الحوار المتمدن - موبايل
الموقع الرئيسي


مسرحية وأدوار

حميد غني جعفر

2012 / 12 / 8
اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق


هذا هو واقع حياة العراقيين منذ نيسان – 2003 – يعيشون مسرحية بلا نهاية يتبادل الأدوار فيها كل هؤلاء الممثلون في حلبة المصارعة السياسية كل بحسب دوره المحدد والمرسوم ، ومهما احتدمت الصراعات والمهاترات – والاتهامات لبعضهم البعض – فهي ليس إلا تعبيرا عن البراعة في التمثيل والضحك على ذقون العراقيين – المساكين – الذين لا حول لهم ولا قوة ، ولم تكن هذه – الخزعبلات – إلا نهاية لفصل واحد من فصول المسرحية وليس كل المسرحية فهي - بغير نهاية – وبات الشارع العراقي على قناعة تامة وواضحة بهذه الحقيقة ، ولذا فقد أصيبوا بحالة اليأس والإحباط واللامبالاة بكل ما يدور حولهم من أحداث مهمة تتعلق بمستقبلهم ومستقبل أبنائهم من الأجيال اللاحقة ، بل وينأون بأنفسهم بعيدا عن مجريات الصراعات وكأن الأمر لا يعنيهم بشيء – المهم هو أن يعيشوا ليومهم - .
ومن هذه القناعة – كونها مسرحية محبوكة بدقة - أجد نفسي ، أختلف مع الكثير من السياسيين أو الإعلاميين أو حتى بعض المحللين السياسيين الذين يرون في تحشدات قوات المالكي العسكرية على قضاء – طوز خرماتو – أو ما يسمى – بالمناطق المتنازع عليها – أو تشكيل قيادة عمليات دجلة – على أنها خطر يهدد باندلاع حرب ضد إقليم كردستان ، كما وأختلف أيضا مع رئاسة إقليم كردستان في الإعراب عن مخاوفها وقلقها من تحشدات المالكي هذه ، فهذا – باعتقادي - أمر مستبعد تماما ولا يمكن أن يقع ، لسبب واحد تدركه جيدا رئاسة إقليم كردستان وبالذات – ألبار زاني شخصيا ، وهو أنه لا المالكي ولا غيره يجرأ – حتى مجرد التفكير – بشن حرب ضد الأكراد ذالك لأن السيادة الوطنية للبلاد منقوصة وغير كاملة – بغض النظر عن الشكليات المعلنة – وإن مركز القرار ليس بيد المالكي ولا غيره ، فهو يأتي من بلاد الدنيا البعيدة – عبر القارات والمحيطات – وهذا يدركه جيدا – ألبار زاني وألطاباني – شخصيا وأيضا كل الكتل النافذة وهذه الحقيقة غير خافية على الجميع – وإن كانت مزعجة للبعض – فمعذرة – وإن أبسط مثال لتأكيد هذه الحقيقة المرّة هي أن الميزانية السنوية لا يمكن للحكومة أو البرلمان إقرارها ... إلا بعد اطلاع صندوق النقد الدولي على مضامينها ولا أرى من حاجة لأمثلة أخرى لتأكيد فقدان السيادة .
إذن : لا حرب ضد الأكراد – ولا هم يحزنون – لكنها لعبة محبوكة بدقة – ومن الطرفين – لإشغال العراقيين وصرف أنظارهم عما يخطط له المتنفذون وبعث روح اليأس والقلق فيهم ، فالمالكي يهدف إلى صرف أنظار العراقيين عن فشله وفشل حكومته في الأداء بكل مفاصله من التشبث والتخبط والعشوائية في كل قراراته وتوجهاته من حيث الأمن والاستقرار أو من حيث سوء الخدمات الأساسية عامة أو استشراء الفساد المالي والإداري الذي ينخر جسم الدولة بكل وزاراتها ومؤسساتها وعلى مستوى الرؤوس الكبيرة في الحكومة والبرلمان من نهب واختلاس لأموال الشعب المسكين وهدر للمال العام ، والكرم – المالكي – لدول الجوار سوريا والسودان واليمن ، في وقت يتضور فيه الشعب جوعا وبؤسا وتطحنه البطالة ويسكن في بيوت – الصفيح أو الطين – ومدارس آيلة للسقوط يجلس تلاميذها الصغار على الأرض ، كل هذا الواقع المزري إضافة إلى إلغاء البطاقة التموينية قوت الملايين من العائلات الفقير الكادحة و ... و ... الخ كثيرة هي مكاسب وإنجازات المالكي وبرلمانييه الأشاوس – لا تعد ولا تحصى – ولذا فهو يحاول بهذه الألاعيب يهدف التغطية على فشله ، أما الشعب البائس فليس له من متنفس للتعبير معاناته القاسية المرّة ... إلا هذه الأيام حيث شهر محرم ليشغل نفسه باللطم والبكاء والنواح على الحسين الشهيد ، وواقع الحال أنه يلطم ويبكي وينوح على ما هو فيه من سوء حال مأساوي ومزري ، بالدعوة لسيد الشهداء أبا الأحرار في أن ينظر لحاله ،دون أن يكلف نفسه – أو يفكر – بوقفة شجاعة وجادة لرفض هذا الواقع من الظلم والفساد ، الذي رفضه بكل شجاعة وإباء أبا الأحرار الحسين – ع –هذا ، بالنسبة لنوايا المالكي من هذه الألاعيب في التغطية على كل هذا الواقع الفاسد ، أما بالنسبة لرئاسة إقليم كردستان وبالذات البار زاني فهو يدرك تماما هذه الحقيقة – كما أسلفنا –لكنه – ومن معه - يهدف لأن يجعل من هذه الخزعبلات والعنتريات الجوفاء ... ذريعة ومبررا لإعلان الانفصال عن الوطن الأم خصوصا وإنه قد وجد في بعض فقرات الدستور – التي وضعت بشكل مقصود - الأرضية الخصبة لتفجيرها في الوقت المناسب و التي يستند إليها في هذا التوجه ، يضاف إلى ذالك ما يحظى به من الدعم والتأييد والإسناد من حلفاءه وأصدقاءه وهم كثيرون – بلا مسميات – وأيضا من أحد الكتل النافذة في حكومة الشراكة الوطنية !! إذ أنه وكما هو معروف أن أي عمل أو فعل لابد وأن يحتاج إلى مبررات تسبقه كتمهيد لتنفيذه ، فقرار مجلس الأمن رقم – 1483 – الذي شرعن الاحتلال ووضع العراق تحت الوصاية الدولية عام – 2003 – كان بسبب المماطلة والتسويف لمجموع هذه القوى في عقد مؤتمر وطني لتشكيل حكومة وحدة وطنية حقيقية ، الأمر الذي استغلته أمريكا وبريطانيا ، وكان الهدف من المماطلة والتسويف هو إصدار ذالك القرار ، واليوم ذات الحالة من كل هذه العنتريات والمهاترات والتهديدات بين الطرفين هو التمهيد لفصل كردستان عن العراق لتحقيق مشروع بإيدن بتقسيم العراق وبذات الذريعة أيضا على أن العراقيين غير قادرين على إدارة شؤون بلادهم بأنفسهم .
لكن القوى الوطنية الحية وكل المثقفين الواعين يدركون تماما ما انطوى عليه الدستور ذاته من ثغرات كثيرة وكبيرة وضعت - بشكل مقصود – لخلق هذه التناقضات والصراعات بين هذه القوى – طائفية وقومية وعشائرية – وهذا ما يتجسد في الخطاب السياسي لمجمل تلك القوى في تكريس المحاصصة الطائفية وهذا ما ورد في رسالة رئيس الجمهورية – بالذات - عن ما أسماه بالتحالف الشيعي الكردي ، أو ما أسماه أيضا – العرب السنة – وهناك تصريحات وخطب كثيرة بهذا المعنى من كل المسؤولين ، ترى لماذا يستخدم هؤلاء المسؤولين الكبار بما فيهم رئيس الجمهورية – حامي الدستور – مثل هذه المفردات أو المصطلحات الخبيثة الهادفة إلى تمزيق وحدة الشعب العراقي وإضعافه ليتسنى لهم البقاء على كرسي الحكم والتحكم بمصائر البلاد والعباد خدمة لمصالح الأسياد ليس إلا .
تلك هي الحقيقة نقولها بكل صراحة أيها السادة المتصارعون وأنتم تدركونها جيدا وقبل غيركم ، وما التهديد والوعيد والاتهامات بعضكم لبعض وافتعال المشكلات لتجعلوا منها أزمات مستعصية ... إلا لذر الرماد في العيون والتضليل والتخدير ليقظة الشعب والضحك على الذقون ، لكنكم واهمون فالشعب واع تماما ويدرك كل تلك الألاعيب ... لكنه مسلوب الإرادة ومغلوب على أمره وهو يدرك تلك الألاعيب – من زمن بعيد – فما كان يمكن لأمريكا وحلفاءها غزو واحتلال أفغانستان إلا بذريعة تحالف نظام طالبان مع تنظيم القاعدة في عملية القصف الجوي للسوق التجاري العالمي وسط نيويورك ، وأيضا ما كان بإمكانها غزو واحتلال العراق إلا بذريعة امتلاك الطاغية المقبور أسلحة الدمار الشامل التي تهدد السلم والأمن الدوليين ... وبما أن أمريكا الديمقراطية – ذات رسالة إنسانية ...!! – لحماية السلم وأمن الشعوب !! قامت بغزو البلدين .وتسعى اليوم أيضا لإيجاد المبررات والذرائع بمختلف الأشكال لتجزئة العراق إلى دويلات .
ولا أرى أن السياسيين والإعلاميين والمحللين السياسيين يجهلون هذه الحقائق الملموسة – التي ذكرناها ، لكنهم وللأسف يتجاهلونها ، ومن هنا نقول أن كل هذه الفوضى والتخبط والعشوائية إن هي إلا ألاعيب مسلية لهؤلاء الحاكمين ... فها هم يتضاحكون عند لقاءاتهم – على الشاشات – ثم يتهاترون عبر وسائل الإعلام ، وعلى هذا فليس من حرب ولا سلم وليس من أمن ولا استقرار ولا حتى استثمار ، إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا ... فيتحقق مشروع – يايدن – وهو آت لا ريب فيه ... وعند ذاك يزدهر العراق ... بدويلاته الثلاث – دولة كردستان – ودولة الشيعة العرب ودولة السنة العرب ...و ربما دولة رابعة تركمانية ... والله ولي التوفيق .








التعليق والتصويت على الموضوع في الموقع الرئيسي



اخر الافلام

.. مظاهرات في لندن تطالب بوقف الحرب الإسرائيلية على غزة


.. كاميرا سكاي نيوز عربية تكشف حجم الدمار في بلدة كفرشوبا جنوب




.. نتنياهو أمام قرار مصيري.. اجتياح رفح أو التطبيع مع السعودية


.. الحوثيون يهددون أميركا: أصبحنا قوة إقليمية!! | #التاسعة




.. روسيا تستشرس وزيلينسكي يستغيث.. الباتريوت مفقودة في واشنطن!!