الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


حفل الختام

ساطع راجي

2012 / 12 / 7
مواضيع وابحاث سياسية


ترتكب حكومتنا (بكل قواها ومكوناتها وتفاصيل السلطة فيها)، بشكل متواصل أخطاء وخطايا وفضائح، كافية لاسقاط أي حكومة في أي بلد مهما كان نظامه السياسي، لكننا في العراق وصلنا الى حالة تخشب حتى ان الحكومة لم تعد هي المشكلة فقد دخل النظام السياسي بأكمله حالة حرجة تضعه تحت مشرط التساؤل والمراجعة، فتغيير الحكومات واجراء التعديلات الوزارية والقيام بخطوات تشريعية وتنفيذية اصلاحية هي امور معتادة في كل نظام سياسي وهي عادية جدا عندما يكون النظام ديمقراطيا واكثر تكرارا عندما يكون النظام الديمقراطي برلمانيا كما هو حال نظامنا، وتصير تلك الخطوات متوقعة دائما في ظل الحكومات الائتلافية مثل حكومتنا، لكن لاشيء من هذا يحدث بل ان فكرة تغيير الحكومة جزئيا او كليا او اجراء اي تعديل في الدستور والقوانين الاساسية يصيب ساستنا بالهلع ويصورون الخطوة على انها خلل كوني سيطيح بكل شيء حتى وان هدد هؤلاء الساسة أنفسهم من وقت لآخر بسحب الثقة عن الحكومة أو حل البرلمان والذهاب لانتخابات مبكرة أو اجراء تعديل وزاري أو تشكيل حكومة أغلبية، وهي كلها ممكنات دستورية لاشائبة عليها الا ان القادة السياسيين وكتلهم واحزابهم لايجرؤن على التفكير جديا في استخدام تلك الممكنات حتى عندما يداهم الخطر الوحدة الوطنية والتعايش بين المكونات ووحدة البلاد وتماسك الدولة.
مشكلة العراق اليوم لاتتعلق بالحكومة بل هي تتعلق بالنظام السياسي نفسه الذي يبدو انه بلغ سريعا مرحلة الهرم والمرض بسبب الازمات التي انتجتها الاطراف البانية للنظام والآفات التي أدخلتها عليه فجعلته غير قادر على تحريك مؤسساته، فهاهو البرلمان يفقد سلطته التشريعية من الناحية العملية ويخسر سلطته الرقابية أيضا، وهاهي المؤسسات المستقلة التي تدير النظام تتساقط واحدة بعد أخرى صريعة بأسلحة التحاصص، وتقف القوى السياسية عاجزة بسبب خلافاتها عن استكمال بناء مؤسسات الدولة كما رسمها الدستور، الذي اصبح بدوره مطعنة لكل طاعن بسبب الانتقائية والخروقات المنظمة او بسبب غياب القوانين التي تفعل نصوصه بما ينقذه من حالة "الحبر على ورق".
الحكومة الحالية قائمة لأن النظام السياسي دخل مرحلة العجز عن القيام بأي تغيير في أي إتجاه وهو ما يعرض مصير البلاد الى خطر كبير لأن توقف عجلة النظام لا يعني توقف عجلة انتاج الازمات بل على العكس تماما حيث تلجأ جميع الاطراف الى انتاج الازمات التي تغطي على حالات الفساد والفشل المتكاثرة في حين تقف مؤسسات إنتاج الحل وخاصة البرلمان موقف المتفرج واستسهل زعماء الكتل ونواب مولعون بالاعلام لعبة ادارة السجالات التي لاتنتهي الى شيء باستثناء زيادة الاحتقان بين مكونات البلاد.
هناك من يرى السنوات التي مرت على النظام السياسي في العراق ليست كافية بعد للحكم على مصير هذا النظام لكن هل من المطلوب الانتظار سنوات وعقود للحكم على فعالية النظام ومستقبله؟، هل من المفترض الاستسلام للمسار الذي تتخذه الاحداث في البلاد بانتظار ما يفعله أشخاص وقوى كشفوا على مدار عقد كامل من السنوات إنهم لايعرفون ما يريدون غير جني الارباح الشخصية والحزبية بغض النظر عما ينتجونه من مفاسد وهي ارباح قد تتحول الى وبال عليهم فيما اذا إستمر منوال الاحداث في البلاد على حاله، فيوميا هناك السؤال الشعبي عن المصير وكأننا نعيش مهرجانا مملا ننتظر حفل الختام للخروج منه، وهو يذكرنا بالسؤال الشعبي الذي كان متداولا قبل الاطاحة بنظام صدام الدكتاتوري والذي كان إحدى أسباب تمدد عمره هو الخلافات القائمة بين القوى السياسية الحاكمة اليوم رغم انها تعيش في سقف نظام ديمقراطي الآن يفترض فيه القدرة على انتاج الامل والتطوير بلا حفلات ختام مؤلمة.








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. زيارة الرئيس الصيني لفرنسا.. هل تجذب بكين الدول الأوروبية بع


.. الدخول الإسرائيلي لمعبر رفح.. ما تداعيات الخطوة على محادثات 




.. ماثيو ميلر للجزيرة: إسرائيل لديها هدف شرعي بمنع حماس من السي


.. استهداف مراكز للإيواء.. شهيد ومصابون في قصف مدرسة تابعة للأو




.. خارج الصندوق | محور صلاح الدين.. تصعيد جديد في حرب غزة