الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


أحذيةٌ مناسِبة (عطفا على -أحذية- صديقي الأديب الطبيب ماجد الحيدر)

بهروز الجاف
أكاديمي وكاتب

(Bahrouz Al-jaff)

2012 / 12 / 7
الادب والفن


كان في مُقتَبل عُمره حين أراد ان يبتاع زوجَ أحذيةٍ جديدةٍ، كانت في السوقِ الكبيرِ رفوفاً مليئةً بالاحذية، لم يدر أياً منها يختار، أي موضةٍ؟ أي جلدٍ؟ أي سعرٍ؟ أي لون؟ وبكياسة العامل في سوقٍ راقيةٍ عدّل البائع بُنيقَتَه واستفسر منه حاجتَه مراتَ ومرات، فلمّا لم يجد منه جواباً أعلمَهُ بتذمرٍ: هنالك خمسة آلاف نوع الأحذية وأنت كما الآخرين.. شَرَد الشاب بذهنه، أووه خمسة آلاف، أيّها أختار؟ انها لَمحنةٌ، هنالك ايضا خمسة آلاف من الملابس وخمسة آلاف من الأطعمة، لابل ان هنالك خمسة آلافٍ من الأديان وكذلك الأفكار والسياسات والأعمال والاختصاصات وو... فأيها أختار؟ او لاأختار!! أجل أجل أجل.. تذكّرت، لمّا كنت طفلاً حين اشترى لي أبي زوجَ أحذيةٍ مناسبة، أتذكر جيدا بأنه أكّد لي بأنها كانت مناسبة، قال كلٌّ يمدُّ رجلَه بقدر غطاءه. استدرك ثانيةً واعتذر من البائع ولكنه سرعانَ ماعاد وخلا بنفسه وتذكرَ من لايملكونَ فلساً، هل الحُفيُ مناسبٌ لهم؟ هل العُريُ مناسب؟ هز رأسه؛ أيوووه، الى ماذا حادَ بي التفكير؟ حملقَ بعينيه الى الأحذية مرةً أخرى ولكنه رأى في الأعلى صورةَ بنتٍ جميلةٍ تحتضن دباً قطبياً فتذكر بأن أكرامَ الضيف عند الأسكيمو هو بتدفئته بمبيته بامرأةٍ منهم، أختٌ أو أبنةٌ، في الحجرة الجليدية، أوووه، من المؤكد بان دينهم يحث على ذلك، انه مناسب لهم، أجل أجل لقد فهمت لماذا يأكل الصينيون كل شئ، الكلاب..القطط..الصراصير.. الديدان... أجل فان عددهم كبير ومن المؤكد بأن دينهم يحلل عليهم ذلك، ان دينهم مناسب لهم، مالي ومالهم، علي أن أشتري الحذاء المناسب، اعتذر مرة اخرى من البائع وسأله عن حذاءٍ مناسبٍ، قال وما يناسبك، قال حذاءٌ شائعةٌ موضته، من جلود حيواناتنا الكثيرة، ومناسبٌ لجيبي وقدمي، ولكنه ماخلا يديرُ بفكره مرةً اخرى وتذكر من الخلق مالايناسبه اي نوع، من ليس له نقود، من ليس لديه مايعطيه، أووه الآنَ تيقنتُ لماذا يعيش الجمنوصوفيون الهنود عراةً حفاة، ولكن هل هنالك من ليس لديه مايعطيه لكي يُدين بدينٍ مناسبٍ؟ أو يتّبع فكرةً مناسبة؟ و ماذا عن من لايرى وطنه مناسبا له؟ هز رأسه مرة أخرى وعاد مسرعاً الى البائع واختار من الأحذية ما ناسبته مشترياً أياها ومنطلقاً وهو يقول: سأختار من الآنَ فصاعداً كلَّ ما يناسبني، صاح عليه البائع: وماذا عن الآخرين؟ أجابه وهو يهمّ بالخروج من الباب: سأحترمُ كل مايناسبهم.









التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. غياب ظافر العابدين.. 7 تونسيين بقائمة الأكثر تأثيرا في السين


.. عظة الأحد - القس حبيب جرجس: كلمة تذكار في اللغة اليونانية يخ




.. روبي ونجوم الغناء يتألقون في حفل افتتاح Boom Room اول مركز ت


.. تفاصيل اللحظات الحرجة للحالة الصحية للفنان جلال الزكى.. وتصر




.. فاق من الغيبوية.. تطورات الحالة الصحية للفنان جلال الزكي