حقوق الانسان على ضرورة حرمان اليابان وامريكا من العضوية في محاولة لتغيير مسارهما في احكام الاعدام بحلول عام 2003.
وتؤكد الدراسات ان كثيرا من احكام الاعدام في امريكا كانت نتيجة لأخطاء قضائية فادحة منها حالة "جوكينا خوزيه مارتينينز" وهو مواطن اسباني اثبتت براءته بعد ثلاث سنوات من تنفيذ حكم الاعدام حيث اعدم في فلوريدا.
ويشير تقرير مكتب الاحصاءات القضائية في دراسة مقارنة للجريمة والعدالة بين امريكا وبريطانيا من عام 1981 الى عام 1960 الى ان نسبة القتل الامريكية اعلى ست مرات عن نسبة جرائم القتل في انجلترا، اضافة الى ان استعمال الاسلحة النارية في الجرائم العنيفة له سيادة اكثر في امريكا فقد استعملت الاسلحة النارية في 68% من جرائم القتل في امريكا بينما استخدمت بنسبة 7% من جرائم القتل الانجليزية، وفي 41% من جرائم السرقة الامريكية لكن نسبتها كانت 5% من جرائم السرقة الانجليزية وقد ألغت بريطانيا عقوبة الموت عام 1973.

الصين والاعدام.. تجربة خاصة

تطبق عقوبة الموت بشكل عشوائي في الصين، فقد استخدمت السلطات الاعدام على نطاق واسع وبشكل اعتباطي وتشير سجلات منظمة العفو الدولية عام 1994 الى ان احكام الاعدام بلغت في تلك السنة اكثر من 2780 حكما وهي تساوي ثلاث مرات عدد احكام الاعدام في العالم، وما يزيد تلك الارقام رعبا ان السلطات الصينية لا تنشر الاحصائيات عن عقوبات الاعدام.
وآلاف الناس يعدمون كل عام في الصين لاسباب مختلفة حتى وان كانت من دون ادلة كافية، ففي النصف الاول من ،1995 نفذ الاعدام بعدد واسع من الجرائم العنيفة وغير العنيفة، فقد شمل الحكم جرائم القتل ومحاولات الاغتيال، والقتل غير المتعمد والسرقة بقوة السلاح والاغتصاب والجرح، والهجوم، والاختطاف وتهريب النساء والدعارة وعرقلة النظام وتهريب المخدرات والاختلاس، والرشوة والاحتيال والتهرب من الضرائب وبيع الاسلحة وتعدد الزوجات والقمار وكثيرا من التهم التي قد لا تصل الى مستوى الجريمة بمفهومها العميق.
واحكام الاعدام غير ثابتة في الصين فالجريمة التي يعاقب عليها بالاعدام في مدينة يمكن ان تكون عقوبتها السجن في مدينة اخرى.

مصير مجهول

وما يثير قلق منظمة العفو الدولية ان احكام الاعدام يمكن ان تنفذ على القاصرين بين 16 و18 سنة، او تصدر احكام الاعدام بحق القاصرين ويؤجل تنفيذ الحكم لحين بلوغهم سن الرشد، وتدعي السلطات الصينية ان تلك الاحكام تخفف في الغالب، لكن مصير المحكومين يبقى مجهولا لسرية المعلومات المتعلقة بتلك الاحكام.
ويدعي المدافعون عن تنفيذ عقوبة الموت في الصين انها تحد من توسع الجريمة وتزايدها ولكن الحقيقة انه ليس هناك دليل على نجاح عقوبة الموت في الحد من الجرائم في الصين بل ان هناك أدلة على ان كل اشكال الجريمة زادت بثبات في الصين اثناء العقود الماضية وآخر مسح اجرته الامم المتحدة للعلاقة بين عقوبة الموت والحد من نسب الجريمة عام 1988 كانت نتيجته ان هذا البحث اخفق في ايجاد البرهان العلمي على ان احكام الاعدام تستطيع ان تردع الجرائم اكثر من السجن المؤبد.
والاخطاء القضائية يمكن ان تحدث في أي نظام قضائي، وتكون فرص الخطأ اكثر حين لا تتوافر حماية لحقوق المتهمين، ففي الصين يستخدم التعذيب لانتزاع الاعتراف من المتهم مما يؤدي الى احتمال وجود اتهامات خطأ تكون عقوبتها الموت. وهناك أمثلة اوردتها الصحف عن اشخاص اعدموا خطأ في الصين مثل "كسيو" الذي اعدم بسبب اتهامه بقتل مزارع لكن براءته ظهرت بعد سبع سنين من اعدامه.
وتتعامل المحاكم مع المتهمين بشكل قاس حيث تقام هذه المحاكم وسط حشد كبير من الناس ويجبر السجناء على مواجهة الحشود ورؤوسهم محنية وأيديهم مربوطة وراء ظهورهم، وتربط حول اعناقهم لافتات كتبت عليها اسماؤهم وجرائمهم، وقد يربطون الى شاحنات مفتوحة ويعرضون في الشوارع قبل تنفيذ حكم الاعدام بهم، ولبس الحديد والاصفاد تقليد معروف للمحكومين بالموت.

تفاصيل مرعبة

ومن التفاصيل المرعبة في تنفيذ أحكام الاعدام في الصين ان اعضاء المحكومين تؤخذ لتكون بضاعة في سوق زراعة الاعضاء البشرية حيث تؤخذ الكليتان والقلب والقرنية وغيرها من الاعضاء لزرعها في اجساد اخرى تدفع اثمانها للسلطة. والسجناء الذين يقع عليهم الاختيار لأخذ اعضائهم تجرى لهم فحوصات طبية شاملة من دون ان يخبروا السبب وبعد تنفيذ حكم الاعدام ترفع الاعضاء من الجسم في عربة أوقفت في ارض الاعدام والجسم يحرق ويعطى الرماد لعائلته. اما العائلات التي تطالب بجثث ابنائها سليمة فعليها ان تدفع فاتورة لحماية السجين اثناء الحجز.
وهذا غيض من فيض الممارسات التي يتعرض لها السجناء في الصين وغيرها من بلدان العالم التي تعتم على موضوع القضاء والعدالة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. الدبابات الإسرائيلية تسيطرعلى معبر رفح الفلسطيني .. -وين ترو


.. متضامنون مع فلسطين يتظاهرون دعما لغزة في الدنمارك




.. واشنطن طالبت السلطة الفلسطينية بالعدول عن الانضمام للأمم الم


.. أزمة مياه الشرب تفاقم معاناة النازحين في ولاية القضارف شرقي




.. عائلات الأسرى المحتجزين لدى حماس تطالب بوقف العمليات في رفح