الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


الاستبداد و الانترنت (1)

مهند البراك

2012 / 12 / 7
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


لم يعد خافياً ان الثورة المعلوماتية و الانفوميديا ـ الانترنت ـ هي جزء اساسي لايمكن الغائه او فصله عن الثورة العلمية التكنولوجية التي تجتاح العالم و التي غيّرت و تغيّر عالم اليوم و اتفاقاته و صراعاته، حتى صارت الانترنت جزءاً اساسياً من الحياة المدنية الحديثة، و جزءاً اساسياً من النشاط اليومي للدول و للمؤسسات الحكومية و غير الحكومية و لمعاملاتها و شؤون اتصالاتها، بعد ان احدثت و تحدث منطِقاً و تفكيراً حيّاً جديداً يطوّر الاعمال و المشاريع المتنوعة من جهة، و يطوّر المفاهيم التي تدعو الى التغيير الانساني التقدمي في العالم، و الى التواصل السريع و التفاعل مع التغييرات الجارية و عدم الانعزال عنها . .
من جانب آخر تتطور الانترنت ـ بأنواعها المتعددة العلنية منها و غير العلنية ـ و تزداد تنوعاً و ظهوراً و تحكماً بعوالم الراديو و الفضائيات و التلفزيون و التلفون و الموبايل (المحمول) و غيرها . . سواء كانت مشاريع حكومية او غير حكومية، ثورية و تقدمية او محافظة . . و تكوّنت و تطورت على اساسها مؤسسات و معاهد متنوعة لنقل الخبر و الفكر و المعلومة بانواعها من جهة، و صارت تخترق حدود البلدان دون استئذان سواءً في نشاطات سلمية او عسكرية و غيرها . .
كاشفة و خالقة بذلك انماطاً جديدة من التفكير و التحليل الاسرع، تقوم على كشف المستور او مايراد له ان يكون مستوراً، على اسس زيادة المعارف و الكفاءات و القدرات العلمية و الإجتماعية الحديثة و الإعتماد على المنهج العلمي في تحليل و معرفة و صياغة الأهداف المرحلية و في تحديد الحلفاء و الأصدقاء، و تحديد اعداء الشعوب و طبقاتها و فئاتها الكادحة، من جهة . . او بيد قوى تعمل على التشويش على ذلك بمحاولة السيطرة على الفكر و بنشر الاضاليل و محاولة تضييع او تسيير الجموع فكرياً او الهبوط بها نحو مسارات مُخطّطٍ لها، لخدمة مشاريع قوى متنفذة . .
و فيما تعمل مؤسسات و برامج انترنيت على كسب اوساط اوسع و اوسع من الشباب نساءً و رجالاً منطلقة من وعيهم القائم، و من تساؤلاتهم عن الحياة و مايجري في العالم و عن ماهية حقوقهم المشروعة في عيش كريم، في زمان صار يتكشف فيه الخداع، من الوقائع الجارية الحية و من استمرار و تزايد ضحاياها، التي تتسبب بتصاعد موجات من الغضب و الرغبة الحارة في كشف المستور لأجل التغيير . . الذي صار يجرّ اوساطاً متزايدة و يمدّها بالعزم لمعرفة حقائق مايجري، و يجرّها بالتالي الى التغيير على اسس و نحو غايات تقدمية تمدنية ممكنة التحقيق . .
حتى صارت التطبيقات المتنوعة للانترنيت مجالاً حيوياً هاماً و ساحة للصراع بين قوى التحرر و التقدم من جهة، و بين قوى المحافظة و الاستثمار و الاستغلال من جهة اخرى . . في وقت صارت فيه الانترنت و انواع تطبيقاتها و تجلياتها فضاءً لايمكن الإستغناء عنه لأنواع الاقطاب الكبرى من جهة، و لأوسع الفئات الناشطة من اجل حياة و مستقبل افضل من جهة اخرى . . حيث صارت كالكهرباء و الراديو و التلفزيون و التلفون . . في زمان يسير فيه العالم نحو عالم متعدد الأقطاب يقوم على اسس تستدعي ظهور مفاهيم و منظومات قانونية جديدة، بعد ان بدأت منظومة القوانين الدولية العتيقة تعجز عن السريان . . الامر الذي يجتاح و يشمل شئنا ام ابينا منطقتنا بشعوبها و دولنا الشرق اوسطية .
و فيما برهن موقع " ويكيليكس" مثلاً، على انعدام امكانية حجب حقائق عن الجماهير طوال الوقت، و اثبتت محاولات غلقه، بكونها تهدد بظهور مواقع و مواقع جديدة و اخرى لايمكن بسهولة تحديدها في زمان الأنترنت . . في برهان منظور على بعضٍ ـ و ليس كلّ ـ من المديات التي وصلت اليها الثورة العلمية التكنيكية المعلوماتية، و دورها في الصراعات القائمة اليوم . . .
و صار يشكّل مؤشراً لأزمة من الأزمات المتواصلة للرأسمالية ـ وفق قانونها لتحقيق اعلى الأرباح ـ في زمن العولمة و الإتصالات السريعة، و شكّل احد الحوافز لتكوين آليات اعلى جديدة لنشر الحقائق، عندما استطاعت قوى مضادة اسكاته لبرهة زمنية فقط . . حيث تتكون آليات اخرى تواجه آليات الإٍسكات و باسماء جديدة، او يتطوّر موقع ما من طراز " ويكيليكس " بآليات أعلى تقاوم الإسكات ليتمكن من التواصل . . استمراراً لـ "نقض النقيض" (1) و للتطور الذي لايتوقف و الجاري ابداً " حلزونياً نحو الاعلى " . . (2)
مادامت هناك قوى متنوعة و خاصة من الشباب و الشابات، تدرك و تنشط لكشف زيف (الشفافية ) و لكشف استمرار العمل بـ " نظرية المؤامرة "، و لكشف كثير من المستور لأجل فهم ماهية المرحلة التاريخية في عالم اليوم و تحديد موقفهم و موقعهم فيها . . و بالتالي ماهية المرحلة التي تعيشها بلداننا و شعوبنا على اختلاف قومياتها و اديانها و مذاهبها . . فالتاريخ مستمر و لم ينتهِ، و على اساس نضال الطبقات المسحوقة ضد استغلال قوة عملها العضلي و الفكري. و حيث تبقى الجماهير تصنع التأريخ بآليات اكثر تنوعاً، رغم التغييب و تلاعب الأقطاب و الإحتكارات الكبرى باستخدامها آليات متطورة، التي يمكن ان تكون ايضاً بيد القوى التحررية ذاتها . . او بيد من ينشد الحقيقة او مايخدمها على طريق العدالة الإجتماعية . . كما يحصل في النشر المستمر لوثائق ويكيليكس على سبيل المثال، و نشر مواقع تقدمية في المنطقة تنشد المعرفة و التمدن و تواجه انواع الضغوط، كما سيأتي . (يتبع)

7 / 12 / 2012 ، مهند البراك

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1. النقيض هنا مااصطلح متخصصو الانترنت على تسميته بانواعه العديدة في عالم الانترنت، كانواع من الفيروسات، الديدان warms ، الترويا، انواع من قراصنة الانترنت، مجاميع قرصنة و غيرها . . التي يضمّ قسم منها نشاطات انترنيتية منظمة لايتوقف تنوّعها، سواء كانت قانونية مسيطر عليها، او لاقانونية ان صح التعبير، لايمكن السيطرة عليها . .
2. راجع وثائق الاحتفال العالمي بافتتاحية الالفية الجديدة التي اطلق فيها اسم كارل ماركس على الالفية الثانية، و كيف ان الاحتكارات الدولية و المتعددة الجنسية الكبرى، تتبع المنهج الماركسي العلمي الديالكتيكي في تقرير ستراتيجيتها سواء في التصنيع و في تقرير ماهية بضائعها، من النفطية و العسكرية . . و الى الفكرية و الجماهيرية. ولاحظ لماذا يتزايد طبع و ترجمة و نشر المؤلفات الماركسية الآن، و لماذا يزداد الطلب عليها في الاسواق في انحاء العالم، حتى صارت احتكارات كبرى تتنافس تنافسا محموماً لاحتكار طبعها و نشرها . . كما تتناقل دوما وكالات انباء عالمية ذات وزن . .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. حسن نصر الله يلتقي وفدا من حماس لبحث أوضاع غزة ومحادثات وقف


.. الإيرانيون يصوتون لحسم السباق الرئاسي بين جليلي وبزكشيان | #




.. وفد قيادي من حماس يستعرض خلال لقاء الأمين العام لحزب الله ال


.. مغاربة يجسدون مشاهد تمثيلية تحاكي معاناة الجوع في غزة




.. فوق السلطة 396 - سارة نتنياهو تقرأ الفنجان